أطباء سوريون يغنون الحاجة الطبية بكتب معرّبة في الشمال السوري
عنب بلدي – إدلب
“بعد أول كتاب ترجمته في 2011، ظلّت فكرة الترجمة في هاجسي، ومع الحاجة إلى مصادر معلومات ومراجع باللغة العربية في الشمال المحرر، طرحت الفكرة على أطباء مختصين، حيث لاقت القبول”، بهذه الكلمات استرجع الطبيب واصل الجرك بداياته في تعريب الكتب.
تحدث الطبيب السوري لعنب بلدي عن أول كتاب ترجمه وكان بعنوان “100 حالة في الجراحة”، وذلك في بداية سنوات الاختصاص خلال دراسته في المستشفى الجامعي بحلب، ولم تسمح له الظروف خلال السنوات الأولى للثورة السورية متابعة الترجمة حين ازدادت الحاجة، مع قلة المكتبات ودور النشر في المناطق التي سيطرت عليها المعارضة.
وأوضح الجرك أن المراجع الجديدة لمقررات الطب ضرورية مع تطور تقنيات وأدوات المعالجة باستمرار، وباعتبار المنظومة التعليمية في سوريا اعتمدت على اللغة العربية في معظم مقررات الطب البشري، كانت الحاجة إلى الكتب المعرّبة أكبر.
اختصاص مهم للمنطقة
شارك عدة أطباء جرّاحين الطبيب واصل الجرك في تعريب الكتب، كان معظمهم قد عملوا سابقًا معه في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة ضمن المستشفيات الميدانية.
وبرزت الحاجة، بحسب الجرك، في مناطق الشمال السوري بعد تعدد الإصابات الرضّية للأشخاص إثر كل غارة أو قصف مدفعي على المنطقة من جهة، وضعف الخبرة باختصاص جراحة الرضوض، لأنه لم يكن موجودًا بكليات الطب البشري في سوريا سابقًا، من جهة أخرى.
وأصدر الكتاب الثاني في عام 2016 بعنوان “مشرط القمة”، كنسخة معرّبة لكتاب “Top Knife”، بالتعاون مع عدة أطباء سوريين مختصين بجراحة الرضوض، في الشمال السوري، حيث لاقى إقبالًا وانتشارًا بين الأطباء العاملين في الميدان بسبب الحاجة إليه.
ولم يرَ الكتاب الثالث النور حتى الآن، بسبب حاجته إلى تعديلات وتحسينات، وهو أحد المراجع الجراحية، إذ لم يسعف الوقت الأطباء المشاركين فيه لإنهائه، مع تأكيد الجرك أن الكتاب ضمن خطة العمل لإصداره في أقرب وقت.
أما الكتاب الرابع الأحدث فيُعنى بموضوع “متفرد”، بحسب وصف الجرك، بعنوان “العناية الجراحية الحرجة لدى الأطفال”، ترجمه عدة أطباء مختصين بقيادة الطبيب محمد بعث، المختص في هذا المجال، وصدر منذ نحو ثلاثة أشهر.
وبحسب الجرك، جرى الانتهاء من ترجمة الكتاب الخامس بعنوان “الاختلاطات الجراحية” (Surgical Complications)، وهو في مرحلة المراجعة، وسيصدر في أقرب وقت.
عبد الرحمن استنبولي، طالب في السنة الرابعة بكلية الطب ضمن جامعة “حلب الحرة”، قال لعنب بلدي، إن 90% من المقرر الدراسي باللغة العربية، ويرى أن الكتب المعرّبة المذكورة مفيدة، لشرحها الحالات الطبية بشكل عملي وليس بطريقة “سردية مملة”.
وأضاف عبد الرحمن أن مثل هذه الكتب تساعد في ترسيخ الأفكار بشكل أكبر، وخصوصًا خلال الدراسة العملية ضمن المستشفيات والمستوصفات.
ما التحديات؟
من التحديات التي واجهها الأطباء عدم وجود دور نشر لطباعة الكتب المعرّبة، في حين تواصلت بعض المكتبات المشاركة في معرضي “إدلب” و”اعزاز” للكتاب مع الطبيب السوري، لأخذ الإذن بطباعتها وبيع نسخها ضمن المعرض دون عوائد مادية للأطباء.
وعن الأسعار قال الجرك، إن الكتب تقع ضمن فئة اهتمام الطلاب الدارسين والأطباء العاملين بالجراحة على حد سواء، وإن الأسعار المحددة قريبة من التكلفة وتلائم وضع الطلاب المادي.
ومن الصعوبات خلال عمل الأطباء، تنسيق عمل الفريق الموجود في مناطق مختلفة جغرافيًا، وتخصيص عدد كافٍ للمراجعة من الأطباء، والالتزام بالوقت، وإيجاد دور طباعة ونشر مختصة لنشر الكتب ورقيًا وإلكترونيًا.
وبحسب دراسة أجراها الباحث محمد أحمد خليل، نُشرت عبر موقع “المركز السوري للعلاقات الدولية والدراسات الاستراتيجية” في شباط 2021، حول واقع التعليم العالي في الشمال السوري، كانت إجابات 31.1% من الطلاب المشاركين بالاستبيان بأن مدى ارتباط المقررات الدراسية بسوق العمل “ضعيف”، بينما أفاد 45.9% بأنه “متوسط”.
ويواجه طلاب وخريجو جامعات الشمال السوري العامة والخاصة صعوبة بالاعتراف الخارجي بالإجازات الجامعية الصادرة عن جامعاتهم، ما يجبر معظمهم على قبول أي فرصة عمل حتى لو لم تتعلق بتخصصهم الجامعي.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
English version of the article
-
تابعنا على :