بعد غياب عامين تقريبًا عن إصداره أي بيان، وملاحقته من قبل قوات التحالف الدولي، وتضييق وإقصاء من “هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في إدلب، خرج تنظيم “حراس الدين” ببيان في 31 من كانون الثاني الماضي.
ولم يحمل بيان “حراس الدين”، المصنّف على لائحة التنظيمات “الإرهابية” المحظورة، أي إعلان عن استهداف أو تبنٍّ لأي عملية، إنما كان فتوى بـ”هدر دم” من أساء للقرآن وطعن بالنبي.
الفتوى الصادرة من فصيل لا يملك أرضًا أو منطقة محددة شمالي سوريا، أنهكه التحالف وقتل قياداته، وقاتلته “تحرير الشام” لسنوات، طرحت تساؤلات عن الغاية من الفتوى وأسباب توجهها، دون أي حديث عن وضع الفصيل وقضاياه في المنطقة.
ما البيان؟
جاء في البيان الذي نشرته مؤسسة “شام الرباط” التي تنشر بيانات “حراس الدين”، أن تأخر الرد على “أرذل الخلق” في تطاولهم على شعائر الإسلام جعلهم يزدادون “كفرًا وإجرامًا وطعنًا في كتاب الله، والرسول”.
وأوجب بيان “حراس الدين” الوقوف في وجه “الكفرة الفجرة” الموقف السديد الحازم الذي وقفه “الأشراف من سلف الأمة وأقره الرسول محمد”.
ودعا التنظيم إلى “ردع” المسيئين و”الثأر”، معتبرًا أنه بغير هذا الحل “لن يرتدع المسيؤون وسيزدادون كفرًا وفجورًا وطعنًا”.
جذب أنصار.. الأنظار نحو الخارج
فتوى “حراس الدين” جاءت بعد حادثة إحراق نسخ من القرآن من قبل بعض الناشطين في أوروبا مؤخرًا، رغم أن الحادثة تكررت عبر سنوات وفي عدة دول غربية، كما كان بعضها على يد الأشخاص أنفسهم.
في 21 من كانون الثاني الماضي، أحرق زعيم حزب “الخط المتشدد” اليميني الذي يقوده الدنماركي- السويدي راسموس بالودان، نسخة من القرآن قرب السفارة التركية في العاصمة السويدية استوكهولم، وبعد أيام أقدم زعيم إحدى الحركات المتطرفة في هولندا على تمزيق نسخة من القرآن أمام البرلمان.
الباحث السوري المتخصص في الحركات الدينية عبد الرحمن الحاج، يرى أن تنظيم “حراس الدين” الذي يمثّل “القاعدة” في سوريا يريد أن يستغل الحدث للظهور بمظهر الحامي للإسلام، فحرق القرآن تم مرارًا ومن الجهة نفسها غالبًا.
وأوضح الحاج لعنب بلدي أن الهدف من ذلك هو اجتذاب أنصار جدد، فالتنظيم يعاني بالطبع التفكك بعد أن أجرى قائد “تحرير الشام”، “أبو محمد الجولاني” عمليات عسكرية واعتقالات ضد قادته.
وبالنظر إلى تاريخ تنظيم “القاعدة” الطويل في العمليات “الإرهابية” خارج الحدود، قال الحاج إن هذا البيان قد يكون مؤشرًا على نية التنظيم القيام بعمليات “إرهابية” خارج الحدود، وإن صح ذلك فالتنظيم لم يعد قادرًا على العمل بالفعل داخل سوريا، ويحاول أن يعوض ذلك عبر عمليات خارجية.
وركّز التحالف الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية، على استهداف “جهاديي” الفصيل، بإطلاق صواريخ ذكية سواء من الطائرات المسيّرة أو الحربية، كما لاحقت “تحرير الشام” عناصر “حراس الدين” وزجّتهم بالسجون، حتى وصلت الخلافات إلى الاشتباك المباشر في حزيران 2020.
ومع كل استهداف من التحالف لعناصر “حراس الدين”، تُتهم “تحرير الشام” بأنها تقف خلف هذه العمليات، وأنها تعطي معلومات استخباراتية للتحالف الدولي للخلاص من “الحراس”.
وتنفي “تحرير الشام”، صاحبة النفوذ في محافظة إدلب وريف حلب الغربي وسهل الغاب شمالي حماة، وتلال وريف اللاذقية الشرقي، وجود سياسة ممنهجة تجاه المهاجرين “الأجانب” بشكل عام.
اقرأ ايضًا: “جهاديون” تحت قبضة “جهاديين”
“حراس الدين”
“حراس الدين” هو فرع تنظيم “القاعدة” في سوريا، رغم عدم الإعلان الرسمي من جانب الأخير عن وجود جذور عسكرية له داخل الأراضي السورية،
ويضم كلًا من مجموعات “جيش الملاحم، جيش الساحل، جيش البادية، سرايا الساحل، سرية كابل، جند الشريعة”، فلول “جند الأقصى”، إضافة إلى عدد من الفصائل الصغيرة التي لها تاريخ من العلاقات الأيديولوجية والقيادية مع “القاعدة”.
ويضم قيادات “القاعدة” في “مجلس الشورى”، الذي يضم حاليًا سامي العريدي و”أبو عبد الرحمن المكي” وعددًا من القيادات السابقة في “جبهة النصرة”، التي رفضت فك الارتباط بـ”القاعدة”.
وانضم العديد من المقاتلين الأجانب الأوروبيين إلى صفوف الفصيل منذ إنشائه.
في كانون الثاني 2018، أصدرت القيادة العامة لتنظيم “القاعدة”، بيانًا تضمّن تأكيدًا ضمنيًا على انتشار عناصره في سوريا، لأول مرة منذ فك “جبهة النصرة” ارتباطها به.
ويعتبر فاروق السوري قائد وزعيم التنظيم، أما سامي العريدي فهو الزعيم الديني وكبير الهيئة الشرعية في “حراس الدين”، والرجل الثاني في الفصيل.
ويستخدم التنظيم إلى حد كبير الأسلحة الصغيرة والخفيفة مثل بنادق “AK-47″، وقذائف الهاون والقذائف الصاروخية في غاراته على مواقع النظام السوري.
في 30 من أيار 2022، أعلن مكتب الاتحاد الأوروبي لمكافحة الإرهاب إضافة جماعة “حراس الدين” وشخصين قياديين فيها إلى لائحة التنظيمات الإرهابية المحظورة.
وأعلن الاتحاد في بيان له عن إضافة الفصيل وقائده، فاروق السوري، وزعيمه الديني، سامي العريدي، إلى قائمة الخاضعين للتدابير التقييدية ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” و”القاعدة” والأشخاص والجماعات والمشاريع والكيانات المرتبطة بهم.
ويعمل “حراس الدين” باسم تنظيم “القاعدة” وتحت مظلته، وشارك في التخطيط لعمليات إرهابية خارجية، ولتحقيق أهدافه، أقام معسكرات عمليات في سوريا توفر تدريبًا إرهابيًا لأعضائها، بحسب البيان.
وسيخضع ما مجموعه عشرة أشخاص لحظر السفر وتجميد الأصول، وثلاث مجموعات لتجميد الأصول، وسيمنع الأشخاص والكيانات في الاتحاد الأوروبي من توفير الأموال أو الموارد الاقتصادية للأشخاص والمجموعات المدرجة في القائمة.
اقرأ ايضًا: استراتيجية “الجولاني” وضربات “التحالف” تنهكان “حراس الدين”
–