القنيطرة – زين الجولاني
انصبّت جهود مؤسسات حكومة النظام في محافظة القنيطرة، جنوبي سوريا، على تأمين الخدمات في بلدة بريقة بريف المحافظة الجنوبي دونًا عن قرى وبلدات يرى سكانها ممن قابلتهم عنب بلدي، أن بلداتهم وقراهم أُهملت، فيما أُغرقت بريقة بالخدمات كون أمين فرع حزب “البعث” في المحافظة، خالد أباظة، ينحدر منها.
كانت بريقة تعاني سوء الخدمات، حالها كحال بقية قرى وبلدات القنيطرة قبل سيطرة النظام على الجنوب السوري منتصف عام 2018، وبدأت الخدمات تعود إليها وحدها، عقب ذلك، فهي أولى البلدات التي وصلت إليها شبكة الكهرباء، وأُجريت فيها صيانة لشبكات المياه والصرف الصحي، كما فُعّل مقسم الهاتف فيها.
وبالنظر إلى وجود عديد من القرى والبلدات المجاورة، التي لا تبعد سوى كيلومترات قليلة عن بريقة، إلا أنها لم تحظَ بأبسط الخدمات حتى اليوم، كشبكة الكهرباء أو الماء أو حتى إعادة الأهالي إليها، ما دفع الأهالي لاعتبار ما يحصل نتاج “محسوبيات” أمين الفرع، وقائد قوات “الدفاع الوطني” في القنيطرة، خالد أباظة.
المنظمات والإغاثة أيضًا
لم تستأثر بريقة بالخدمات الحكومية فقط، بل توجهت نحوها المنظمات بخدماتها الإغاثية، وحتى نشاطات إعادة الترميم.
ومنذ عام 2018، حصل معظم سكان البلدة على مساعدات لترميم منازلهم، كما وصلت إليها خدمات الماء والكهرباء، إلى جانب المشاريع التنموية للأهالي، والمشاريع الخدمية لإنارة الشوارع وإعادة تأهيل الطرقات وترميمها.
موسى (50 عامًا)، من بلدة رويحينة بريف القنيطرة، تحفظ على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي، إن بلدته رويحينة تحتوي على مدرسة مدمرة بشكل شبه كامل، إلى جانب عديد من المنازل المدمرة بسبب قصف النظام المنطقة على مدار سنوات.
وفي الوقت الذي تتركز فيه جهود المنظمات والجهات الحكومية التابعة للنظام على بلدة بريقة، لم تحظَ بقية قرى وبلدات القنيطرة بأي خدمات، أو حتى حملات تشجير، بحسب ما قاله موسى.
وأضاف، “نريد إعادة إعمار المدرسة، لأن أولادنا يقطعون يوميًا مسافات طويلة للوصول إلى المدارس في القرى المجاورة”.
موسى اعتبر أن بلدته لم تصل إليها الخدمات، كونها لا تملك أمينًا لفرع حزب “البعث”، ولا حتى عضوًا في قيادة الفرع، في إشارة منه إلى خالد أباظة.
الخدمات بحسب الموقف من النظام
أحد أبناء بلدة مسحرة بريف القنيطرة الأوسط قال، إن بلدته هي الأخرى لم تصل إليها أي خدمات.
وقال أحمد (40 عامًا)، تحفظ على اسمه الكامل لأسباب أمنية، إن مؤسسات النظام السوري تتعامل مع قرى وبلدات القنيطرة بناء على موقف أبنائها من الثورة السورية.
وأضاف أنه كان يقطن سابقًا في بلدة بريقة، خلال فترة سيطرة المعارضة السورية على المنطقة، كون بلدته مسحرة كانت خط جبهة بين قوات النظام وفصائل المعارضة لسنوات، والعيش فيها غير ممكن.
أحمد قال، “حتى خلال تلك الفترة كان المجلس المحلي في بريقة يحصل على كامل مخصصاته من دعم طبي وغذائي وخدمي، رغم وقوع البلدة خارج نفوذ النظام السوري”.
واعتبر أحمد أن النظام يعاقب البلدات التي انخرط أبناؤها في فصائل “الجيش الحر” مبكرًا، ومن بينها بلدته مسحرة، إذ لا يحق لسكانها حتى المطالبة بالخدمات، مضيفًا أنه لم تعد تدخل المنظمات الإغاثية إلى معظم بلدات المحافظة منذ سنوات.
وتعاني محافظة القنيطرة إلى جانب محافظات الجنوب السوري أوضاعًا معيشية متردية، إلى جانب حالة من الفلتان الأمني فيها، عززها رفض أبناء المنطقة وجود النظام السوري فيها بعد أن كانت خارجة عن نفوذه لنحو ست سنوات.
تقع محافظة القنيطرة جنوبي سوريا، وتمتد على مساحة 1200 كيلومتر مربع، تحتل إسرائيل ثلثيها، وتتوزع فيها عشرات القرى.
ويشير المكتب المركزي للإحصاء، التابع لحكومة النظام السوري، إلى أن عدد السكان في المحافظة حسب تقديرات عام 2019 يبلغ 117 ألف نسمة، فيما ذكرت دراسة حول “التنمية الإقليمية في محافظة القنيطرة” أن عدد سكان المحافظة، بالإضافة إلى أبنائها النازحين في الداخل السوري، بلغ 475 ألف نسمة عام 2009.