الإنفاق على الصحة… تراجع حكومي وجهود فردية
جريدة عنب بلدي – العدد 50 – الأحد – 3-2-2012
ذكر تقرير صدر أخيرًا عن «المركز السوري لبحوث السياسات» حول الاقتصاد السوري – بحسب ما نقل موقع الاقتصادي بتاريخ 31 كانون الثاني 2013 – أن الإنفاق الحكومي على قطاع الصحة قد تراجع بنسبة كبيرة وصلت لحدود 50% خلال العامين الأخيرين. إذ ذكر التقرير أنه تم تخفيض الإنفاق العام على الصحة من 7.5 مليار ليرة عام 2010 إلى حوالي 5.2 مليار ليرة عام 2011، وتراجعت اعتمادات قطاع الصحة في العام 2012 لتصل إلى 4.4 مليار ليرة. وإذا ما تم اعتماد الأسعار الثابتة فإن القيمة الحقيقية للانخفاض في الإنفاق على هذا القطاع تراجعت من 3.9 إلى 2 مليار ليرة بين عامي 2010 و 2012، أي ما نسبته 50% من إجمالي الاعتمادات.
ويأتي هذا التقرير ليدعم بالأرقام والإحصائيات ما يشهده المواطن السوري من تراجع في الخدمات العامة التي تقدمها الحكومة السورية وفي مقدمتها الخدمات الصحية. إذ يعاني كثير من المواطنين من صعوبة الحصول على الرعاية الصحية والطبية حتى الأولية منها لعدة أسباب منها خروج عدد كبير من المشافي العامة – والخاصة- من الخدمة نتيجة تعرضها للتخريب والقصف. وكان وزير الصحة في حكومة النظام سعد النايف قد أشار إلى الأضرار التي ألمّت بالقطاع الصحي والتي تمثلت بخروج 25 مشفى و 105 مركزًا صحيًا و 150 سيارة إسعاف من الخدمة نتيجة «الأحداث الاستثنائية التي تمر بها سوريا»، فيما قدر حجم الخسائر في هذا القطاع بأكثر من 7 مليارات ليرة سورية. كما أن عددًا من الأطباء والممرضين وأفراد الكادر الطبي في المشافي والمراكز الصحية لم يعودوا قادرين على الوصول إلى أماكن عملهم نتيجة التضييق الأمني والحصار المفروض على بعض المدن والبلدات. وإضافة لذلك فإن عددًا من أفراد الكادر الطبي قد تم استهدافهم بالاعتقال نتيجة اتهامهم بتقديم الرعاية الطبية لـ «عناصر المجموعات الإرهابية»، ما دفع بالكثير منهم للامتناع عن الذهاب لأعمالهم أو السفر خارج البلاد حفاظًا على حياتهم. كما أن اضطرار مئات الآلاف من السوريين للنزوح من منازلهم ولجوئهم إلى أماكن تفتقر غالبًا للحد الأدنى من مستلزمات الصحة والسلامة يفاقم الأزمة التي يعيشها هؤلاء النازحون ويتطلب المزيد من الخدمات والرعاية الطبية بدلًا من خفضها.
ونتيجة هذا التراجع في دور الدولة في الرعاية الصحية، وفي سبيل تقديم الخدمات الطبية والرعاية الصحية اللازمة للمواطنين تم اللجوء إلى أشكال بديلة من تقديم الخدمات الطبية للمواطنين ومنها المشافي الميدانية في بعض المناطق. إذ تشهد المناطق التي انسحب منها النظام مثل مناطق ريف حلب وريف حماة، أو التي قرر معاقبة أهلها ففرض عليها حصارًا وضيق عليها الخناق وأوقف جميع أشكال الخدمات العامة فيها، تشهد هذه المناطق وجود مشافٍ ميدانية يقوم عليها عدد من الأطباء والممرضين والمسعفين ويبذلون كل جهدهم ووقتهم لتقديم الرعاية الطبية اللازمة للمرضى من المدنيين أو من المصابين نتيجة القصف الذي تتعرض له المدن والقرى السورية. فعلى سبيل المثال، قدم المشفى الميداني في مدينة داريا خلال الشهرين الأخيرين خدماته لأكثر من ألف مريض ومصاب، كما أجرى ما يقارب 150 عملية جراحية مختلفة. وغالبًا ما تقوم هذه المشافي بتقديم خدماتها بالمجان، مما يخفف الأعباء المالية التي كانت تثقل كاهل المواطنين، إذ قدرت دراسة أجريت في العام 2010 أن الأسر السورية تنفق أكثر من 70 مليار ليرة سورية على الخدمات الطبية والرعاية الصحية سنويًا، مما يعكس الدور الإيجابي للمشافي الميدانية في ظل تخلي حكومة النظام عن دورها ومهمتها بتقديم الخدمات العامة – ومنها الرعاية الطبية- للمواطنين.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :