صحافة محترمة من أجل سوريا

  • 2013/02/03
  • 3:52 م

17

عمر الأسعد

انتهت أربعون عامًا من الصمت في سوريا عندما قرر السوريون النزول إلى الشارع مطالبين بالحرية والكرامة، ومعها رمى السوريون موروث هذه السنوات الثقيلة الذي بدا هشًا وواهيًا وتافهًا أمام ما ظهر في البلاد على مدى عامين من الثورة، فمن يذكر اليوم «مشاريع الإصلاح» أمام «ثورة»، ومن يذكر «المسيرات العفوية» أمام مظاهرات انهال عليها الرصاص وقذائف المدافع، ومن هذا الذي يذكر «الإعلام السوري» أمام عدسات المصورين الذين يوثقون لحظات موتهم، ومن يذكر «الاتحاد العام النسائي» أمام ما تقدمه نساء سوريا من تضحيات وحضور لافت في الشأن العام.

هكذا انتهت السنوات الأربعين لمملكة الأسد، والتي تستوجب منا كثيرًا من الكتابة والنقاش والجدل كي ننتهي من ثقلها ومن حجم الجرح الذي تركته ولا زالت في نفوسنا.

على الصعيد الشخصي كان حلمًا أن أكتب في جريدة سورية تحترمني وأحترمها ولم يحصل هذا في مملكة الأسد، لكنه حصل بعد الثورة…

هذه اللحظات الأخطر والأهم والأدق تستحق أن تخرج من رحمها صحافة محترمة تكنس غبار ثالوث السلطة المكتوب «تشرين والبعث والثورة»، هذه السطور مخصصة للحديث عن الصحافة المكتوبة التي تفتحت في كثير من المدن والبلدات السورية خاصة مع انقطاع سبل التواصل والاتصال والعطش للمعلومة، ومع وجود رغبة شديدة في التعبير عن الرأي، هكذا تذكر صحف الثورة السورية وحركتها النشطة اليوم بالمراحل الأولى الحماسية للصحافة السورية في الربع الأول للقرن الماضي سواء من حيث دورية إصدارها ومعظم صحف الثورة أسبوعية أو من حيث عدد صفحاتها أو من حيث المواضيع التي تعالجها.

استطاعت هذه الصحف بإمكانيات شبابها المتواضعة أن تكون علامة فارقة في تاريخ هذه الثورة، ولا يمكن اليوم التأريخ لهذه الثورة دون المرور على صحفها، هذا فضلاً عن أن الإعلام بمفهومه الشامل هو الموثق الأساسي لتاريخ هذه الثورة.

تجربة الصحافة اليوم تؤسس لتجربة أكثر ارتباطًا بالواقع وبصورة المجتمع السوري وهموم السوريين، دون الخضوع للرقابة وعمليات القص والحذف ودون الخشية من سلطة أو «أجهزة مختصة» هي تريد النقد وإظهار الأخطاء التي تقلق السوريين أيًا كان مصدرها وهذا عامل هام للنجاح يؤسس لأن تكون الصحافة هي السلطة الرابعة في سوريا المستقبل، وهي الملجأ الأهم لكل مواطن يرغب في المعلومة أو يرغب في نشر معلومة أو احتجاج.

في تلك اللحظة فقط سينسى السوريون جملة «حكي جرايد» التي تدلل على أن الكلام المنشور في الجرائد لا قيمة له، وهذا حقهم على مدار أربعين عامًا من القمع والقهر والإذلال، أما بعدها فلا يجب أن نرضى أن تبقى الجريدة مثار استهزاء بل هي بيت جميع السوريين والمكان الأهم لحمل قضاياه إلى الرأي العام.

مقالات متعلقة

فكر وأدب

المزيد من فكر وأدب