انتشرت عبر صفحات محلية على مواقع التواصل الاجتماعي أنباء عن تغيير اسم مدينة دوما وتسميتها بـ”الفيحاء”، بالإضافة إلى جعلها مركزًا لمحافظة ريف دمشق دون تأكيد رسمي لذلك.
ونفى رئيس مجلس محافظة ريف دمشق، إبراهيم جمعة، اليوم الثلاثاء 24 من كانون الثاني، ذلك، موضحًا أن اعتماد مدينتي دوما وحرستا مركزًا لمحافظة الريف باسم “الفيحاء” يتطلب إصدار مرسوم رئاسي، وفق تصريحاته لصحيفة “الوطن” المحلية.
وأوضح أن قانون الإدارة المحلية ينص على أن إحداث المحافظات وتعيين تسميتها ومراكزها يجري بموجب مرسوم، لافتًا إلى وجود دراسات حول مختلف الفعاليات في المحافظة استعدادًا لإعداد مشروع مرسوم يقضي بذلك.
ولا يلغي اسم “الفيحاء” على مدينتي دوما وحرستا اسمهما الأساسي، إذ سيطلق الاسم الجديد على مركز المحافظة كاملًا، وفق ما قاله جمعة، مشيرًا إلى أن اختيار الاسم يعود إلى كونه أحد أسماء دمشق.
وأرجع جمعة اختيار دوما وحرستا مركزًا لمحافظة الريف، إلى الحاجة لفصل التداخل بين الريف والمدينة، والحد من تداخل مقار المديريات التابعة للمحافظة مع مقار محافظة دمشق، ما يسهم بتسريع إنجاز المشروعات.
ومن المتوقع أن تنتهي المحافظة من تأهيل مبنى جديد في حرستا خلال عامين، لنقل مقر المحافظة إليه حتى في حال لم يصدر مرسوم بذلك، بحسب ما قاله جمعة.
ما القصة؟
أثار انتشار القرار حول تغيير اسم مدينة دوما واعتمادها مركزًا للمحافظة غضبًا على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ اعتبره البعض محاولة لإخفاء أثر “وصمة العار” (في إشارة إلى المجازر التي نفذها النظام السوري في المدينة).
وقال عديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، إن اسم مدينة دوما مرتبط بذاكرة السوريين بانتهاكات تعرّضت لها المدينة لسنوات، وهو ما يحاول النظام السوري تغييره.
كما أن دوما تحوي عديدًا من الأدلة على المجازر، وعلى رأسها مجزرة الكيماوي التي عبث النظام بأدلتها، وفق ما كشفته منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية” في تموز 2021.
المدينة “غير مؤهلة”
في حين يجري الحديث عن اعتماد دوما مركزًا للمحافظة، تستمر معاناة أهلها من تدني مستوى الخدمات جرّاء تدمير البنية التحتية، إذ تعرضت المدينة لدمار واسع، جرّاء قصف النظام السوري وحليفه الروسي.
وبلغ عدد المباني المدمرة في دوما والغوطة الشرقية كاملة نحو 9353 مبنى مدمرًا كليًا، بالإضافة إلى 13661 مبنى مدمرًا بشكل بالغ، و11122 مبنى مدمرًا بشكل جزئي، حيث بلغ مجموع المباني المتضررة 34136، بحسب تقرير صادر عن “معهد الأمم المتحدة للبحث والتدريب”، عام 2019.
من جهته، قال رئيس مجلس مدينة دوما، هشام عبد القادر المما، اليوم الثلاثاء لـ”الوطن”، إن دوما أكثر مدينة مهيّأة لتكون مركزًا للمحافظة، معتبرًا أن نقل مقار المحافظة إلى مركزها الجديد يحتاج إلى سنوات.
وأضاف المما أن دور المجتمع الأهلي في تأهيل المقار أسهم بشكل واضح بتحسين الخدمات في دوما، بينما استطاعت الحكومة تأهيل قسم من الأبنية التابعة لها في المدينة، مشيرًا إلى أن هناك تحسنًا بواقع الخدمات بشكل عام.
وينشر مجلس مدينة دوما عبر “فيس بوك” بشكل مستمر، أنباء عن إصلاحات للبنية التحتية في المدينة، بالإضافة إلى إعادة تأهيل بعض المباني الخدمية (مدارس، مستشفيات) بدعم حكومي أو ضمن مبادرات من قبل الأهالي.
بينما ما زالت مشاهد الدمار منتشرة في مختلف أجزاء المدينة، بالإضافة إلى اضطرار عديد من الأهالي للعودة إلى منازلهم غير الصالحة للسكن في ظل غياب عمليات ترميم المنازل من قبل الحكومة.
لماذا دوما؟
أدلى رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بصوته خلال الانتخابات الرئاسية التي أجراها في أيار 2021، بمدينة دوما.
وظهر الأسد في المدينة التي تعرضت للقصف بمختلف أنواع الأسلحة، ومنها الكيماوي، على يد قوات النظام، وهُجّر جزء كبير من أهلها إلى الشمال السوري، وسط حضور لوسائل إعلام موالية وحكومية، مهنئًا أهالي دوما بما وصفه بـ”التحرر من الإرهاب، والعودة إلى حضن الوطن”.
وبرر الأسد زيارته إلى دوما والانتخاب فيها، بأنها تأكيد على أن “سوريا ليست منطقة ضد منطقة، أو طائفة ضد طائفة”، بينما اعتبره ناشطون سوريون استخفافًا بما فعله النظام السوري بهذه المدينة وأهلها.
وشنت قوات النظام، في 7 من نيسان 2018، هجومين بالأسلحة الكيماوية شمال مدينة دوما، ووثّقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 41 مدنيًا خنقًا بينهم 12 طفلًا و15 سيدة إثر الهجوم، إضافة إلى إصابة قرابة 550 شخصًا.
كما أكدت منظمة “حظر الأسلحة الكيماوية”، بعد عام على الحادثة، استخدام غاز الكلور في دوما، وأشارت لقطات من آثار الهجوم على دوما إلى إسقاط أسطوانتي غاز على الأقل على المباني السكنية في المنطقة.
وهُجّر آلاف الأشخاص من دوما في نيسان 2018، بعد اتفاق “تسوية” توصلت إليه قوات النظام وفصائل المعارضة بوساطة روسية، عقب حملة عسكرية عنيفة على الغوطة الشرقية.
–