«يا منرجع ع البناي يا أما منستشهد»
يجيب وائل صديقه محمد بعد سؤاله عن قرار اقتحام بناء سيطرت عليه قوات الأسد يوم الخميس 24 كانون الثاني 2013.
عاد محمد سالمًا لكن أبو كنان نال الشهادة التي طلبها ذلك اليوم، والتحق بأخيه الشهيد علاء الذي ارتقى في نيسان العام الماضي.
لطالما اشتاق أبو كنان إلى أخيه وبكى على فراقه وهو يردد دائمًا أنشودته المحببة ومطلعها:
أخي إن قتلت ستحيا بنا
كأن لم يمر عليك الفنا
فتمرح مهما احتوتك القيود
وتنعم بالحب ما بيننا
وكان يعبر عن أمله بأن يجمتع بأخيه في جنان الفردوس في منشوراته المتكررة على الفيسبوك حتى كان له ما أراد حيث دفن مع أخيه في مقبرة الشهداء في داريا.
ومن المفارقات مع عائلة أبو كنان -التي قدمت شهيدها الثاني- أنها بادرت باستئجار صالة أفراح واستقبال التهاني من الأصدقاء المتواجدين بمكان الإقامة الحالي في السعودية، رفعت فيها الشعارات والأناشيد الثورية.
أبو كنان أحد طلاب مسجد أنس بن مالك وأحد مؤسسي معهد تحفيظ القرآن في مسجد الصادق الأمين، لم يتوان عن المشاركة بالمظاهرات السلمية في مدينته داريا منذ بداية ثورة الكرامة في آذار 2011 مع مجوعة من أصدقائه، والتي أسست مطلع العام 2012 نواة الجيش الحر في المدينة، رغم التضييق الأمني المشدد والمداهمات المتكررة والحواجز الطيارة المنتشرة يوميًا في شوارع داريا. اقتصرت عمليات تلك المجموعة حينها على ضربات سريعة لمواكب الأمن وفق ما يناسب تلك المرحلة، لكن المواجهات المباشرة الأولى بين قوات الأمن والشباب المتطوع للدفاع عن المدينة بدأت يوم السبت الأسود 4 شباط 2012 منذ عامٍ تمامًا، قضى يومها 35 شهيدًا من أبناء المدينة.
أصيب أبو كنان في تموز من العام الفائت خلال إحدى مداهمات قوات الأسد لمزارع داريا الغربية إصابة في قدمه أبعدته عن رفاقه قرابة الشهر، لكنه ما إن تماثل للشفاء حتى عاد إلى مجموعته التي شكلت في رمضان ما عرف بالشرطة العسكرية في داريا، عملت على الحد من تجاوزات بعض عناصر الجيش الحر وضبط عملهم وتحركاتهم، وساهمت في التوافق بين العمل السلمي والمسلح في المدينة؛ وهذا واحد من أهم الأسباب التي شنت من أجلها قوات الأسد حملة في آب 2012 راح ضحيتها أكثر من 700 شهيد.
وخلال الحملة العسكرية على داريا المستمرة منذ قرابة الـ 80 يومًا فقد أبو كنان الكثير من أصدقائه على خطوط المواجهات الأولى كمحمد أبو اللبن وطارق محمود وأنس السقا وياسر أسد، لكن ذلك لم يكسر تصميمه على الوصول إلى أهدافه بإسقاط النظام والدفاع عن أهله وبلدته أو الموت دونهما.
ارتقى أبو كنان.. وفي اليوم التالي لاستشهاده لحق به رفيق دربه نبيل الشيخ حسن، وما يزال أصدقاؤه مستمرين في مواصلة الطريق مهما كانت التضحيات.