قاعات الدراسة بديل الطلاب في دمشق عن “عتمة البيوت”
تجبر سارة (23 عامًا)، وهي طالبة بكلية الاقتصاد في جامعة “دمشق”، على زيارة المقاهي والمراكز المخصصة للطلاب، بحثًا عن ظروف مناسبة للدراسة.
“الكهرباء بأفضل حالاتها تصل ساعة واحدة متقطعة كل خمس ساعات إلى منزلي”، هذا ما قالته سارة لعنب بلدي، مبررة عجزها عن إتمام دراستها في المنزل.
وتحاول سارة أن تستغل ضوء الشمس في ساعات الصباح الأولى، لكنه ليس خيارًا متاحًا دائمًا خصوصًا في فصل الشتاء، ما دفعها للبحث عن خيارات للدراسة خارج المنزل.
وتعيش شام (21 عامًا) معاناة مشابهة، لكن ساعات وصل الكهرباء في منطقة سكنها بحي ركن الدين غير ثابتة، ولا تتجاوز الساعتين في بعض الأيام، وفق ما قالته لعنب بلدي.
واشتكت شام، وهي طالبة بكلية الإعلام في جامعة “دمشق”، من عدم وصول أشعة الشمس إلى منزلها الأرضي، ما يجعل الدراسة فيه مستحيلة.
حلول “غير مكتملة”
تتكرر أسئلة الطلاب على مجموعات مواقع التواصل الاجتماعي حول خيارات أماكن مناسبة للدراسة، تتوفر فيها الكهرباء وشبكة الإنترنت بشكل دائم، بحسب ما رصدته عنب بلدي عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
ورغم وجود عديد من الأماكن المخصصة للدراسة (صالات، ومكتبات، ومقاهٍ)، يعاني الطلاب صعوبة الوصول إلى تلك الأماكن بسبب أزمة المواصلات المستمرة منذ سنوات.
وقالت شام، “أضطر أحيانًا للذهاب سيرًا على الأقدام لأصل إلى إحدى المكتبات أو الصالات المخصصة للدراسة، وهو ما يفتح الباب على معاناة أخرى في الشتاء”.
ولا تحل مشكلة البرد بعد وصول الطلاب إلى وجهتهم، إذ تغيب وسائل التدفئة عن معظم تلك الأماكن، أو تقتصر على ساعات محددة، وفق ما قالته شام.
وتوفر بعض الأماكن المخصصة للدراسة خدمة مجانية لكنها غالبًا ما تكون مزدحمة، بينما تطلب أخرى أجورًا “رمزية” أو تقتصر تكلفة الجلوس في بعض الأماكن على ثمن ما يطلبه الطالب من مشروبات.
وشكّلت تكلفة ارتياد هذه الأماكن “عبئًا إضافيًا” على الطلاب، إذ تضطر سارة للعمل بإعطاء دروس خصوصية لطلاب المدارس لتؤمّن مصاريفها الدراسية.
ولتخفيف ذلك العبء، توجه عديد من الطلاب لتقاسم أجور استئجار قاعات الدراسة، التي تصل في بعض الأماكن إلى عشرة آلاف ليرة سورية للساعة الواحدة.
الدراسة بـ”العتمة”
رغم الوعود المتكررة بتحسين قطاع الكهرباء في مناطق سيطرة النظام، لم يشهد القطاع أي تحسن، بل على العكس، ازدادت ساعات “التقنين” وتفاقمت معاناة السكان وخصوصًا الطلاب منهم.
وتصل مدة القطع في بعض المناطق إلى سبع ساعات مقابل ساعة وصل تتخللها عدة انقطاعات، ما يجبر معظم الطلاب على الدراسة بغرف شبه معتمة جراء عجزهم عن تشغيل “الليدات” لساعات طويلة.
وفي تشرين الثاني 2022، قال مدير عام مؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء، فواز الظاهر، لإذاعة “شام إف إم”، إن الوزارة غير قادرة على تطبيق برنامج “تقنين” ثابت، بسبب التغيرات اللحظية التي تطرأ على الشبكة الكهربائية، ومنها خروج بعض المحطات عن الخدمة.
ووعد الظاهر بتحسن الكهرباء بعد العمل على إعادة تأهيل بعض المحطات، مضيفًا أن ذلك سيخفف “قساوة التقنين” في فصل الشتاء لكنه لن يحل المشكلة.
أزمة مواصلات
تشهد معظم المناطق السورية أزمة في خطوط النقل وانخفاضًا بأعداد “السرافيس” والباصات العاملة على الخطوط، بسبب أزمات المحروقات المتتالية.
وفرضت أزمة المواصلات على عديد من الطلاب ضغوطًا إضافية، خصوصًا الذين يدرسون في كليات عملية تتطلب الالتزام بالدوام، إذ يُجبر عديد منهم على التغيب عن محاضراتهم بسبب عدم توفر المواصلات، أو يضطرون للذهاب بسيارات الأجرة، وهو الخيار الذي لا يستطيع معظم الطلاب تحمل تكاليفه.
وفي محاولة للحد من أزمة المواصلات، أعلن محافظ دمشق، محمد طارق كريشاتي، في 3 من كانون الثاني الحالي، فتح سقف التعبئة لوسائل النقل، حسب المسافة التي تقطعها ضمن مسارات محددة على خطوطها.
وبعد إيقاف “السرافيس” لنحو نصف عام في أيام العطل الأسبوعية، أعادت المحافظة العمل يومي الجمعة والسبت لجميع وسائل النقل.
وبعد أزمة متواصلة منذ أكثر من شهرين في مناطق سيطرة النظام، عطّلت كثيرًا من جوانب الحياة والعمل فيها، جرى الحديث منذ أواخر كانون الأول 2022 عن “بوادر انفراج” في أزمة المحروقات الحادة.
في المقابل، تسببت الأزمة برفع أجور وسائل النقل العامة وسيارات الأجرة، جراء رفع أسعار المحروقات بنوعيها “المدعوم” و”الحر” (المباشر).
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :