أسقطت محكمة “ميتيليني” اليونانية تهمة التجسس عن 24 عاملًا إغاثيًا شاركوا في عمليات إنقاذ لاجئين، بينهم السبّاحة السورية سارة مارديني.
وأقرت المحكمة، الجمعة 13 من كانون الثاني، بوجود أخطاء إجرائية خلال محاكمات عمال الإغاثة، بينها عدم توفير نسخة مترجمة من لائحة الاتهام للأجانب، بحسب ما نقلته وكالة “فرانس برس“.
وأيّدت هيئة القضاة المكوّنة من ثلاثة أعضاء توصية المدعي العام بإسقاط تهم التجسس باعتبارها “غامضة للغاية”.
في المقابل، تستمر التحقيقات في آلية قضائية منفصلة حول التهم الموجهة لعمال الإغاثة بتهريب مهاجرين.
ورحب محامي الدفاع عن عمال الإغاثة، زكريا كيسيس، بقرار المحكمة، معتبرًا أنها خطوة جيدة، لكن القضية لم تنتهِ بعد.
وقال أحد المتهمين الرئيسين ناسوس كاراكيتسوس بعد صدور قرار المحكمة، “نشعر أننا رهائن منذ أربع سنوات ونصف”.
بينما تغيّبت السورية سارة مارديني عن المحكمة جرّاء منعها من دخول اليونان، إذ اعتبرت الحكومة اليونانية أنها تشكّل تهديدًا على مواطنيها.
بدوره، رحّب بيان صادر عن حملة “Free Humanitarians” التي تطالب بحقوق عمال الإغاثة وإسقاط التهم الموجهة إليهم بقرار المحكمة.
ولفت البيان إلى أن استراتيجية الأخطاء الإجرائية وتعطيل المحاكمات من قبل الحكومة اليونانية يمكن أن تؤجل حكم البراءة لأكثر من 15 عامًا.
ودعت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان لإسقاط التهم الموجهة إلى 24 شخصًا من المدافعين عن حقوق الإنسان.
وخلال مؤتمر صحفي في جنيف، قالت المتحدثة باسم المفوضية، ليز ثروسيل، إن هذه المحاكمات “مقلقة للغاية، لأنها تجرم العمل المنقذ للحياة وتشكّل سابقة خطيرة”.
وقبل ساعات من قرار المحكمة، انتقدت مفوضية حقوق الإنسان الأوروبية تعامل الحكومة اليونانية مع عمال الإغاثة والأشخاص المدافعين عن حقوق الإنسان.
كما حثت المفوضية اليونان على توفير بيئة آمنة للمدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين وعمال الإغاثة عوضًا عن محاكمتهم وفرض ضغوطات إضافية عليهم.
ما القصة؟
يواجه 24 شخصًا من عمال الإغاثة في مركز “الاستجابة للطوارئ الدولي” (ERCI) اتهامات عديدة بتهريب المهاجرين، والانتماء إلى جماعة إجرامية، وغسل الأموال، وهي تهم يعاقب عليها القانون بالسجن 25 عامًا.
وتعد “ERCI” مجموعة بحث وإنقاذ غير ربحية عملت في جزيرة ليسفوس اليونانية من عام 2016 إلى 2018.
وفي 15 من تشرين الأول 2021، قالت منظمة العفو الدولية، إن اثنين من متطوعي البحث والإنقاذ يواجهان خطر السجن لمدة 25 عامًا لمساعدتهما اللاجئين، هما السورية سارة مارديني، والألماني شون بيندر.
ويواجه كل من سارة وشون سلسلة من التهم الجائرة التي لا أساس لها، وذلك خلال تطوعهما واكتشاف ومساعدة القوارب المنكوبة في ليسفوس.
من سارة مارديني؟
وصلت سارة إلى اليونان في عام 2015، وجذبت قصتها وشقيقتها يسرى أنظار العالم جرّاء الحديث عن أن الفتاتين استطاعتا إنقاذ 18 راكبًا من خلال جر قارب غارق إلى بر الأمان.
واعترفت الفتاتان لاحقًا بأنهما “ليستا بطلتين خارقتين لتفعلا ذلك”، إذ اقتصر دورهما على تخفيف الحمل عن القارب.
وفي وقت لاحق بعد وصولهما إلى ألمانيا، عادت إلى اليونان وتطوعت في منظمة بحث وإنقاذ يونانية، حيث التقت بشون، وهو غواص مدرب، بحسب بيان منظمة العفو الدولية.
وأُلقي القبض على سارة وشون في عام 2018 بتهم عديدة، بما في ذلك التهريب والتجسس والاستخدام غير القانوني للترددات اللاسلكية والاحتيال، وأمضى الشابان أكثر من 100 يوم في السجن قبل إطلاق سراحهما بكفالة في كانون الأول 2018، بينما لا تزال قضيتهما مفتوحة.
ولاقت قضية سارة تفاعلًا كبيرة من قبل ناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي، طالبوا بإطلاق سراحها، كما اعتبرت عديد من المنظمات الحقوقية أن محاكمتهما تعني الحكم بـ”الموت” على مئات اللاجئين القادمين بالبحر.
وفي عام 2022، أنتجت “نتفليكس” (Netflix) فيلم “السباحتان” (The Swimmers) الذي يعرض السيرة الذاتية ليسرى وسارة مارديني.
–