د. أكرم خولاني
يعد التصوير بالأشعة السينية (X- Ray) أكثر أنواع التصوير الطبي طلبًا من قبل الأطباء، نظرًا إلى توفره ورخص تكلفته وسهولة إجرائه وسرعته، وللنتائج التي يقدمها، وهو من أقدم الطرق المتبعة في التصوير الطبي، فقد اكتشفت الأشعة السينية من قبل العالم الألماني وليام رونتجن عام 1895 في جامعة “فورتسبورغ”، ونال عنها جائزة “نوبل” في الفيزياء عام 1901.
الأشعة السينية هي شكل من أشكال الإشعاع، مثل الضوء أو موجات الراديو، تمر هذه الأشعة عبر معظم الأشياء، بما في ذلك جسم الإنسان. ويعتمد التصوير بالأشعة السينية على تمرير حزمة مركّزة من الإشعاع عبر الجسم، وتأتي فعالية التصوير بها نتيجة تفاوت كثافة أو سماكة أنسجة الجسم، إذ يسمح كل نسيج بمرور كمية مختلفة من الإشعاع عبره للوصول إلى فيلم خاص يتميز بحساسيته للأشعة السينية، فالعظام مثلًا كثيفة جدًا وتعوق عبور الإشعاع إلى الفيلم، لذا تبدو على الصورة بيضاء اللون، فيما تظهر الأنسجة الأقل كثافة بأطياف اللون الرمادي لأنها تسمح بمرور كمية أكبر من الأشعة السينية إلى الفيلم، ويظهر الهواء باللون الأسود، وهذا ما يؤدي إلى تشكل صورة ظليلة للجزء المصوّر من الجسم، وتبدو الصورة المتكونة كصورة سالبة لصورة فوتوغرافية بالأبيض والأسود.
تُستخدم الأشعة السينية بالوقت الحالي في تصوير عديد من مناطق الجسم، ومنها تصوير الصدر (Chest X Ray)، وتُظهر صورة الصدر بالأشعة السينية صورًا للقلب والرئتين والأوعية الدموية والطرق الهوائية وعظام الصدر والعمود الفقري الظهري، كما يمكنها أيضًا الكشف عن وجود سائل في الرئتين أو حولهما أو وجود هواء محيط بالرئة.
وعلى الرغم من أن هذا التصوير قد لا يوفر المعلومات الكافية لتحديد المشكلة بشكل دقيق، فإنه يساعد الطبيب على تحديد الفحوصات الأخرى اللازمة للوصول إلى التشخيص.
ما أسباب إجراء صورة الصدر بالأشعة السينية
يُجرى تصوير الصدر بالأشعة السينية بشكل شبه روتيني في الحالات التالية:
· عند شكوى المريض من بعض الأعراض مثل ألم في الصدر، سعال، إفرازات بلغمية أو دموية أو قيحية في أثناء السعال، ضيق تنفس، انتفاخ أطراف الأصابع، ازرقاق الجلد.
· عند التعرض لحادث أو رض على الصدر.
· لتحديد موقع الأجسام الغريبة الظليلة على الأشعة، كالخواتم والدبابيس والنقود المعدنية، التي بُلعت ودخلت القصبة الهوائية أو علقت في المريء أو مرت إلى المعدة.
· عقب إجراء باضِع تخلله إدخال أنابيب أو قساطر، كتركيب القسطرة المركزية مثلًا، بهدف تحديد موقع الأنبوب الذي تم إدخاله، وإذا كانت هنالك حاجة لتصحيح مكانه.
· متابعة تطور مرض في الصدر، ومتابعة نتائج العلاج.
كيف يُجرى تصوير الصدر بالأشعة السينية
عادة، تؤخذ صورتان للصدر بالأشعة السينية، إحداهما من الخلف تسمى صورة خلفية أمامية، والأخرى من جانب الجسم تسمى صورة جانبية.
قبل التصوير يُطلَب من المريض خلع ملابسه العلوية وارتداء لباس المستشفى وإزالة جميع المجوهرات والأشياء الأخرى التي تحوي المعادن، وذلك لأنها قد تعوق الصورة وتؤثر على نتائج التصوير.
للتصوير بالوضعية الخلفية الأمامية يقف المريض أمام لوحة تسجيل الصور على بعد ست أقدام من أنبوب الجهاز، وصدره باتجاه اللوحة، وكفا يديه على وركيه أو على مكان مخصص لهما، وكتفاه متكوّران للأمام، مع رفع ذقنه للأعلى، ثم يثبت فني التصوير اللوحة في مكانها المخصص، ويوجه أنبوب الأشعة السينية من خلف المريض، ويطلب من المريض الثبات دون حراك وأخذ شهيق عميق ثم حبس أنفاسه كي لا توثر الحركة التي تحصل في أثناء الشهيق والزفير على وضوح الصورة، ويستغرق هذا الأمر بضع ثوانٍ.
أما عند التقاط الصورة بالوضعية الجانبية، فيُطلب من المريض الاستدارة إلى جنبه ورفع ذراعيه فوق رأسه ورفع ذقنه، وكذلك الثبات دون حراك وحبس أنفاسه في أثناء التقاط الصورة.
ومع ذلك في بعض الحالات، يُجرى التصوير في أثناء الجلوس أو الاستلقاء، وهذا يتعلق بإمكانية وقوف أو تحريك المريض.
