الحسكة – مجد السالم
يعاني سكان حي غويران جنوب الحسكة التضييق الأمني المستمر منذ هجوم تنظيم “الدولة الإسلامية” على سجن “غويران” الذي يضم آلاف العناصر من التنظيم، أواخر كانون الثاني 2022.
يقع الحي جنوب الحسكة، ويكاد يعزله نهر “الخابور” عن كامل المدينة، ما جعل من السهل على “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التحكم بحركتي الدخول والخروج من خلال جسرين رئيسين يربطان الحي بمركز المدينة وسوقها الرئيس، ونادرًا ما يكون الجسران مفتوحين أمام حركة العبور في الوقت نفسه.
الحي معزول طبيعيًا
في أغلب الأحيان، تغلق “قسد” أحد الجسور لتتفرغ لتفتيش المارة من الجسر الثاني، وتفتح الجسر الآخر لتغلق الأول، بالتناوب.
ويخرج من الحي يوميًا مئات من طلبة الجامعة ومختلف المراحل التعليمية، ومدنيون آخرون من مراجعي الدوائر الحكومية، وغيرهم ممن يقصدون أسواق المدينة المركزية، في حين تعوق الحواجز الأمنية وحملات التفتيش المستمرة منذ عام حياتهم اليومية، بحسب مدنيين ممن قابلتهم عنب بلدي من سكان الحي.
عتاب (35 عامًا) من سكان حي غويران، قالت لعنب بلدي، إن “قسد” تجبرهم في “كثير من الأحيان” على الرجوع عن أحد الجسور وسلوك الجسر الآخر، ويفصل بين الجسرين نحو كيلومتر واحد، ويزداد الأمر صعوبة في حال كان السكان يتنقلون سيرًا على الأقدام ومعهم أطفال أو أغراض وحاجيات.
كما أن التنقل خلال فصل الشتاء زاد من حركتهم صعوبة من وإلى الحي، حيث أغلب الطرق سيئة ومليئة بحفر تغمرها المياه والطين بعد هطول الأمطار.
وخلال الأيام الأخيرة، زادت حالة الطقس من وعورة الطرقات، بحسب عتاب، إذ صار الوضع “كارثيًا”، خصوصًا بالنسبة للأطفال وكبار السن، كمان أن جزءًا من هذه الطرق تحولت إلى ترابية بالكامل، بعد أن “اختفت” طبقة الأسفلت منها.
وسائل النقل معدومة
لسكان حي غويران أيضًا معاناة مع وسائل النقل الداخلي، إذ تكاد تغيب عن الحي، حيث يتوفر عدد محدود من الحافلات (السرافيس) خلال أوقات ومواعيد محددة.
ورغم أن خدمات سيارات الأجرة تتوفر أيضًا بشكل محدود في الحي، فإن السكان ليسوا ميّالين لاستخدامها، نظرًا إلى ارتفاع تكلفتها.
ويستغل أصحاب سيارات الأجرة بُعد الحي، والظروف الأمنية المحيطة التي يعيشها، لرفع الأجرة إلى نحو سبعة آلاف ليرة سورية، وقد تصل إلى عشرة آلاف ليرة خلال فترة المساء.
وسائل النقل التقليدية ممنوعة
يشتهر أهالي حي غويران في الحسكة باعتمادهم على الدراجات النارية كوسيلة نقل أساسية، إلى جانب أنها تعتبر مصدر دخل لمئات العوائل من الحي.
وبين الحين والآخر، تمنع “قسد” تجول هذه الدراجات داخل مدينة الحسكة، نظرًا إلى أسباب تصفها بـ”الأمنية”، ما يعطل حركة السكان وأعمالهم، في حين منعت الدراجات في حي غويران منذ هجوم التنظيم على الحي مطلع عام 2022، ولا تزال القيود مفروضة على استخدامها حتى اليوم.
مهند (39 عامًا)، يعمل في نقل الركاب عبر دراجته النارية لقاء أجرة محددة بنحو ألفي ليرة سورية، قال لعنب بلدي، إنه فقد عمله الأساسي بعد قرار “قسد” حظر استخدام الدراجات النارية في غويران.
تحول مهند إلى عامل مياومة “عتال”، يتنقل بين مستودعات الأغذية وسوق “الهال”، يعمل من الصباح حتى المساء لقاء عشرة آلاف ليرة سورية في اليوم لإعالة أسرته ومن ضمنها أطفاله الثلاثة، بينما كان يجني من عمله في نقل الركاب عبر الدراجة ضعف هذا المبلغ يوميًا.
ورغم الاحتجاجات المستمرة من قبل أصحاب الدراجات النارية، والمطالبة برفع الحظر عن استخدامها منذ عدة أشهر، لم تستجب “قسد” حتى الآن لهذه المطالب بحجة “الضرورات الأمنية”.
غويران وتنظيم “الدولة”
يوافق 19 من كانون الثاني الذكرى السنوية لأحداث سجن “غويران”، عندما هاجم عناصر من تنظيم “الدولة” السجن بغرض إطلاق سراح عناصره الموقوفين داخله على أيدي “قسد” وقوات التحالف الدولي.
وخلال الهجوم المفاجئ، تمكنت خلايا التنظيم من دخول السجن، وقتل حراسه، والتحصن داخله مع السجناء، واستمرت المعارك بين عناصر التنظيم وقوات “قسد” المدعومة من التحالف الدولي لنحو شهر.
وخلّفت المعارك مئات القتلى والجرحى، بحسب الإحصائيات الصادرة عن التنظيم و”قسد”، بينما فرت أعداد غير معروفة من عناصر وقياديي التنظيم في السجن.
وعقب أيام على انتهاء المعارك، استمرت مداهمات “قسد” لمنازل المدنيين في الحي، بحثًا عن السجناء الفارين، كما فجرت منازل قالت إن ملكيتها تعود لأشخاص شاركوا بالهجوم إلى جانب تنظيم “الدولة”.