ألقت الشرطة الهولندية، في 17 من كانون الثاني، القبض على طالب لجوء سوري يبلغ من العمر 37 عامًا، بتهمة انتمائه لتنظيم “الدولة الإسلامية”، ومن قبله تنظيم “جبهة النصرة”، واستخدام منصبه في جرائم حرب ارتكبها التنظيم في سوريا.
وتأتي استجابة الشرطة الهولندية واعتقال المشتبه به بعد تلقي فريق مختص بالجرائم الدولية معلومات عن ماضيه بناءً على شكوى قانونية تقدم بها “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، ليبدأ الفريق التابع للإدارة الوطنية التحقيقات الجنائية ودائرة الادعاء العام بالتحقيق حوله.
وبموجب القانون الهولندي، من الممكن محاكمة أي شخص على الإبادة الجماعية وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة على أرض أجنبية، بموجب سلطة قضائية عالمية شاملة إن كان المشتبه به يمكث في هولندا.
وبحسب السلطات الهولندية، قدم المشتبه به السوري طلب لجوء في مدينة أركيل الهولندية عام 2019، وكان يشغل منصبًا قياديًا بين أمنيي التنظيم، وارتكز نشاطه في مخيم “اليرموك” بريف دمشق.
عنب بلدي تواصلت مع مدير المكتب القانوني في “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، طارق حوكان، للحصول على مزيد من المعلومات حول القضية، وأكد أن المشتبه به طالب لجوء سوري الجنسية، لكن اعتذر عن التصريح عن اسمه “لضرورات سلامة التحقيق”.
وحول طريقة الكشف عنه في هولندا، أوضح حوكان أن “المركز السوري” تلقى معلومات عن وصول المشتبه به إلى هولندا من ناشطين ومتعاونين من جنوب دمشق على معرفة جيدة به، وبمجرد تأكيد المعلومة بدأ العمل على إعداد ملف الشكوى وجمع الأدلة.
وجرى تقديم ملف الشكوى للسلطات الهولندية في حزيران عام 2020، متضمنًا أدلة تمكن فريق المركز من جمعها، وتبين أن المشتبه به ضالع بارتكاب “جرائم جسيمة” كالقتل، والخطف، والتعذيب، كان ضحيتها ناشطين ومدنيين ومعارضين للتنظيم، بالإضافة إلى عضويته في تنظيم إرهابي، وفق حوكان.
وعن تفاصيل جلسة المحاكمة للمشتبه به التي جرت في 20 من كانون الثاني، قال حوكان، إن هذه الجلسة هي “استجواب أولي” للمتهم أمام قاضي التحقيق، يفرض القانون إجرائها بعد توقيف المشتبه به مباشرة.
وأوضح حوكان أن الجرائم التي يتهم بها المشتبه به، تصل عقوبتها إلى السجن المؤبد في حال ثبت أمام المحكمة ارتكابه لها.
محاكمات سابقة
مدير “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”، المحامي مازن درويش، علّق، عبر “تويتر” على محاكمة المشتبه به المنتمي للتنظيم، أن محاسبة المجرمين الذين ارتكبوا “جرائم جسيمة” في سوريا من كافة الأطراف لا يشكل فقط مطلبًا محقًا للضحايا وشرط ضروري لبناء سلام مستدام في سوريا فقط، وإنما أيضًا “ضمانة” لحماية أمن وسلام المدنيين في أي مكان في العالم.
وأضاف أن اعتقال المشتبه به “لم يكن ممكنًا لولا شجاعة الضحايا وعمل المجتمع المدني السوري المستمر نحو العدالة”.
وسبق أن قبض على عديد من المشتبه بهم بارتكاب جرائم حرب في سوريا بهولندا أو أوروبا، إذ اعتقل ما لا يقل عن عشرة أشخاص من طالبي اللجوء السوريين في هولندا خلال السنوات الأخيرة.
وفي عام 2022، قبض لأول مرة على سوري في هولندا قاتل إلى جانب النظام السوري بتهمة ضلوعه في اعتقال المعارضين، وإيصالهم إلى السجون حيث تعرضوا للتعذيب، عبر شكوى تقدم بها أيضًا “المركز السوري للإعلام وحرية التعبير”.
وفي عام 2021، حكم على طالب لجوء سوري في هولندا بالسجن لمدة 20 عامًا، لأنه شارك في إعدام عنصر أسير من قوات النظام عام 2012 في دير الزور بالقرب من نهر “الفرات”.
كما حُكم على شقيقين سوريين في ذات العام، أحدهما يعرف باسم “بالي الجهادي”، بالسجن 15 و11 عامًا بتهمة لعبهما “دورًا رائدًا” في “جبهة النصرة”.