خدمة للسكان أم لمراقبتهم
خلال ثلاثة أشهر.. “الإنقاذ” تصدر 71 ألف بطاقة شخصية
عنب بلدي – إدلب
بعد مرور ثلاثة أشهر على انطلاقها، تستمر عملية إصدار البطاقات الشخصية لسكان مناطق سيطرة حكومة “الإنقاذ” شمالي سوريا، الخطوة التي اعتبرتها “الإنقاذ” تنظيمية لتسيير شؤون الأهالي في الدوائر الحكومية، لافتة إلى أنه “المشروع الأضخم” في المنطقة.
عشرة مراكز إصدار تتوزع على خمس مناطق، هي إدلب، والدانا، وسرمدا، وحارم، وكفر تخاريم، في كل مركز قسمين واحد للرجال والآخر للإناث، وتشهد تلك المراكز إقبالًا بوتيرة متفاوتة منذ بدء إصدار البطاقات في 15 من أيلول 2022.
“إقبال متزايد”
بلغ عدد البطاقات الصادرة عن المراكز العشرة 71 ألفًا و344 بطاقة منذ إطلاقها حتى بداية كانون الثاني الحالي، جرى تسليم 53 ألفًا و881 منها، في أحدث إحصائية حصلت عليها عنب بلدي من المدير العام لمديرية الشؤون المدنية في “الإنقاذ”، عبد الله عبد الله.
وأوضح عبد الله أن الإقبال “ممتاز” كبداية لانطلاق المشروع، لافتًا إلى وجود تزايد مستمر في أعداد المتقدمين للحصول على البطاقة الشخصية.
وتبلغ تكلفة استخراج البطاقة الشخصية 2.5 دولار أمريكي (ما يعادل 46 ليرة تركية)، ويقتصر استخراجها على المدنيين حاليًا، وسيتم التنسيق ودراسة الأمر مع المؤسسات العسكرية في المنطقة بخصوص العسكريين، وفق ما قاله وزير الداخلية في “الإنقاذ”، محمد عبد الرحمن، خلال مؤتمر صحفي في أيلول 2022.
ولا تحظى البطاقة بأي اعتراف دولي، لأنها إثبات شخصية ضمن نطاق محلي، لتسيير المعاملات في الدوائر الرسمية.
وتحوي الهوية البصرية للبطاقة على:
1. معالم سبع محافظات سورية.
2. أعلاها كلمة سوريا وخريطتها.
3. زخارف من التراث الشامي العريق.
وهي غير قابلة للكسر، وتدعم اللغة الإنجليزية، ويقصد بـ”الخانة” في البطاقة مكان السكن الأصلي للشخص.
حاجة ملحّة
يسعى أحمد العلي، وهو مهجّر من اللاذقية ومقيم في إدلب، إلى استخراج البطاقة الشخصية جراء عدم الاعتراف بالأوراق التي يحملها، إذ لا يملك أوراقًا ثبوتية سوى بطاقة لا تتبع لأي جهة رسمية، لكنها تحمل معلومات عنه.
وأوضح أحمد لعنب بلدي، أنه يريد استخراج بطاقة لأجل تسيير ما يعترضه من معاملات، مثل تسجيل طفليه في المدارس أو تسلّم حوالات مالية، مشيرًا إلى أن وجودها يجنب الوقوع في بعض عمليات النصب والاحتيال، إذ يضطر للتعامل مع عشرات التجار والأشخاص من خلال عمله في محل بيع منظفات.
من جهته، قال عبد الرحمن المبيّض لعنب بلدي، وهو مهجر من الغوطة الشرقية إلى إدلب، إنه يعمل على استخراج بطاقة شخصية لأنها أصبحت معتمدة في المنطقة، وسهلة الحمل مقارنة بدفتر العائلة الذي يملكه أو البيان العائلي الذي استخرجه من حكومة “الإنقاذ” سابقًا.
وأضاف عبد الرحمن أن إضاعة البطاقة الشخصية أقل ضررًا من إضاعة دفتر العائلة الذي يحمل بيانات العائلة كاملة، لافتًا إلى أنه وجد صعوبة وعدم مرونة في التعامل ضمن دوائر حكومة “الإنقاذ” مع دفتر العائلة الذي يملكه، كونه قديمًا وصورته المرفقة فيه قديمة.
أما محمد عبد الخالق، المقيم في مخيم قرب بلدة حربنوش بريف إدلب الشمالي، فقد عزا أسباب عدم استخراجه البطاقة الشخصية مع أفراد عائلته الثمانية إلى بُعد المسافة عن مراكز استخراج البطاقات، وصعوبة انتقاله لأقرب مركز، في حين أرجع مصطفى المقيم بنفس المخيم عدم استخراجها وأفراد عائلته المكوّنة من أربعة أشخاص إلى “الإهمال”.
تنظيم وإحكام قبضة
انتقادات رافقت إعلان “الإنقاذ” عن إصدار البطاقات، والتوجه لعدم الاعتراف لاحقًا بالبطاقات السابقة الصادرة عن حكومة النظام، إذ إن هناك من اعتبرها أكثر من خطوة تنظيمية، وتشكّل عقبة أمام كثيرين.
وستصبح بطاقة “الإنقاذ” في المراحل المتقدمة إلزامية، ومع حصول نسبة كبيرة من الناس عليها، لن يتم التعامل بالبطاقة الشخصية الصادرة عن حكومة النظام، وفق وزير داخلية “الإنقاذ”.
ومع انتهاء عام 2022، نشرت معرفات حكومة “الإنقاذ” الرسمية والمعرفات الرديفة لها، ما أسمته منجزات الثورة السورية خلال 2022، من ضمنها مشروع إصدار البطاقات الشخصية.
الباحث في معهد “واشنطن لسياسة الشرق الأدنى” آرون زيلين، المختص في شؤون الجماعات “الجهادية” بشمال إفريقيا وسوريا، اعتبر في تقرير نشره على موقع “Syrian Jihadism“، أن إصدار بطاقة الهوية هي آلية أخرى تعزز مشروع حكم “هيئة تحرير الشام”، صاحبة النفوذ العسكري في المنطقة، من خلال “التدابير البيروقراطية”، لاكتساب فهم أفضل لمن يعيش في أراضي سيطرتها.
وأوضح الباحث أن البعض قد ينظر إلى هذا على أنه وسيلة للتجسس بشكل أفضل على السكان المحليين، إلا أن هناك أيضًا سببًا معقولًا آخر لذلك، وهو الطبيعة العابرة لأولئك الذين يأتون ويذهبون عبر أراضي سيطرة “هيئة تحرير الشام”، خاصة مع أراضي سيطرة “الجيش الوطني السوري” بريف حلب.
وأضاف زيلين أن ثلاثة أرباع السكان في المناطق التي تسيطر عليها “تحرير الشام” هم من النازحين من أجزاء مختلفة من سوريا، وبالتالي، من وجهة نظر “الهيئة”، سيكون من المنطقي إضفاء الطابع الرسمي على عملية إصدار البطاقات الشخصية.
وبدفع من “هيئة تحرير الشام”، شُكّلت حكومة “الإنقاذ” في 2 من تشرين الثاني 2017، من 11 حقيبة وزارية برئاسة محمد الشيخ حينها، واستقرت على عشر وزارات حاليًا، وتسيطر على مفاصل الحياة في محافظة إدلب وجزء من ريف حلب الغربي وريف اللاذقية وسهل الغاب، شمال غربي حماة، خدميًا وإداريًا.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :