سلمية.. مدينة طوابير تكتم أنفاسها صور الأسد
تنتشر الطوابير في مدينة سلمية شرقي محافظة حماة، وصارت المواد الأساسية اليومية من الكماليات التي تحتاج إلى ادخار لأشهر لشرائها، في حال لا تختلف كثيرًا عن بقية المحافظات السورية.
مواطنون من أبناء المدينة قابلتهم عنب بلدي، قالوا إن “ثقافة الطوابير” صارت مؤخرًا أسلوبًا لحياة السكان، فحتى المستلزمات التي يمكن شراؤها دون الانتظار في طابور، صارت مجدولة على طابور أولويات السكان.
وفي الوقت الذي يعتمد فيه أبناء المدينة على الفلافل كوجبة رئيسة “رخيصة” للعيش، ارتفع سعر السندويشة الواحدة إلى ثلاثة آلاف ليرة سورية، وبالتالي فإن مصروف الفرد الواحد يبلغ على الأقل 90 ألف ليرة سورية شهريًا، إذا كانت حاجة الفرد منها وجبة واحدة يوميًا.
بينما بلغت تكلفة مستلزمات إعداد وجبة غداء ليوم واحد مكوّنة من الخضار فقط نحو 20 ألف ليرة سورية.
ويبلغ سعر صرف الليرة السورية اليوم 5925 ليرة مقابل الدولار الأمريكي، بحسب موقع “الليرة اليوم“.
هادي (30 عامًا)، من سكان مدينة سلمية، قال لعنب بلدي، إن المدينة لطالما اشتهرت بفقر سكانها، لكنها لم تفقد ألوانها يومًا، بينما صارت اليوم شوارعها قاتمة، وسكانها نادرًا ما يبتسمون.
وأضاف أنه حتى صور رئيس النظام السوري، بشار الأسد، التي وضعتها المفارز الأمنية في ساحات المدينة وعلى طرقها الرئيسة، وغطت جدار الساحة العامة الأثري، لم يبقَ منها سوى اللونين الأزرق والأسود.
سيارات الأجرة من الرفاهية
أزمة المواصلات العامة في سوريا مرت بمدينة سلمية، لكن يبدو أنها استمرت أكثر من بقية المدن، إذ لا تتوفر المواصلات العامة بالمدينة حتى اليوم إلا في أوقات محددة، وبأعداد محدودة جدًا.
وفي الوقت نفسه، لا يقترب من سيارات الأجرة المركونة في ساحة المدينة سوى “الطبقة المرفّهة”.
هادي قال إن موقع المدينة البعيد عن المدن الحدودية جعل وصول المحروقات إليها أكثر تكلفة من غيرها، ومحصورًا بأشخاص محددين من قادة المجموعات الرديفة بقوات النظام السوري.
وقبل سيطرة النظام السوري على ريف سلمية الشرقي، كان “الدفاع الوطني” وبعض المجموعات الرديفة بالنظام تشتري المحروقات من تنظيم “الدولة الإسلامية” شرقي سوريا، وقبلها كانت تشتريه من فصائل المعارضة المنتشرة بأرياف المدينة الشرقية والشمالية.
وكانت قرية أبو دالي، التابعة لمنطقة سلمية، تُعرف قبل عام 2015 بأنها معبر ترد منه المحروقات إلى المدينة من مناطق نفوذ المعارضة، بإدارة أحمد درويش، عضو مجلس الشعب السابق، وأحد المقربين من النظام السوري.
سعر الليتر الواحد من البنزين بلغ في سلمية مطلع كانون الأول الماضي 20 ألف ليرة سورية في حال توفره، ثم عاد إلى الانخفاض وصولًا لسعر 14 ألف ليرة في السوق السوداء، أما المازوت فبلغ سعر الليتر الواحد منه 11 ألف ليرة سورية في “السوق السوداء”.
ويعتمد السكان على “السوق السوداء”، لكون رسائل المحروقات منقطعة عن أبناء سلمية، حتى بالنسبة لسائقي سيارات الأجرة.
وتبلغ تكلفة طلب سيارة الأجرة داخل المدينة سبعة آلاف ليرة سورية في حال لم تتعدَ المسافة ثلاثة كيلومترات.
“أغيد” (27 عامًا) اسم مستعار لطالب جامعي في مدينة سلمية، ينتظر الحافلة لأكثر من أربع ساعات يومًا حتى يصل إلى جامعته، لأن رحلات النقل بين سلمية وحماة باتت محدودة، إذ تتوفر رحلتان صباحًا، ولا تتسع لجميع المنتظرين.
ومع أزمة المواصلات التي ضربت المحافظات السورية المُدارة من قبل حكومة النظام السوري إثر شح المحروقات، بات التنقل بين المدن والمحافظات أمرًا بالغ الصعوبة يحتاج إلى تخطيط يومي، خصوصًا بالنسبة لطلاب الجامعة، وهو ما أجبر الطلاب على اتخاذ أسقف الحافلات مقاعد لهم، لرحلة تبعد مسافتها نحو 40 كيلومترًا في ظروف جوية سيئة.
اقرأ أيضًا: طلاب الجامعات يتنقلون بين سلمية وحماة على سقف الحافلات
مستشفيات الدولة.. على حساب المرضى
التأثير وصل إلى القطاع الطبي، الذي بات مأجورًا بالنسبة للسكان، نظرًا إلى عدم توفر المواد الطبية في المؤسسات العامة مهما كانت بسيطة.
هادي روى لعنب بلدي قصة أحد أقاربه الذي راجع المستشفى “الوطني” لإجراء بعض التحاليل، إذ اكتشف أن معظم التحاليل البسيطة غير متوفرة فيه، حتى إن مواد أساسية كالقطن والشاش والإبر الطبية والمعقمات يجب على المريض إحضارها من الصيدلية.
بلغت تكلفة مراجعة قريب هادي لعيادة خاصة في سلمية 25 ألف ليرة سورية كرسم للدخول فقط، ناهيك بإجراء “تخطيط للقلب” في مستشفى خاص ودفع 400 ألف ليرة سورية تكلفته.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :