لا يزال مصير الناشط عمار العبدو، 17 عامًا، مجهولًا، بعد 23 يومًا على اعتقاله من قبل مجموعة مسلحة تنتمي إلى جبهة النصرة، من منزل ذويه في قرية بلشون التابعة لجبل الزاوية في ريف إدلب.
“طوقوا المنزل كما لو أنه القصر الجمهوري، قبل أن يداهموه ويعتقلوه، واضعين طماشًا أسودًا على عينيه”، بهذه العبارة وصف الناشط الإعلامي نور الدين العبدو، اعتقال شقيقه في السادس من كانون الثاني الجاري، دون معرفة مبررات “النصرة”، والأسباب التي دعتها إلى ذلك.
وأكد نور الدين، لعنب بلدي، أن المعلومات الوحيدة التي حصلت عليها عائلته كانت من خلال أحد الأشخاص كان معتقلًا معه في نفس المكان، والذي أوضح أن عمار تعرض للضرب المبرح على وجهه، وأن عينه اليمنى في حالة خطيرة تحتاج إلى العلاج الفوري، لكن لا أحد هناك اكترث لذلك، وقال “عمار نفسه لا يعرف سبب اعتقاله”.
ويحسم نور الدين موقفه بعدم التواصل مع جبهة النصرة بشأن شقيقه، في موقف هجومي أبداه خلال الحديث مع عنب بلدي، معتبرًا أنها “عصابة معتدية”.
وتابع “نحن لا نعترف بجبهة النصرة كسلطة على المجتمع الذي نعيش فيه، هم موجودون في مجتمعنا رغمًا عنا. لكن أن نتطبع بأطباعهم أو تطبق أحكامهم أو نعترف بهم كسلط حاكمة للمجتمع، هذا ما لن ينالوه مهما كلف الأمر”.
ولدى سؤالنا عن احتمالية إحالة عمار إلى محكمة تابعة لـ “النصرة”، يبدي نور الدين سخريته من مصطلح “المحكمة”، ويتابع “ألم تسمعوا بالعقاب؟، مجموعة العقاب في إدلب هي ما يشبه كثيرًا الفرع 215 في أجهزة أمن بشار الأسد. مجموعة محترفة في الخطف وتنفيذ الاغتيالات. الداخل إليهم مفقود والخارج مولود”.
ويرى الناشط أن “جبهة النصرة تدّعي أنها تعترف بما يطلقون عليه المحاكم الشرعية التي أنشئت بالتعاون مع الفصائل الأخرى، لكنها بالتوازي أنشئت مجموعة العقاب التي لا تخضع لأي محكمة، ولها كامل الحرية في فعل ما يريدون دون أي محاسبة أو رقابة”.
ويعود نور الدين للإيضاح بأن الشاب الذي كان معتقلًا مع عمار لا يعرف المكان الذي اعتقل فيه، بحسب قوله، إذ أخذوه “مطمش” العينين، وعندما أفرج عنه كان بنفس الطريقة، ورموه على أحد الطرق، لكنه قال “إن المكان الذي كانوا فيه تعرض لغارات جوية أكثر من مرة، وكانت الصواريخ تتساقط في مساحات قريبة منهم”.
يرفض نور الدين قطعيًا التواصل مع “النصرة”، إلا أنه وجه نداءً في ذات الوقت إلى فصائل الجيش الحر “للتوحد وطرد عصابة النصرة من مناطقنا. رغم أنني لا أعتقد أنهم سيفعلون، لكن على فصائل الجيش الحر أن تتحمل مسؤولياتها تجاه السوريين الذين وقفوا معهم”.
عمار أكمل عامه السابع عشر في سجون جبهة النصرة، وكان قد أخرج مؤخرًا فيلم “المشي نحو الموت”، والذي يشارك حاليًا مهرجان سوريا لأفلام الموبايل.
وأنهى نور الدين حديثه “بالنسبة لأخي عمار فهو لا يختلف كثيرًا عن أي معتقل في أي فرع أمني، كان تابعًا للأسد أو النصرة أو أي تنظيم يقمع الحريات.. الحرية لهم جميعًا”.
ناشطون من محافظة إدلب أطلقوا نداءات متكررة للإفراج عن الشاب، دون بيان أو توضيح للموقف الرسمي لجبهة النصرة من هذه الخطوة، وسط انتقادات تواجه الأسلوب الأمني لهذا الفصيل في التعامل مع الناشطين، والسوريين بشكل عام.