مجندون يهربون بحثًا عن مصدر دخل.. الضباط يرفعون قيمة “التفييش”
حمص – عروة المنذر
يلجأ مجندون في “الخدمة الاحتياطية” و”خدمة الاحتفاظ” في الجيش السوري إلى دفع مبالغ مالية للضباط المسؤولين عنهم، مقابل غيابهم لفترات محددة عن قطعاتهم العسكرية، وهو ما يعرف بظاهرة “التفييش”.
ويتقاضى الضباط مبالغ متفاوتة تختلف من قطعة إلى أخرى ومن ضابط لآخر، لكنّ استمرار تدهور الوضع المعيشي، وتشديد أفرع المخابرات رقابتها على القطع العسكرية، دفع معظم الضباط لرفع قيمة المبالغ التي يتقاضونها من العساكر منذ مطلع العام الحالي.
ورغم رفع قيمة مبالغ “التفييش”، استمر معظم العساكر بالدفع، بينما عجز آخرون عن دفعه وعادوا إلى الدوام في قطعاتهم، بحسب مقابلات أجرتها عنب بلدي مع مجندين في الجيش.
ومن خلال “التفييش” يسجل العنصر حاضرًا بطريقة ملتوية، أو يحصل على “مهمة مفتوحة”، من أحد الضباط الذين دفع لهم مقابل هذه الخدمة.
لا خيارات أخرى
يحتاج المعيلون من العسكريين إلى مبالغ تصل إلى ضعف الرواتب والأجور للعاملين في مؤسسات حكومة النظام، ويبحثون بطرق ملتوية عن تحقيق دخل إضافي يغطي الحد الأدنى من احتياجاتهم واحتياجات عائلاتهم.
ولا تختلف رواتب العاملين في الجيش عن بقية مؤسسات الدولة، باستثناء بعض الزيادات كـ “العبء العسكري”، وبدلات المناوبات التي لا يزيد مجموعها الشهري عن 15 ألف ليرة (قرابة ثلاثة دولارات).
وفي حين لا تزال مدة “الخدمة الاحتياطية” أو مدة “الاحتفاظ” غير معروفة، يفضل معظم العساكر دفع مبلغ “التفييش” مقابل عدم الالتزام بالدوام، والانتقال لممارسة أعمال أخرى.
عبد الرحمن، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، وهو عسكري في “الخدمة الاحتياطية” لصالح “الفرقة 15” (قوات خاصة) قال لعنب بلدي، إن “التفييش” بالنسبة له أمر حتمي لا يمكنه الاستغناء عنه.
ويبلغ راتب عبد الرحمن نحو 150 ألف ليرة سورية شهريًا، وهو بالكاد يغطي مصروفه الشخصي، ما يجعله مستعدًا لدفع ضعف راتبه مقابل عدم الالتزام بالدوام، وفق قوله.
ويحقق الشاب دخلًا “مقبولًا” يمكّنه من دفع مبلغ “التفييش”، وتأمين احتياجات أسرته بالحد الأدنى من خلال عمله في بيع المحروقات.
واعتبر عبد الرحمن، أن “التفييش” علاقة منفعة متبادلة بين الضابط والعسكري، فالضابط لا يستطيع ممارسة أي عمل بسبب طبيعة دوامه، والعسكري لا يستطيع أن يغطي مصاريفه في حال التزامه بالدوام واعتمد على راتبه.
مبالغ “خيالية”
لا توجد تعرفة ثابتة بين الضباط والعناصر بالنسبة للمبالغ المدفوعة مقابل “التفييش”، ما يجعل تلك المبالغ “خيالية” في كثير من الحالات.
وقال محمد، وهو عسكري في “الفرقة السابعة”، إن مبالغ “التفييش” في قطعته ارتفعت مطلع العام الحالي، جراء تدهور الوضع المعيشي وزيادة التدقيق على “التفييش” من قبل فرع “الأمن العسكري”.
وبلغ متوسط مبلغ “التفييش” في العام الماضي 250 ألف ليرة سورية شهريًا، بالإضافة إلى راتب العسكري كاملًا، بينما بلغ 500 ألف ليرة سورية فوق الراتب منذ مطلع العام الحالي.
وأضاف محمد، أن معظم العناصر استجابوا لطلبات الضباط، ورفعوا المبالغ المدفوعة.
ويزداد المبلغ عادة مع تغير قائد القطعة أو مع تدهور الوضع المعيشي، بينما يتقاضى ضباط قطعات مثل الحرس الجمهوري و”الفرقة الرابعة” مبالغ “التفيش” بغرامات من الذهب أو بالدولار، وفق ما قاله لؤي، وهو عسكري بالحرس الجمهوري، لعنب بلدي.
وفي أواخر كانون الأول 2022، أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مرسومًا تشريعيًا لتعديل أجور ومعاشات العسكريين.
وحدد المرسوم راتب الضابط برتبة “ملازم أول” بـ116 ألف ليرة سورية (حوالي 17 دولارًا أمريكيًا، باعتبار أن الدولار الواحد يساوي 6670 ليرة وقت إعداد المادة).
كما يتقاضى الضباط من رأس الهرم العسكري، برتبة “لواء”، ما يتراوح بين 270 ألفًا و292 ألف ليرة سورية (نحو 43.5 دولارًا أمريكيًا)، حسب الترتيب العسكري (لواء 1، لواء 2، لواء 3).
وتنحصر رواتب الرتب العسكرية الأخرى بين راتب “الملازم أول”، و”اللواء”، وتنخفض إلى ما دون ذلك لصف الضابط وأفراد القوى الأمنية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :