درعا – حليم محمد
لا تزال شبكة الإنترنت في بلدة تل شهاب ومحيطها غربي درعا مقطوعة إثر سرقة الكابل الرئيس المغذي لمقسم الاتصالات الرئيس في البلدة من قبل مجهولين.
مشكلة انقطاع الإنترنت عن البلدة ليست جديدة، إذ سبق وتعرضت كوابل الإنترنت للسرقة، إلى جانب أخرى خاصة بخطوط الهاتف في المنطقة.
وخلال العامين الماضيين، كانت سرقة كوابل الهاتف المنزلي مشكلة شبه يومية تشهدها المنطقة، إلا أن توفر خدمات الإنترنت كان يعوّض عن نقص خدمات الهاتف.
وباتت المنطقة خارج خدمات الاتصالات خلال الأشهر القليلة الماضية، جراء امتداد السرقات لتشمل كامل خدمات الاتصالات الأرضية والإنترنت.
لا حلول في المؤسسات
اجتمع وجهاء من أبناء بلدة تل شهاب، في 6 من كانون الثاني الحالي، مع معاون مدير شركة الاتصالات في درعا، أحمد زيد الحريري، لإيجاد حلول لمشكلة سرقة كوابل الاتصالات.
وضم الاجتماع وجهاء البلدة وممثلين عن اللجان المحلية، إلى جانب مسؤولين من شركة اتصالات درعا، وتعهد معاون مدير الشركة بإصلاح الضرر الحاصل على خط المقسم.
بينما تعهد الوجهاء بدورهم بحماية الممتلكات العامة، بما فيها المقسم وخطوط الاتصالات والكهرباء، واقترحوا تسيير دوريات ليلية من شباب البلدة لحماية هذه الممتلكات.
وتعود جذور المشكلة إلى منتصف عام 2021، إذ سبق ونشرت صفحة “هاتف تل شهاب” الممثلة لمقسم الاتصالات في البلدة، أن سرقات الكوابل الأرضية لا تزال مستمرة، على الرغم من مناشدات الأهالي المتكررة لإيقاف قطع وسائل الاتصالات في القرية.
وفي 28 من تشرين الأول 2022، تعرض الكابل الضوئي الرئيس المغذي لمقسم تل شهاب للسرقة قرب بلدة اليادودة، الأمر الذي عطّل الاتصالات والإنترنت لأربعة أيام على التوالي في جميع أنحاء البلدة.
مبادرات أهلية للحل
عبد الرحمن (50 عامًا) من سكان تل شهاب، وكان حاضرًا للاجتماع، قال لعنب بلدي، إن البلدة مترامية الأطراف، ويصعب ضبطها بشكل كامل، لذلك فإن الدوريات لا تجدي نفعًا في وقف حالات السرقة.
وأضاف أنه اقترح تشكيل دوريات حراسة ليلية في كل حي من أحياء البلدة بشكل منفصل، لضبط المنطقة بشكل أوسع.
في حين اقترح حسين (25 عامًا) تركيب إنارة ليلية في الشوارع بمبادرات محلية، أسوة ببعض مدن وقرى درعا، كون خدمات الكهرباء الحكومية غير متوفرة.
وأضاف أن إنارة الطرق قد تخفف من عمليات السرقة، كون اللصوص يستغلون فترة الليل والأماكن المعتمة لسرقة الكوابل.
محمد (35 عامًا) طالب من جانبه بتغليظ العقوبة بحق من تُكتشف علاقته بعمليات السرقة، ونبذه مجتمعيًا وهو أهم الخطوات، مضيفًا أنه يجب رفع الحصانة العشائرية عن كل ضالع بعمليات السرقة التي أصبحت ظاهرة في جميع بلدات حوران.
وفي نيسان عام 2022، قالت صفحة “هاتف تل شهاب“، إن أكثر من 50 بوابة إنترنت توقفت عن العمل بعد سرقة كوابل التغذية، وفي حال استمرت السرقات فإن المقسم يعيش أيامه الأخيرة.
ويلجأ اللصوص لسرقة الكوابل واستخراج مادة النحاس منها عن طريق حرقها، ثم تباع لتجار الخردة بسعر 35 ألف ليرة سورية لكل كيلوغرام واحد.
وفي نيسان 2019، ركّبت مديرية الاتصالات منظومة طاقة شمسية للمقسم ما أمّن تشغيله لساعات أكثر.
معزولون عن العالم الخارجي
“أم محمد” (40 عامًا) من سكان تل شهاب، قالت لعنب بلدي، إنها مقطوعة عن العالم الخارجي منذ ليلة رأس السنة، حين سُرقت كوابل الاتصالات، وقُطعت الخدمة عن المنطقة بالكامل.
تتحدث “أم محمد” عن حاجتها إلى التواصل مع أبنائها المقيمين في محافظات أخرى بشكل يومي، في حين أن خدمات الاتصالات العادية عبر الهاتف الجوال مكلفة ولا يمكن تحملها.
وتنطبق التكلفة المرتفعة أيضًا على الإنترنت القادم من الأردن، الذي يغذي مناطق عديدة في محافظة درعا، لكن ليس للجميع القدرة على شرائه، بحسب “أم محمد”.
وتبلغ تكلف الإنترنت المحلي القادم من مؤسسة الاتصالات السورية عشرة آلاف ليرة سورية شهريًا، بينما بلغ سعر الاشتراك الشهري من الإنترنت الأردني 50 ألف ليرة سورية.
وشكّلت شبكة الإنترنت منذ انطلاق الثورة سلاحًا مهمًا في نقل الأحداث بالنسبة لمحافظة درعا التي شهدت الاحتجاجات الأولى المعارضة للنظام، ما دفع بالأخير إلى قطع الخدمات عن المحافظة، في حين حلّ الإنترنت الأردني المشكلة نظرًا إلى وقوع المحافظة على الحدود الشمالية للأردن.
وفي مرحلة لاحقة من عمر الثورة، دخلت أجهزة الإنترنت الفضائي إلى درعا، إلا أن تكلفتها المرتفعة جعلتها حكرًا على بعض المؤسسات الإعلامية ومقاهي الإنترنت، ما دفع الناشطين والمدنيين، على حد سواء، للبحث عن تقنيات جديدة تمكّنهم من إيصال شبكة الإنترنت الأردنية إلى منازلهم، عوضًا عن الذهاب إلى الحدود، وهو ما بات يُعرف اليوم باشتراك الإنترنت الأردني في درعا.