عروة قنواتي
بارتدائه قميص “العالمي” نادي النصر السعودي، في أحدث وأسرع انطلاقات العام الجديد، يخرج الدون البرتغالي الأسطورة كريستيانو رونالدو من السباق الشائق والماتع والطويل الذي ترافق فيه مع الأسطورة الأرجنتينية البرغوث ليونيل ميسي لمدة تتجاوز 15 عامًا، بأرقامها وجوائزها وألقابها وأفراحها وأتراحها.
يخرج رونالدو طبعًا وبكل وضوح من هذا التنافس أو دعونا نقل: تنتهي حصته في السباق، بعد انتقاله إلى القارة الآسيوية ليشارك نادي النصر الطامح للعودة إلى الأمجاد، في رحلة قد تمتد لعامين وأكثر.
أنا عالمي، رددها كريس أمام الصحافة وأجهزة الإعلام ليعبر لمن يتابعه ومن أتى لرؤيته عن سعادته بالانضمام إلى فريقه الجديد وجاهزيته لتقديم أفضل ما لديه، ولكن أفضل ما لديه ليس داخل القارة الأوروبية، فقد أسدل الستار على حلم جديد لملاحقة ميسي في عدد الكرات الذهبية وعلى لقب جديد في دوري أبطال أوروبا وعلى الأفضل في العالم وفي أوروبا.
كريستيانو منذ خروجه من النادي الملكي باتجاه اليوفي، ثم إلى المان يونايتد وخلال أربعة مواسم ونصف، غاب تمامًا عن الألقاب العالمية والجوائز الفردية، فلا الفرق التي ارتدى قميصها نالت لقبًا قاريًا، ولا هو استطاع اعتلاء منصات التتويج، كما فشل مع المنتخب البرتغالي في أن يلامس لقب اليورو السابق وكأس العالم قبل نهاية العام 2022 في قطر، فيما استطاع ليونيل ميسي أن يظفر بكرتين ذهبيتين فوق الخمس التي كان يمتلكها، وكانت تعادل ما يملكه رونالدو، وحقق لقب كوبا أمريكا ولقب المونديال 2022، وبالهمة والتصريحات التي أطلقها مع نهاية المونديال، يبدو أن الموسمين المقبلين لن يبتعد فيهما ليونيل عن منصات التتويج قدر الإمكان والمستطاع، إن كان مع ناديه باريس سان جيرمان أو مع المنتخب الأرجنتيني في كوبا أمريكا.
طبعًا، ومن القلب، “برافو” لنادي النصر، العالمي، على هذه الصفقة الخيالية وهذا الاستقطاب الرائع لنجم كروي تاريخي، وحتى لو كانت أرقام الصفقة عالية جدًا، فإن التفكير باحترافية كرة القدم وبالفوائد الاقتصادية حق مشروع لأي نادٍ في العالم، وقد تفتح صفقة البرتغالي مع نادي النصر الباب لمنطقة الشرق الأوسط وخصوصًا المنطقة العربية للتعاقد ولاستقطاب عدد من النجوم في كرة القدم بما يشابه حالة الدون البرتغالي. لا أقول هنا إن الهلال السعودي سينجح في محاولاته المستمرة لضم ليونيل ميسي، ولكني أراهن على أن المواسم المقبلة ستحمل أخبارًا بعقود لنجوم في كرة القدم كانت الولايات المتحدة أو بلدانهم الأصلية هي المحطة الأخيرة كرويًا ضمن حساباتهم، الأمور الآن ستأخذ اتجاهًا جديدًا وهذا واضح.
السؤال الآن: هل اكتفى رونالدو بالفعل من السباق على أحقية الأفضل عالميًا في كرة القدم بينه وبين ليونيل ميسي، أم أن الظروف والرهانات الخاسرة والمواسم السيئة والتراجع المخيف في العام الماضي، وأزمات المنتخب الأول بوجوده كانت هي السبب، أم أن خلافاته مع وكيل أعماله خورخي مينديز من الأسباب الأهم لقرار رونالدو التاريخي؟
حتى نكون ضمن الواقع والمنطق، فإن عرض نادي النصر يسيل اللعاب، عرض مغرٍ جدًا، ومناسب لطموحات كريستيانو رونالدو الاقتصادية، ولكن بالتأكيد كان التوجه لارتداء قميص العالمي آخر ما يفكر فيه رونالدو ضمن مسيرته الاحترافية بكرة القدم، وحتى في السنة الماضية وخلال كأس العالم، تراوحت طموحات الدون بين محاولة الاستقرار مع مانشستر يونايتد الإنجليزي أو صفقة سريعة لنادٍ كبير في أوروبا، ثم أصبحت للعودة والمشاركة أساسيًا في مواجهات الدوري الإنجليزي مع المان يونايتد أو الخروج إلى أي نادٍ أوروبي له فرصة المشاركة في دوري أبطال أوروبا ، لتتحول إلى تصريحات صحفية تحت عنوان “رد الاعتبار”، أدت إلى خروجه سريعًا، و”بالتراضي” من النادي الإنجليزي، لتكون فرصة المونديال هي الأخيرة لرونالدو حتى تعطيه الحافز والاهتمام مجددًا ، فكان الخروج من الدور ربع النهائي أمام المغرب، وكان الدون في مباراته الثانية التي يدخل فيها كبديل إلى أرض الملعب، ورحى الحرب الطاحنة بينه وبين المدرب سانتوس دائرة وصريحة، والنتيجة صدمة محزنة ونهاية عام كارثي لمسيرة الدون الاحترافية.
رونالدو أطلق ما تبقى من مشواره الكروي باسم نادي النصر وبقميص العالمي في المملكة العربية السعودية، مع مجاملات وتصريحات بأنه جاء لتطوير الكرة في السعودية من أجل الشباب والشابات، وأن رغبة قوية لديه بتحطيم أرقام آسيوية بعدما اكتفى من مسابقات أوروبا… لن نكون ملكيين أكثر من الملك طبعًا، فمن حق رونالدو بتاريخه العظيم وأرقامه وبطولاته وجوائزه المرعبة أن يفكر بما يريد، ولكن السباق انتهى هنا، وكما يبحث القائد البرتغالي عن أرقام آسيوية ليحطمها، يكمل ميسي سباقه مع ما تبقى من عمره الكروي لحصاد الذهب والألقاب والجوائز الأوروبية والعالمية.
حظًا موفقًا أيها الدون العظيم.