المجالس المحلية تحمّل الشركات المسؤولية.. احتجاجات الكهرباء تعود بريف حلب
عنب بلدي – ريف حلب
عادت المظاهرات والوقفات الاحتجاجية إلى مدن وبلدات ريفي حلب الشمالي والشرقي، جراء ارتفاع أسعار تزويد التيار الكهربائي، وانقطاعه المتكرر.
موجة غضب لدى الأهالي قوبلت برفض المجالس المحلية سياسة شركات الكهرباء، وتلويح المجالس بفسخ العقود المبرمة بينهما، وتحميل الشركات مسؤولية ارتفاع الأسعار وقطع التيار.
الكهرباء تحرّك الشارع
تستمر الاحتجاجات والانتقادات لشركات الكهرباء العاملة في أرياف حلب، بعد اعتزام الأخيرة رفع أسعارها واتباع سياسة “تقنين”، الأمر الذي رفضه الأهالي، واصفين الشركات بـ”الفاسدة”، في مشهد تكرر عبر السنوات الماضية.
في 9 من كانون الثاني الحالي، شهدت عدة مدن وبلدات في ريف حلب الشمالي والشرقي احتجاجات على رفع سعر الكهرباء، تمثّلت بمظاهرات ببعض المدن وانتقادات على وسائل التواصل.
ونظم محتجون في مدينة الباب مظاهرة أمام مبنى شركة الكهرباء “AK ENERGY” العاملة في المدينة، وقطعوا الطريق أمامها، وأعربوا عن استيائهم من قرار رفع السعر من الشركة، ووصفوها بأنها “فاسدة”.
وأُجّلت الوقفة الاحتجاجية التي كان من المنتظر تنظيمها في مدينة اعزاز، وسط استنفار لقوات “الشرطة المدنية” وحفظ النظام.
واشتكى طلاب بجامعة “حلب في المناطق المحررة” باعزاز، خلال حديثهم لعنب بلدي، من ارتفاع أسعار التيار الكهربائي وانقطاعه ليلًا، ما يؤثر سلبًا على دراستهم.
وذكر الطلاب أن الانقطاع المتكرر يؤثر على شحن أجهزتهم المحمولة، ويمنعهم من متابعة المحاضرات التي يتلقونها عن بُعد (أونلاين).
من جهته، غنام محمود النهار، صاحب “بقالية” في مدينة اعزاز، أوضح أن انقطاع التيار بشكل متكرر يؤدي إلى تلف مواد غذائية “حساسة” كالألبان والأجبان، التي يتخلص منها دون أي تعويض عن الخسارة التي يتعرض لها مع كل انقطاع.
وقال غنام لعنب بلدي، وهو نازح من دير الزور، إنه لا يملك أي حلول بديلة لتأمين الكهرباء خلال فترات القطع، فألواح الطاقة مكلفة، والأوضاع المعيشية والاقتصادية متردية، وحمّل الجهات المحلية المسؤولية، مطالبًا بضبط عمل شركات الكهرباء.
لا آلية واضحة
بررت شركة “AK ENERGY” رفع أسعارها بالزيادة في أجور نقل الكهرباء من قبل وزارة الطاقة التركية مطلع العام الحالي، ورفعت تعرفة الاشتراك المنزلي من 2.85 إلى 3.85 ليرة تركية اعتبارًا من 9 من كانون الثاني الحالي، وفقًا لبند في العقد الموقّع بين المجلس المحلي والشركة.
وأفاد مراسل عنب بلدي في اعزاز، أن ارتفاع الأسعار ترافق مع انقطاع متكرر للتيار، بوتيرة متفاوتة للقطع خلال الشهر الحالي، على خلاف ما اعتاده الأهالي بتوفر الكهرباء بشكل كامل، مشيرًا إلى أن الشركة بررت للسكان تخفيض ساعات التشغيل بـ”مشكلات مالية تواجهها”.
وتبلغ أسعار التيار الكهربائي في عفرين شمالي حلب للشريحة المنزلية 285 ليرة تركية لكل 100 كيلوواط، وللشريحة التجارية 525 ليرة لكل 100 كيلوواط، وللشريحة الصناعية 625 ليرة تركية لكل 100 كيلوواط، وفق ما حددته “الشركة السورية- التركية للطاقة الكهربائية” (STE) العاملة في المنطقة.
وأصدرت “STE” قرارًا منعت من خلاله أصحاب المنازل من تعبئة أكثر من 100 كيلوواط شهريًا، وفي حال الرغبة بالإضافة، فإن الـ100 كيلوواط الإضافية تُدفع قيمتها قياسًا بالشريحة التجارية، كما ينص العقد الموقع بين الشركة والمستفيد على تعهد الأخير بعدم السرقة أو إعطاء خط لجاره لأن ذلك يعرّضه للمخالفة وقطع التيار ودفع غرامة مالية.
قرارات “عسكرية”
أعرب سكان في مدينة عفرين عن استيائهم من سياسة شركة الكهرباء، واصفين قراراتها بـ”العسكرية، وفي حال سرقة أي شخص للتيار الكهربائي، تقطع الشركة التيار عن جميع منازل الحي الذي يقيم فيه الشخص حتى يدفع الغرامة المالية.
فارس الحسن، مهجّر من حمص ويقيم في عفرين، أوضح أنه تعرض للمخالفة وقطع التيار عن بنائه، لأن مدخل بيته كان مغلقًا الساعة الثانية ليلًا، الأمر الذي عاق وصول دورية الكهرباء للكشف عن ساعته، ليتفاجأ صباحًا بقطع التيار عن منزله.
وقال الشاب لعنب بلدي، إنه عند مراجعته الشركة، تبيّن أن سبب قطع الكهرباء هو إغلاق مدخل البناء ليلًا واتهامه بالسرقة، بالإضافة إلى تغريمه بمبلغ 300 ليرة تركية، ومطالبته بنقل عدّاد الكهرباء خارج مدخل البناية.
محمد خربوطلي، مهجر من ريف دمشق قال لعنب بلدي، إنه أخبر الشركة عن عطل في عدّاد الكهرباء، ودفع عشر ليرات تركية لطلب كشف صيانة، وفي أثناء الصيانة، فكّ العامل العدّاد واحتجزه في الشركة التي لم تستبدله إلا بعد دفع مبلغ 300 ليرة تركي لاتهامه بالتلاعب، كما خصمت أكثر من 15 كيلوواطًا من العدّاد القديم مع نقل ما تبقى به إلى الجديد.
من جهته، قال محمد عناد، يعمل قصّابًا في عفرين، إنه يلجأ أحيانًا لتشغيل مولدة كهرباء كي يخفف من مصروف الكهرباء القادمة من الشركة، لأن المولدة أفضل له وأوفر من حيث المصروف، خصوصًا في أثناء ساعات ضغط العمل لديه.
المجالس ترفض.. الشركات توضح
رفع المجلس المحلي في مدينة اعزاز دعوى بفسخ العقد مع شركة “AK ENERGY” بعد قرارها تخفيض ساعات التشغيل، ورد المجلس على كتاب الشركة القاضي بتنفيذ “التقنين” بالرفض، مشيرًا إلى أن بإمكان الشركة تأمين الكهرباء عن طريق المولدات الموجودة في المدينة.
وذكر المجلس أن قطع التيار يؤدي إلى ضرر كبير بأعمال المواطنين، وعمل المؤسسات العامة، محذرًا الشركة من احتقان شعبي كبير.
كما تعد الدعوى المقدّمة من المجلس ضد شركة الكهرباء لدى المحاكم التركية والسورية السابعة من نوعها، بسبب إجراءات تخفيض ساعات التشغيل والتسعير التي لا تتوافق مع شروط العقد المبرمة.
المجلس المحلي في مدينة جرابلس أعلن من جهته في بيان عن رفضه تسعيرة الكهرباء الصادرة عن شركة الكهرباء، والانقطاع المستمر للتيار الكهربائي بحجة التقنين من طرف الشركة المستثمرة “AK Energy”، وحمّلها المسؤولية الكاملة عن مخالفة العقد المبرم بينهما، والانفراد بقرار رفع التسعيرة و”تقنين” الكهرباء.
وورد في البيان، أنه في حال عدم الاستجابة بإلغاء قرار رفع السعر، يحق للمجلس اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، لافتًا إلى أنه تمت مخاطبة الشركة أصولًا بكتاب يُعلمها برفض الإجراء “الأحادي” من طرفها.
مدير مكتب العلاقات العامة في شركة “AK ENERGY”، محمد عيد المدني، أوضح لعنب بلدي أن العقد يُفسخ بين الشركة والمجلس إذا أخلّ أي طرف من الجانبين بأحد بنوده، إذ يتضمّن العقد بندًا يسمح لشركة الكهرباء برفع السعر كل ثلاثة أشهر إذا ارتفع من المصدر.
وقال المدني، إن ارتفاع الأسعار حصل من الشركة الموردة من تركيا بنسبة 24% مع أجور نقل.
وأضاف أن ارتفاع الأسعار شمل الشريحة المنزلية، وارتفع سعر كيلوواط الكهرباء من 2.85 إلى 3.85 ليرة تركية، وبقي السعر الصناعي والتجاري على حاله وهو 5.25 ليرة لكل كيلوواط.
وفي بيان نشرته، في 17 من كانون الثاني الحالي، قالت “AK ENERGY”، إن نسبة الاستجرار غير المشروع للكهرباء زادت بشكل كبير، عن طريق التلاعب بالعدّادات والشبكات من قبل أشخاص مجهولين يدّعون أنهم موظفون في شركة الكهرباء، ويبتزون المشتركين بمبالغ مالية.
وطلبت الشركة من المشتركين التعاون مع الشركة، وعدم التعامل مع أشخاص، لتخفيض وإنهاء عملية الاستجرار غير المشروع، مع وعود بمحاسبة الجهة التي تسبب ضررًا للمواطنين والشركة.
واعتادت الشركات العاملة بريف حلب تحميل المصدر التركي مسؤولية رفع السعر، وقطع التيار ساعات بحجتي الصيانة والتقنين، الأمر الذي انعكس في حراك الشارع، إذ اعتاد الأهالي توفر الكهرباء على مدار اليوم.
كما يعاني السكان ارتفاع أسعار الكهرباء مقارنة مع الوضع الاقتصادي المتردي الذي تشهده مناطق شمال غربي سوريا، إذ تحتاج العائلة إلى ما يعادل أجرة عمل عشرة أيام لتسديد تكاليف الكهرباء شهريًا.
وشهدت مدن وبلدات بريف حلب الشمالي والشرقي، في الأشهر الماضية، احتجاجات على رفع سعر الكهرباء في مناطقهم.
وكشفت المظاهرات حينها عن خلل وضعف دراية وتنسيق في تعاقدات المجالس المحلية مع شركات الكهرباء، وعدم قدرة المجالس على ضبط عمل شركات الكهرباء، وظهر التخبط في ردود فعل متباينة، بينها طلب رفع دعاوى قضائية أو إلغاء العقود، ووصل الأمر إلى إعلان استقالات في بعض الأحيان.
شارك بإعداد التقرير مراسلا عنب بلدي، في عفرين أمير خربوطلي، وفي اعزاز ديان جنباز
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :