مع التضييق وارتفاع الإيجارات..
“السيارة المحل” تدخل على الخط بإدلب
عنب بلدي – أنس الخولي
متنقلًا بين شوارع إدلب، يمضي حسن العيسى (42 عامًا) يومه على سيارته المجهزة كمقهى لبيع مختلف أنواع المشروبات، بعد أن أجبرته البلدية على إزالة “البراكية” التي اعتاد العمل عليها.
لجأ حسن إلى شراء سيارة نقل بضائع وتحويلها إلى مقهى متنقل، إثر عجزه عن العثور على محل تجاري بإيجار يناسب دخله البسيط، وفق ما قاله لعنب بلدي.
ومنذ إصدار قرار يقضي بإزالة “البسطات” و”الأكشاك” من الشوارع والأرصفة من قبل حكومة “الإنقاذ” العاملة في إدلب وأجزاء من ريف حلب، في أيار 2022، بدأت رحلة البائعين بالبحث عن بديل.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي، انتشرت ظاهرة “المحل السيارة” بشكل كبير خلال الأشهر الماضية في إدلب، لمزاولة مختلف أنواع المهن والتجارة، إذ حول العديد من البائعين صناديق السيارة الخلفية إلى ورشة عمل أو محال لبيع مختلف المنتجات أو مطاعم في كثير من الأحيان.
مصدر رزق
لا يحتاج امتلاك محل متنقل إلى رأس مال ضخم، إذ يمكن البدء فيه بـ1500 دولار لشراء سيارة مناسبة، يُستخدم صندوقها الخلفي لوضع مستلزمات العمل، بحسب ما قاله حسن.
وأضاف حسن أن بعض أقاربه وأصدقائه أشاروا عليه بفكرة “المحل السيارة” بعد إغلاق “الأكشاك” و”البراكيات” من قبل المجلس المحلي في مدينة إدلب، لافتًا إلى أنه استطاع من خلال هذه الفكرة تأمين مصدر دخل دون تحمل عبء ارتفاع إيجارات المحال التجارية.
بدوره، لجأ صالح أُنيس (34 عامًا)، الذي يعمل في مهنة تصليح إطارات السيارات، لتحويل سيارة كبيرة إلى ورشة يزاول فيها مهنته.
ويبلغ دخل صالح الشهري نحو 70 دولارًا أمريكيًا، وهو ما يجعل استئجار محل خيارًا مستحيلًا بالنسبة له، وفق ما قاله لعنب بلدي.
كما يعمل سالم منصور (38 عامًا) على سيارة جهزها لبيع الحلويات وبعض أنواع “المخبوزات”.
ورغم ظروف العمل الصعبة، يرى سالم أن البيع على السيارة أفضل خيار لتأمين دخل شهري يغطي احتياجاته وأسرته.
عقبات وتحديات
يواجه أصحاب العربات المتنقلة العديد من العقبات يوميًا، وعلى رأسها ملاحقات موظفي مجلس البلدية.
ويُجبر حسن على التنقل بين شوارع إدلب، فور تلقيه تحذيرًا بوجود دورية بلدية قريبة من مكان وجوده.
كما يواجه أصحاب السيارات مضايقات من قبل أصحاب المحال التجارية، إذ يعتبرون أن السيارات “غير قانونية” وتعوق عملهم، بحسب ما قاله حسن.
واشتكى حسن من ارتفاع تكاليف تصليح السيارات وأثر تعطلها عليه وعلى العديد من البائعين الذين يعتمدونها كمصدر دخل أساسي.
وقال سالم، إن كسب زبائن دائمين للمحال، في ظل اضطرار البائعين للتنقل بين الشوارع تجنبًا لدوريات البلدية، أمر صعب جدًا.
بينما تعرّض عبد العزيز الأسعد بعد تحويل سيارته إلى ورشة حدادة للعديد من الانتقادات والسخرية من قبل أقاربه.
وأرجع عبد العزيز ذلك إلى خصوصية مهنة الحدادة، وغيرها من المهن اليدوية التي تتطلب مساحات عمل واسعة.
رابط للأونلاين:
الرخصة شرط للعمل
الناطق الرسمي باسم مجلس مدينة إدلب، فراس علوش، قال لعنب بلدي، إن ظاهرة تحويل السيارات إلى محال تجارية تعد غير قانونية.
وأضاف أن البلدية تعمل على إزالة تلك السيارات و”البراكيات” وتأمين أماكن عمل بديلة لأصحابها، لافتًا إلى أن الأجور التي يفرضها المجلس على المحال التابعة لبلدية إدلب تعد أجورًا رمزية.
ويتطلّب تحويل السيارة إلى محل تجاري الحصول على رخصة من الجهات المختصة، وفق ما قاله علوش.
ولا تأخذ البلدية أجورًا مقابل منح التراخيص، لكن ترخيص عمل السيارات يتطلب موافقة يجري فيها تحديد مكان ثابت للسيارة.
وأثار قرار منع “البسطات” والعمل على نقلها إلى أسواق مخصصة، منذ أيار 2022، غضب أصحابها، الذين انتقدوا بُعد الأسواق المخصصة لهم عن المدينة وضعف حركة البيع فيها.
يتزامن ذلك مع استمرار ارتفاع الأسعار وتردي الوضع المعيشي للسكان، جرّاء وجود فجوة بين دخل السكان وتكاليف المعيشة في المنطقة.
وفي عام 2022، ارتفع عدد الأشخاص الذين يحتاجون إلى مساعدات إنسانية إلى 14.6 مليون شخص، بزيادة قدرها 1.2 مليون شخص مقارنة بعام 2021، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 15.3 مليون شخص في العام الحالي، بحسب تقديرات أممية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :