اتجهت روسيا خلال تدخلها العسكري في سوريا، منذ 30 من أيلول 2015، لتعزيز حضورها الكنسي، مع ربط هذا الحضور في أكثر من مرة بأغراض سياسية ترتبط إلى حد ما بوجودها في سوريا.
وإلى جانب الدعم المادي المقدم باسم الكنيسة، شاركت موسكو في فتح كنيستين بين عامي 2020 و2023، إحداهما شاركت في دعم بنائها من الصفر، والأخرى أسهمت في ترميمها.
وافتتح بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذوكس، يوحنا العاشر، ورئيس دائرة العلاقات الخارجية في بطريركية موسكو للكنيسة الأرثوذوكسية الروسية، المتروبوليت أنطونيوس، الأحد 22 من كانون الثاني، كنيسة “رقاد السيدة العذراء” في مدينة الزبداني بريف دمشق بعد ترميمها.
ونقلت الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا)، عن يوحنا العاشر أن افتتاح الكنيسة جاء بمعاونة الكنيسة الروسية، وتضافر جهود أبناء المدينة، مسلمين ومسيحيين.
الحدث لم يخلُ من تسجيل المواقف السياسية، إذ اعتبر البطريرك السوري أن أبناء المدينة أصروا على إعادة افتتاح الكنيسة “رفضًا للإرهاب”، بينما أكد المتروبوليت أنطونيوس أهمية مشاركة الكنيسة الروسية والسورية في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون، آملًا أن يكون ترميمها فاتحة لإعادة إعمار كل المدينة التي تعرضت لـ”الإرهاب”.
وخلال سنوات من عمر الثورة، تعرّضت الزبداني لعمليات عسكرية عنيفة شنّتها قوات النظام، مدعومة بـ”حزب الله” اللبناني، بغية تطويع المدينة التي انضمت للحراك الشعبي المناهض للنظام، ودخلت في مواجهة عسكرية مع قواته، عرّضتها للتدمير والحصار، وصولًا إلى اتفاق “المدن الأربع” (نيسان 2017- تموز 2018)، الذي قضى أحد بنوده بتبادل مواطنين من مضايا والزبداني بآخرين من كفريا والفوعة، في محافظة إدلب.
نشاط كنسي متواصل
في 25 من كانون الأول 2022، شارك ممثل بطريرك موسكو وسائر روسيا، لدى بطريركية أنطاكية وسائر المشرق، الأرشمندريت فيليب (فاسيلتسيف)، في قدّاس احتفالي بالكاتدرائية المريمية في دمشق، بدعوة من البطريرك يوحنا العاشر.
القدّاس الذي انعقد بمناسبة عيد الميلاد، جرى بحضور رسمي تمثّل بوزراء شؤون رئاسة الجمهورية، والتجارة وحماية المستهلك، والتعليم العالي، ورئيس مجلس الشعب، ومحافظ دمشق، وأعضاء في مجلس الشعب، وفق ما ذكره الموقع الرسمي لـ”قسم العلاقات الكنسية الخارجية” في بطريركية موسكو.
وفي الشهر نفسه، نقلت المجتمعات الدينية الروسية أدوات مدرسية لمدرسة داخلية للأطفال الأيتام في مدينة دمشق.
وأشارت “دائرة الاتصال في قسم العلاقات الخارجية الكنسية” إلى تنفيذها مشاريع متعددة في سوريا منذ عام 2017، وبررت نشاطها بدعم “العملية الجارية لإعادة بناء البلد بعد الحرب”.
معرض ومساعدات
في 18 من تشرين الأول، أقامت الكنيسة الروسية معرضًا في دار “أوبرا دمشق”، بعنوان “معلولا- نيكولسكويا: انسجام الأقدار”.
وجرى عرض صور عن دير “القديسة تقلا” في معولا، ودير “القدّيس نيكولاس” في إقليم دونباس.
الربط في المعرض بين المنطقتين جاء وفق رواية روسية مفادها أن “جبهة النصرة” هاجمت، في كانون الأول 2013، دير معلولا، واختطفت 13 راهبة وثلاث مبتدآت ورئيسة الدير، بينما يقصف الجيش الأوكراني دير “القديس نيكولاس” في قرية نيكولسايا بمنطقة دونباس، منذ آذار 2022، وفق ما ذكرته “العلاقات الكنسية الخارجية” في موسكو.
وكان الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أعلن، في 21 من شباط 2022، اعتراف بلاده بـ”سيادة” دونيتسك ولوغانسك، المعلنتين انفصاليتين ذاتيًا عام 2014، والواقعتين في حوض “دونباس الشرقية”، في شرقي أوكرانيا، وذلك قبل ثلاثة أيام فقط من بدء الغزو الروسي لأوكرانيا.
وفي 2022، قدّمت الكنيسة الروسية لدير معلولا ألواحًا للطاقة الشمسية، بغية توفير الكهرباء، وقدّمت مجموعة كتب لمكتبة الكنيسة الأرثوذكسية الروسية في دمشق، و”أواني كنسية” لكنيسة الزبداني في حزيران 2022، إلى جانب ترميمها بدعم الكنيسة الأرثوذكسية الروسية.
إلى جانب ذلك، افتتحت الكنيسة الروسية في دمشق مركزًا لإعادة تأهيل وتركيب الأطراف الصناعية للأطفال، بحضور وزيري الأوقاف والإدارة المحلية، كما قدّمت مساعدات إنسانية في مدينة بصرى بمحافظة درعا، وفي مدينة معلولا.
كنيسة “آيا صوفيا”
ردًا على تحويل تركيا مبنى “آيا صوفيا” إلى مسجد، بعد 86 عامًا من تحويله إلى متحف، قرر قائد “الدفاع الوطني” في مدينة السقيلبية شمال غربي محافظة حماة، نابل العبد الله، بناء نسخة مصغرة عن كنيسة “آيا صوفيا” في المدينة، بدعم من مجلس الدوما الروسي.
جاء ذلك خلال لقاء جمع بين وفد من مركز المصالحة بقاعدة “حميميم” العسكرية الروسية، ومكتب “الدفاع الوطني” في السقيلبية، في تموز 2020.
وأشار العبد الله حينها، إلى أن الفكرة ليست بناء كنيسة، وإنما بناء نموذج لـ”آيا صوفيا” بأبعاد 5×5م ليس غير، وستقام على أرضه الخاصة، وبماله الخاص، على حد قوله.
وفي 24 من تموز 2022، قُتل شخصان وجُرح 12 آخرون إثر قصف صاروخي استهدف تجمعًا دينيًا في الكنيسة.
وقالت الوكالة السورية الرسمية للأنباء (سانا)، إن القصف الذي نُفّذ بطائرة مسيّرة انتحارية، خلّف قتيلين و12 جريحًا، في أثناء احتفال ديني بمدينة السقيلبية بريف حماة.
–