فتحت قضية استهداف القيادي في حركة “أحرار الشام الإسلامية- القاطع الشرقي”، صدام الموسى الملقب بـ”أبو عدي”، بريف حلب عبر طائرة مسيّرة، باب اتهامات لتركيا بقتله.
اتهامات جاءت عبر قياديين في “هيئة تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في إدلب، وبعض الصفحات المحلية التي استندت في اتهاماتها إلى أن الطائرة تركية من نوع “بيرقدار”.
وتبع استهداف القيادي، النشط في أحد التكتلات المعروفة بولائها لـ”هيئة تحرير الشام”، منشورات نعي واتهامات لأنقرة وسط صمت فصائل “الجيش الوطني السوري” المدعوم منها، رسّخت صورة الانقسام بين تيارات “الوطني” و”تحرير الشام” وعمّقت الخلاف فيما بينهما.
من المستهدف؟
في 25 من كانون الثاني الحالي، استهدفت طائرة مسيّرة مجهولة القيادي “أبو عدي” أمام منزله في قرية الحدث التابعة لمدينة الباب بريف حلب الشرقي.
صدام الموسى (أبو عدي) هو المسؤول الأمني لـ”أحرار الشام- القاطع الشرقي”، وسهّل تقدم “تحرير الشام” إلى شمالي حلب في تشرين الأول 2022.
اقرأ أيضًا: من قائد “أحرار عولان” الذي استهدفه طيران مسيّر شرقي حلب
وعمل على تأمين السيطرة على معبر “الحمران” الفاصل بين مناطق سيطرة “الجيش الوطني” و”قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) في منطقة جرابلس شمال شرقي حلب، ووافق على مشاركة تدفقات إيرادات المعبر مع “الهيئة”، وكان أيضًا لاعبًا معروفًا في تجارة الأسلحة.
أصابع اتهام لأنقرة
بعد تكهنات وحديث عن أن قوات أجنبية استهدفت القيادي، خاصة مع حالات سابقة في المنطقة لاستهداف التحالف الدولي، وعلى رأسه الولايات المتحدة، بواسطة الطيران المسيّر، لم تعلن أو تتبنَ هذه القوى استهداف القيادي.
وبعد أيام من حادثة الاستهداف، نشرت صفحات محلية وغرف “تلجرام” (واسع الانتشار في المنطقة) صورًا قالت إنها بقايا لصاروخ موجّه استُخدم في اغتيال القيادي صدام الموسى.
وأظهرت الصور أن الصاروخ الموجّه بالليزر من نوع “MAM-L” المصنع من قبل شركة “Rokestan”، ومستخدم في الطائرة التركية المسيّرة “بيرقدار 2”.
القيادي في “هيئة تحرير الشام” جهاد عيسى الشيخ، المعروف بـ”أبو أحمد زكور”، قال عبر “تويتر“، إن انتهاج ما وصفه بـ”منهج الغدر والاغتيال” من قبل بعض الجهات في جهاز المخابرات التركي أمر خطير ونذير شؤم على المنطقة كاملة.
وأعرب الشيخ عن استغرابه من اتخاذ خطوة كهذه في هذا الوقت “الحسّاس” الذي تمر فيه المنطقة، متسائلًا “كيف يغيب عن القيادة التركية أن الثورات والحركات الجهادية لا يقضى عليها بالاغتيالات؟”.
وأضاف أنه كلما قُتل “أخ أو قائد” خرج من يكمل طريقه ويمشي على دربه، وأعرب عن تمنياته بأن “تراجع القيادة التركية نفسها وتعلم أنه بتكرارها لهذا الأمر تدخل المنطقة بدوامة لا نهاية لها”، خصوصًا مع ورود معلومات بوجود قائمة اغتيالات على الطاولة، وفق جهاد الشيخ.
“ادعاءات دون دليل”
لاقى مقتل “أبو عدي” تفاعلًا من قبل قياديين وشرعيين في “تحرير الشام” عبر بيانات ومنشورات تعزية، أبرزهم القيادي العسكري في “الهيئة”، ميسر بن علي الجبوري (الهراري) المعروف بـ”أبو ماريا القحطاني”، وعضو مجلس الإفتاء الأعلى، ورئيس المجلس الشرعي في “تحرير الشام”، عبد الرحيم عطون (أبو عبد الله الشامي)، وكذلك مجلس “القبائل والعشائر السورية”.
كما نعت حركة “أحرار الشام- القاطع الشرقي” المسؤول الأمني في القطاع، وقائد “لواء أحرار عولان” صدام الموسى، عبر بيان رسمي، دون أن توجه الاتهام لأي طرف في عملية استهدافه، واكتفت بنسب التنفيذ لجهة مجهولة.
المتحدث باسم “حركة أحرار الشام الإسلامية” (القيادة الجديدة التي يترأسها يوسف الحموي)، محمد زيد، قال لعنب بلدي، إنه لا بد من التنويه إلى أن “جماعة عولان” في إشارة لـ”القاطع الشرقي” لا يتبعون لـ”حركة أحرار الشام” تنظيميًا ولا فكريًا.
وأوضح محمد زيد أن “القاطع الشرقي” تابع لـ”الفيلق الثاني” في “الجيش الوطني” تنظيميًا، وأفراده تابعون فكريًا للقيادي حسن صوفان ولـ”تحرير الشام”.
وأضاف زيد أن الحركة لا تستبعد شيئًا، وأن الثورة تمر بمنعطف جديد خطير، لكن معرفة الجهة المنفذة لاستهداف صدام الموسى مجرد تكهنات، معتبرًا أن المنشورات التي تشير إلى أن الجهة المنفذة هي تركيا لم تعطِ دليلًا على صدق ادعاءاتها.
خلاف يعمّق الانقسام
مع كل حدث في ريف حلب مرتبط بـ”أحرار الشام- القاطع الشرقي” أو “تحرير الشام”، تتراشق الفصائل والمعرفات المقربة منها الاتهامات بتفرقة الصفوف ومحاولة “التهام” بعضها على حساب فصائل أخرى، وخاصة “تحرير الشام” على حساب فصائل “الوطني”.
وشهدت مدينة اعزاز استنفارًا أمنيًا بعد مرور رتل عسكري لـ”حركة أحرار الشام” مع قيادات من “هيئة تحرير الشام” باتجاه قرية الحدث لتقديم التعزية بوفاة “أبو عدي عولان”، مع عودة الاتهامات بأن “تحرير الشام” تريد إحكام السيطرة على شمالي حلب بمساعدة “أحرار عولان”.
كما نشط الحديث مؤخرًا عن المعابر الداخلية وإيراداتها خاصة معبر “الحمران”، وذلك بعد رفض “القاطع الشرقي” تسليم كتلته المالية المتعلقة بالمعبر إلى “الحكومة السورية المؤقتة”، دون أن يلتزم باتفاق فصائل “الجيش الوطني” حول توحيد الصندوق المالي لجميع المعابر التي تسيطر عليها، سواء الخارجية مع تركيا، أو الداخلية مع النظام السوري أو “قسد”.
–