تواصل الليرة اللبنانية تكبّد مزيد من الخسائر أمام العملات الأجنبية، وفي مقدمتها الدولار الأمريكي، جراء الظروف الاقتصادية التي تعانيها البلاد، متأثرة في الوقت نفسه بحالة فراغ سياسي.
واقتربت الليرة اللبنانية، الاثنين 9 من كانون الثاني، من حاجز الـ50 ألف ليرة مقابل الدولار الواحد، بتسجيلها عدة أسعار صرف، بدأت من 45050 ليرة للمبيع، وصولًا إلى 46500، ثم 45750 ليرة للدولار الواحد، لتبلغ قيمتها اليوم 45900 ليرة أمام الدولار الواحد.
وبدأ سعر الشراء، الاثنين، من 44900 ليرة وصولًا إلى 46350 ليرة قبل العودة إلى 45900 ليرة أمام الدولار الواحد، بينما بلغت الليرة اليوم 45750 ليرة، وفق موقع “الليرة اليوم” المختص بأسعار صرف العملات الأجنبية.
متأثرة بالسورية؟
الباحث اللبناني في الاقتصاد السياسي الدكتور طالب السعد، أوضح لعنب بلدي أنه في ظل غياب أي إصلاح سياسي أو اقتصادي لن تشهد العملة استقرارًا، وعند ارتفاع سعر الصرف لا تشكّل قيمة العملة فارقًا بين 50 أو 60 ألفًا مثلًا، فالعملة فقدت إلى جانب قيمتها، الرغبة في حيازتها من قبل المواطنين.
وحول احتمالية تأثر الليرة اللبنانية بوضع الليرة السورية، لفت الباحث إلى حصول تأثير غير مباشر على قيمة العملة، خاصة بالنسبة للدول المجاورة والتي تمتلك علاقات تجارية بالوضع الطبيعي، لكن بشكل مباشر تتأثر العملة الوطنية بالاقتصاد الوطني.
الباحث لفت إلى حالة انخفاض أكبر في قيمة الليرة اللبنانية تحدث في الوقت الذي تشهد فيه الليرة السورية استقرارًا نسبيًا، ما يعني وجود عمليات تهريب يجريها المضاربون، فالطلب على الدولار في سوريا ولبنان متزايد، والعرض غير كافٍ، وبالتالي فعندما يناسب سعر الصرف المضاربين يلجؤون لبيع الليرة (لبنانية أو سورية)، ويحولونها للسوق التي تتطلب هذه العملة، وهناك نوع من تهريب الدولار باتجاه سوريا حاليًا.
وقبل نهاية عام 2022، أصدر مصرف لبنان سعرًا جديدًا للصرف، وبموجبه بلغ سعر صرف الدولار 38000 ليرة لبنانية، بعدما كان 30200 ليرة لبنانية، في خطوة فسّرها الباحث على أنها محاولة لسد الفجوة بين السعر الرسمي وأسعار السوق السوداء، ما يعني أن المصرف خاضع للسياسة النقدية ولا يقودها.
وقال السعد، إن بعض اللبنانيين اتجهوا لشراء الدولار بالليرة اللبنانية وبيعه في السوق السوداء لجني بعض الأرباح، وهذا نوع من تخدير المجتمع وإلهائه وإضاعة الوقت.
كما أن تحديد أسعار لصرف الليرة والدولار يعتبر نوعًا من الدعم لليرة اللبنانية، بعد إيقاف دعم المحروقات وبعض الأدوية والمواد الغذائية، وهو أمر مكلف للخزينة دون تحسن في سعر الصرف.
القوى الإنتاجية تصارع منذ سنوات كل عوامل الانهيار وشبه الحصار المترتب على سوء الإدارة السياسية التي تكبّل التجار والمنتجين غير القادرين على التحرك واستعمال أموالهم في المصارف، ولا توجد خطة أو منهجية لاستعادة الثقة.
الباحث الاقتصادي الدكتور طالب السعد |
الليرة السورية تتحسن؟
وبعدما وصلت الليرة، في 31 من كانون الأول 2022، إلى 7125 ليرة سورية مقابل الدولار الأمريكي الواحد للمبيع، و7025 ليرة للشراء، سجلت اليوم، الثلاثاء، 6300 ليرة للمبيع، و6225 ليرة للشراء، وفق مسار تحسن في قيمتها منذ بداية العام، وفق موقع “الليرة اليوم“.
مصرف سوريا المركزي وفي أول تعليق على أزمة تراجع قيمة الليرة على مدار الأشهر الماضية، قال في 1 من كانون الثاني الحالي، إنه يستمر في مراقبة سعر الصرف بالسوق المحلية، واتخاذ كافة الوسائل والإجراءات الممكنة لإعادة توازن الليرة، ومتابعة معالجة كافة العمليات غير المشروعة التي تنال من استقرار سعر الصرف.
وخلال كانون الأول 2022، سجلت الليرة السورية تراجعًا بنسبة تجاوزت 23% على أساس شهري، وبنسبة قاربت 10% على أساس أسبوعي، لتحقق سعر 7150 ليرة أمام الدولار، وهو ما يقارب ضعف قيمة الدولار في الشهر نفسه من 2021، حين سجل 3600 ليرة تقريبًا.
هذه المتغيرات انعكست سلبًا على الوضع المعيشي والاقتصادي في مناطق سيطرة النظام، فأي زيادة محتملة في الأجور والمعاشات لن تغطي خسائر قيمة العملة المحلية، ما يعني انخفاض قيمة المعاش رغم الزيادة.
وكانت أحدث زيادة على الراتب أُقرّت في كانون الأول 2021، بموجب مرسوم رئاسي، تضمّن زيادة بنسبة 30% على أجور العاملين والموظفين، وبنسبة 25% على أجور المتقاعدين المدنيين والعسكريين.
–