ألغت هيئة الملاحة البحرية في بنما من سجلها قيود 136 سفينة مرتبطة بشركة النفط الحكومية الإيرانية خلال السنوات الأربع الماضية، بحسب ما أعلنته الأسبوع الماضي، طارحة التكهنات حول تأثير هذه الخطوة على التوريدات الإيرانية النفطية للسواحل السورية.
وعبر بيان نُشر في 17 من كانون الثاني الحالي، أزالت بنما من سجلها، الذي يعد الأكبر في العالم، 136 سفينة ثبت ارتباطها المباشر بشركة النفط الحكومية الإيرانية، ما سيؤدي إلى إزالة العلم البنمي من هذه السفن.
وتأتي الخطوة البنمية بعدما دعا حاكم ولاية فلوريدا الأمريكية السابق، جيب بوش، في 16 من الشهر الحالي، واشنطن للضغط على بنما لوقف “مساعدة” إيران على التهرب من العقوبات.
وينتمي بوش لمنظمة “متحدون ضد إيران النووية” (UANI)، ومقرها الولايات المتحدة، وتسعى إلى منع إيران من أن تصبح “قوة إقليمية عظمى مسلحة نوويًا”.
وقال متحدث باسم السلطات البحرية البنمية لوكالة “رويترز”، في 18 من كانون الثاني الحالي، إن خُمس السفن الـ678 التي سحبت أعلامها لأسباب مختلفة منذ عام 2019، كانت مرتبطة بإيران، مضيفًا أن السلطات البنمية تحافظ على “علاقة وثيقة” مع وزير الخزانة والسلطات الأخرى في الولايات المتحدة.
وتمتلك بنما أكبر سجل للسفن في العالم، حيث تقدم علمها لنحو 8650 سفينة، وفقًا للبيانات الرسمية.
وصرح الرئيس التنفيذي لمنظمة “UANI”، مارك والاس، للوكالة أن علم دولة بنما دائمًا ما يظهر مرتبطًا بالناقلات التي تشحن النفط الإيراني، “وهذا يجب أن يتوقف”، على حد قوله.
ورغم العقوبات الأمريكية على الشركات التي تتهم بمساعدة إيران في تصدير النفط، بلغت شحنات الخام الإيراني أعلى مستوياتها على الإطلاق في الشهرين الأخيرين من عام 2022، وفقًا لشركات تتبع التدفق وخاصة إلى الصين وفنزويلا.
ما الأثر على توريدات سوريا؟
تصل إلى ميناء “بانياس” في سوريا بشكل شهري ومتواتر ناقلات إيرانية نفطية ضمن الخط “الائتماني الإيراني”، الذي أعلن عن نسخة جديدة منه بعد زيارة رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لإيران في أيار 2022.
بينما ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، في 15 من كانون الثاني الحالي، أن إيران ضاعفت السعر الذي يدفعه النظام مقابل الحصول على النفط الخام، واشترطت الدفع مسبقًا، ما تسبب بنقص الوقود الحالي في سوريا.
وبعد تقرير الصحيفة بيوم واحد، نقلت صحيفة “الوطن” المحلية عن مصدر إيراني رسمي (لم تسمِّه)، نفيه لتلك الأنباء التي أوردتها الصحيفة الأمريكية، مضيفًا “أن موضوع المعروض النفطي منسق بين القيادات العليا للبلدين، وأي معلومة تُنشر خارج قيادة البلدين خاطئة وغير صحيحة”.
ويعتقد الكاتب والباحث في الشأن الإيراني ضياء قدور، أن القرار البنمي الأحدث سيكون محدودًا جدًا، بالنسبة لتوريدات إيران النفطية نحو سوريا، لأن أغلب الناقلات المستخدمة في إيصال النفط تحمل العلم الإيراني، بحسب ما قاله لعنب بلدي.
وأضاف قدور أن التأثير الفعلي لهذا القرار سيكون على مستوى الشحنات النفطية الإيرانية الأوسع، مثل إلى الصين أو فنزويلا.
وعن سبب لجوء إيران لاستخدام علم بنما على ناقلاتها، أوضح الباحث في الشأن الإيراني أن الهدف هو التحايل على العقوبات الأمريكية التي فرضتها بعد خروجها من الاتفاق النووي.
وتلجأ أيضًا إيران إلى بيع النفط عبر منافذ غير شرعية، وإطفاء أجهزة التعقب الآلية (AIS) في ناقلاتها للتهرب من العقوبات، بحسب قدور.
إلى أين تتجه أزمة المحروقات؟
منذ نحو شهرين، تشهد مناطق سيطرة النظام السوري أزمة في المحروقات، بررتها الحكومة بانخفاض التوريدات، وجعلت ذلك سببًا لرفع أسعار المحروقات.
وبررت حكومة النظام رفع أسعار المحروقات بحجة “ضمان توفرها، وارتفاع تكاليف استيرادها”، إذ صرح رئيس الوزراء، حسين عرنوس، في 14 من كانون الأول 2022، أن قرار رفع سعر مادتي البنزين والمازوت ليس “سياسة اقتصادية تنتهجها الحكومة، لكن الظروف فرضت ذلك”.
وشهدت بعض المحافظات تحسنًا طفيفًا في مدة انتظار تسلّم رسالة الغاز، بعد توريدات لناقلات إيرانية تحمل أطنانًا من الغاز المنزلي.
ولا تعلن الحكومة رسميًا عن حجم التوريدات النفطية التي تصل تباعًا إلى مناطق سيطرتها، إذ تقتصر تفاصيل هذه المعلومات على مواقع مختصة بتتبع ورصد الناقلات النفطية من جهة، وعلى نقل وسائل إعلام محلية أنباء عن وصول الناقلات عن مصادر لا تذكر أسماءها في ميناء “بانياس”.
وبحسب ما رصدته عنب بلدي، وصلت خلال كانون الثاني الحالي أربع ناقلات غاز منزلي تصل حجم حمولتها إلى ثمانية آلاف طن، وناقلة تحمل ثمانية آلاف طن من المازوت، وثلاث ناقلات نفط خام محمّلة بمليون برميل نفط خام لكل واحدة.
وتوقع الباحث في الشأن الإيراني ضياء قدور، أن أزمة المحروقات ستستمر في مناطق نفوذ النظام وتزداد حدة في نهاية الشهر الحالي، مستندًا إلى أنه خلال النصف الأول من كانون الثاني لم يصل سوى ناقلة نفط خام وحيدة.
وتحتاج مناطق سيطرة النظام السوري إلى نحو ستة ملايين برميل من النفط شهريًا، بمعدل 200 ألف برميل يوميًا، لا ينتج منها سوى 20 ألف برميل، بحسب تصريح سابق لرئيس الحكومة، حسين عرنوس، في نيسان 2021.
وخلال جلسة مجلس محافظة دمشق، الأربعاء الماضي، طُرحت مشكلة عدم تسلّم المواطنين حصصهم من مازوت التدفئة وتأخر رسائل تسلّم أسطوانة الغاز.
وأوضح مدير محروقات دمشق، أيمن حسن، أن نسبة التنفيذ من طلبات مازوت التدفئة في دمشق 46% من إجمالي نحو 513 ألف طلب، مبينًا أن سبب التأخير هو عدم توفر كميات متاحة للتوزيع، أما عن الوفر من المحروقات بعد تركيب جهاز “GPS” لوسائل النقل العامة فقال إنه يذهب لتعزيز القطاع العام الخدمي.
–