بعد ذلك يرسل فني الأشعة، وهو مهني طبي متدرب على إجراءات التصوير الشعاعي، الصورة إلى الطبيب اختصاصي الأشعة، وهو طبيب متخصص في تقييم صور الأشعة السينية والإجراءات الطبية الإشعاعية الأخرى، الذي يتولى تفسير صورة الأشعة السينية وتقديم تقرير بذلك إلى الطبيب المعالج.
يستغرق الاختبار حوالي 20 إلى 30 دقيقة، وتشمل هذه المدة الوقت المخصص للاستعداد واتخاذ الوضعية ومعالجة الأفلام وكتابة التقرير.
هل من استعدادات خاصة قبل إجراء التصوير
لا توجد إجراءات خاصة تُتخذ استعدادًا لتصوير الصدر بالأشعة السينية.
ولكن من المهم إذا كانت المريضة حاملًا أو تتوقع ذلك أن تخبر فني الأشعة بذلك، إذ لا يتم بوجه عام استخدام الأشعة السينية للنساء الحوامل بسبب احتمال تعرض الجنين لمخاطر الإشعاع، ولكن في حال كان وضع المريضة الطبي يتطلّب إجراء التصوير يتم تزويدها برداء من الرصاص لتغطية البطن وحماية الجنين من التعرض للأشعة السينية.
ويجب على المريض أيضًا إبلاغ الفني إن كان يستخدم مضخة الأنسولين.
ما الذي تكشفه صورة الصدر بالأشعة السينية
يمكن أن تكشف أشعة الصدر السينية ما يلي:
· حالة الرئتين: يمكن أن تكشف الأشعة السينية عن الإنتانات أو الكتل أو الكيسات أو تجمع الهواء في الفراغ المحيط بالرئة، ويمكن أن تظهر أيضًا حالات رئوية مزمنة مثل انتفاخ الرئة أو التليف الكيسي أو مشكلات الرئة الناجمة عن مشكلات القلب كالوذمة الرئوية نتيجة قصور القلب الاحتقاني.
· حجم وشكل القلب: قد تشير التغييرات في حجم وشكل القلب على صورة الصدر إلى فشل القلب أو وجود سائل حوله أو مشكلات في صمّامات القلب.
· الأوعية الدموية: تظهر في صورة الصدر الشعاعية الخطوط العريضة للأوعية الكبيرة بالقرب من القلب (الشريان الأبهر والشرايين والأوردة الرئوية)، وبالتالي فقد تكشف هذه الصورة عن تمدد هذه الأوعية الدموية أو تشوهات القلب الخلقية.
· ترسّبات الكالسيوم: يمكن أن تكشف الأشعة السينية على الصدر عن وجود عقيدات متكلسة في الرئتين غالبًا ما تكون ناتجة عن عدوى قديمة شافية، كذلك قد تكشف عن تكلسات في صمّامات القلب أو عضلة القلب أو الكيس المحيط به (التأمور).
· الكسور العظمية: يمكن رؤية كسور الأضلاع أو عظم الترقوة أو العمود الفقري أو مشكلات أخرى في عظام الصدر.
· منظم ضربات القلب (ناظم الخطى) أو مُزيل الرجفان أو القسطرة المركزية: تكون أجهزة تنظيم ضربات القلب وأجهزة مزيل الرجفان مزودة بأسلاك متصلة بالقلب للمساعدة في التحكم بمعدل ضربات القلب وإيقاعها، والقسطرة المركزية عبارة عن أنابيب صغيرة تُدخل إلى القلب لإيصال الأدوية أو للديلزة (غسيل الكلى)، وعادة ما يتم تصوير الصدر بالأشعة السينية بعد وضع هذه الأجهزة الطبية للتأكد من وضعها بمكانها بشكل صحيح.
· تغييرات ما بعد الجراحة: تجرى الأشعة السينية للصدر للمراقبة بعد إجراء جراحة على الصدر، مثل جراحة القلب أو الرئتين أو المريء، حيث تتم عن طريقها مراقبة أي خطوط أو أنابيب كانت قد وضعت في أثناء الجراحة للتحقق من تسرب الهواء ومناطق تراكم السوائل أو الهواء.
هل من مخاطر لتصوير الصدر بالأشعة السينية
لا يسبب تصوير الصدر بالأشعة السينية أي ألم، إذ لا يشعر المريض بمرور الأشعة السينية عبر جسمه، ويعد هذا التصوير آمنًا جدًا بوجه عام، ومن المستبعد أن تنجم عنه تأثيرات جانبية، ولكن مع ذلك يجب تجنب تعريض الأجنة للأشعة السينية لأنهم أكثر حساسية لها وأكثر عرضة للخطر.
وقد يشعر بعض الناس بالقلق من التعرض للأشعة السينية لما يسمعونه من أن التعرض للإشعاع يمكن أن يؤدي للسرطان نتيجة حدوث طفرات جينية، لكن الحقيقة أن الفوائد المرجوة من التصوير تفوق بكثير المخاطر المحتملة، إذ إن كمية الإشعاع المستخدمة صغيرة جدًا وأضرارها ضئيلة للغاية، وبحسب هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA) فإن احتمال حدوث سرطان بعد إجراء الأشعة السينية للصدر يتأثر بعدة عوامل:
· الجرعة: كلما زاد عدد مرات تصوير الصدر بالأشعة السينية تزداد احتمالية حدوث سرطان.
· العمر: يعد الأطفال أكثر حساسية للأشعة السينية من البالغين.
· الجنس: تعتبر النساء أكثر عرضة لحدوث سرطان من الرجال بعد التعرض للإشعاع.