توجه نحو الأرخص جراء الغلاء.. سوق الأدوات المنزلية بإدلب يتراجع

camera iconمحل لبيع الأدوات الكهربائية في إدلب في كانون الثاني 2023 (عنب بلدي/ هدى الكليب)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – هدى الكليب

شهدت محال بيع الأدوات الكهربائية في إدلب شمال غربي سوريا إقبالاً لافتًا قبل عامين، وذلك مع عودة التيار الكهربائي إلى مدن متعددة في المنطقة، منها إدلب، والدانا، وسلقين، وسرمدا، عقب التنسيق الذي حصل بين الشركة التركية “Green Energy”، ومؤسسة الكهرباء العامة بإدلب في أيار 2021.

لم يدم انتعاش هذا القطاع طويلًا، إذ عادت تجارة الأدوات الكهربائية للركود، بعد الغلاء الذي طرأ على أسعارها من جهة، وعلى أسعار الكهرباء من جهة أخرى، ما حرم شريحة واسعة من أهالي إدلب من اقتناء الأدوات الكهربائية المنزلية، نظرًا إلى أوضاعهم المعيشية الصعبة وما يتخللها من فقر وضعف القوة الشرائية، فضلًا عن قلة فرص العمل في المنطقة.

لم تستطع صفاء العربو (31 عامًا)، نازحة من خان شيخون تقيم في مدينة الدانا، شراء أي من الأدوات الكهربائية المنزلية حتى الآن، نظرًا إلى عدم كفاية دخلها الشهري لتأمين مستلزمات الحياة الأساسية، إذ تعمل في محل لبيع الألبسة النسائية براتب ضعيف، وفق ما قالته لعنب بلدي.

وأضافت صفاء أن أسعار الكهرباء التركية في ارتفاع دائم، وكذلك الأمر بالنسبة لأسعار الأدوات الكهربائية المنزلية، بينما لا يتجاوز راتبها الشهري 1000 ليرة تركية، المبلغ الذي بالكاد يؤمّن لها ولأطفالها الثلاثة قوت يومهم.

أسعار الكهرباء عائق

في 23 من كانون الأول 2022، رفعت شركة “Green Energy” تعرفة الكهرباء المنزلية في إدلب، لتصبح تكلفة استخدام من 1 إلى 150 كيلوواطًا ساعيًا نحو 20.4 سنت أمريكي، ومن 150 كيلوواط فما فوق، يحسب كل كيلوواط واحد بـ22.4 سنت أمريكي.

روان البشير (41 عامًا) ترى أن أسعار الكهرباء في الآونة الأخيرة باتت باهظة جدًا حتى على الطبقات المتوسطة الدخل، ورغم امتلاكها معظم الأدوات الكهربائية المنزلية، فإنها تستعملها ليلًا فقط وبـ”تقنين” مستمر، وذلك بعد عودتها من عملها في أحد محال الأقمشة وسط مدينة الدانا شمال إدلب.

تصل فاتورة الكهرباء التي تدفعها روان إلى 400 ليرة تركية شهريًا، مقابل تشغيل بعض الأدوات وليس كلها، وعند الضرورة فقط، معتبرة أنه مبلغ كبير يضاف إليه إيجار المنزل الذي يبلغ 70 دولارًا أمريكيًا شهريًا، عدا عن مصاريف المعيشة التي أثقلت كاهلها، بينما هي المعيلة الوحيدة لأسرتها بعد عجز زوجها عن تأمين فرصة عمل أو دخل ثابت.

أما علا الشيخ (39 عامًا)، وهي نازحة من مدينة معرة النعمان، فقالت لعنب بلدي، إنها أحضرت الأدوات الكهربائية معها من منزلها القديم إلى إدلب حين اضطرت للنزوح حيث تقيم اليوم في مخيمات سرمدا.

لا تستخدم علا من هذه الأدوات إلا الغسالة فقط، لعدم قدرتها على تغطية مصاريف الكهرباء المتزايدة والتي فاقت بأضعاف قدرة عائلتها المادية المتدهورة، بحسب قولها.

محل لبيع الأدوات الكهربائية في إدلب في كانون الثاني 2023 (عنب بلدي/ هدى الكليب)

للشراء مواسم

من جانبه، قال تاجر الأدوات الكهربائية في إدلب لؤي الحسين (38 عامًا)، إن الإقبال على شراء الأدوات الكهربائية المنزلية بات ضعيفًا، نتيجة ضعف القدرة الشرائية لأغلبية أهالي المنطقة، الذين يعانون الفقر وقلة الأجور.

وأوضح لؤي أن الإقبال على شراء الأجهزة الكهربائية يزداد ضعفًا في فصل الشتاء من كل عام، حيث تكون فيه الأولوية لشراء وسائل ومواد التدفئة، بينما يتم تأجيل كل الأمور الأخرى لأوقات مناسبة أكثر.

وأضاف أن الإقبال يكون عليها أكثر في فصل الصيف، خاصة على البرادات، كما زاد الطلب على شاشات “البلازما” خلال الفترة الماضية، بالتزامن مع بطولة كأس العالم لكرة القدم.

وذكر التاجر أن الإقبال على الأجهزة الكهربائية المنزلية ينحصر بالغسالات ذات الحوضين لرخص ثمنها وقلة استهلاكها للكهرباء، إذ تتراوح أسعارها بين 80 و110 دولارات أمريكية، وكذلك سخانات المياه الرخيصة التي يتراوح سعرها بين 15 و20 دولارًا أمريكيًا.

وحول مصدر الأدوات الكهربائية الموجودة في السوق، أشار التاجر إلى أن معظم البضائع متنوعة المصدر، منها التركي وهو الأكثر وجودًا في الأسواق، يضاف إليه الأوزبكي والصيني والمستعمل الأوروبي، وتتركز معظم المشتريات على البضائع الأقل ثمنًا والأكثر احتياجًا.

وتشهد مناطق شمال غربي سوريا سوءًا في الأحوال المعيشية وسط واقع اقتصادي متردٍ، إذ بلغ عدد السوريين المحتاجين إلى مساعدة إنسانية نحو 14 مليونًا و600 ألف شخص في عام 2022، بعد أن بلغ 13 مليونًا و400 ألف خلال 2021، وفق تقرير الأمم المتحدة الصادر في 23 من شباط 2022.

نجاح

شكرًا لك! تم إرسال توصيتك بنجاح.

خطأ

حدث خطأ أثناء تقديم توصيتك. يرجى المحاولة مرة أخرى.



English version of the article

مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة