أمام عيون الفصائل.. أشجار زيتون معمرة تقطع بعفرين

  • 2023/01/08
  • 12:16 م

جذع شجرة زيتون بعد قطع الشجرة في أرض زراعية بمدينة عفرين بريف حلب الشمالي- كانون الأول 2022 (عنب بلدي/ أمير خربوطلي)

عنب بلدي – عفرين

“شجرة الزيتون تأخذ من عمرنا سنوات، وحين أرى شجرة مقطوعة، أحزن من أعماق قلبي”، بهذه الكلمات وصف المزارع الأربعيني صبحي شعوره وهو يرى شجرة زيتون مقطوعة جزئيًا أو كليًا في أرضه بناحية راجو التابعة لمدينة عفرين شمالي حلب.

وقال المزارع لعنب بلدي، إن قيمة الشجرة تتجاوز مردودها المادي باعتبارها مصدر رزق، فهي أكبر منه عمرًا، وتحمل روح وبصمة جده وأبيه وذكريات العائلة، كما أنها الإرث الذي يتركه لأولاده، ويبذل الجهد من أجل أن تبقى أشجار الزيتون معمرة معطاءة في أرضه.

موروث الأجداد

وأوضح صبحي أنه مستمر في العمل ضمن أرضه، وينقل قيمة الأرض وحبها إلى أطفاله، لافتًا إلى أن حقول الزيتون لا تسد 15% من مجهود العمل فيها، لما تتطلبه من تكاليف وأعباء مالية، وفرض بعض الفصائل العسكرية إتاوات على الأراضي.

كل شجرة تحمل خصوصية لصاحب الأرض، وفق صبحي الذي ذكر أن المزارع يبذل سنوات من التعب لكي تنمو أشجاره، كما يطبّق عليها ما تعلمه من أبيه من أساليب الزراعة كالحراثة والتسميد والسقاية، وينتظر موعد القطاف، وفي حال قطعها فهي تحمل كل هذه التفاصيل والذكريات معها.

وتتعرض أشجار الزيتون لعمليات قطع واحتطاب على أيدي فصائل في “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، وأشخاص مجهولين يُتهمون بتبعيهم لفصائل عسكرية، وخاصة في منطقة عفرين المشهورة بأشجار الزيتون المعمرة، والتي تنقسم إلى سبع نواحٍ هي: عفرين، شيخ الحديد، معبطلي، شران، بلبل، جنديرس، راجو.

وفي 11 من كانون الأول 2022، نشر الناشط أحمد البرهو تسجيلًا مصوّرًا أظهر عمليات “القطع الجائر” في محيط ناحية راجو، لافتًا إلى أن عدد الأشجار المقطوعة يزيد بشكل يومي، ويصل أعمار بعضها إلى 60 عامًا.

ويبلغ عدد أشجار الزيتون في مدينة عفرين ونواحيها 14 مليونًا و225 ألف شجرة، وفق ما قاله مدير مكتب رئيس المجلس المحلي في عفرين، أحمد حماحر، لعنب بلدي.

المهندس الزراعي سليمان محمد أوضح لعنب بلدي أن شجرة الزيتون من الممكن أن تثمر في حال تعرضت لقطع جزئي، وفي حال زراعة غراس جديدة فإنها تحتاج من خمس إلى ست سنوات حتى تصبح مثمرة بشكل جيد مع اختلاف صنوفها.

القطع لا يتوقف

في 19 من كانون الأول 2022، فوجئ المزارع “جوان” (اسم مستعار لمخاوف أمنية) بقطع 30 شجرة زيتون من أرضه الواقعة بين قرية كفر شيل وقرية خليل قرب مدينة عفرين، مضيفًا أن 50 شجرة تعرضت لقطع جزئي أيضًا.

وأوضح المزارع لعنب بلدي أنه أبلغ مكتبًا أمنيًا يتبع لأحد فصائل “الجيش الوطني” صاحب النفوذ العسكري في المنطقة، بما تعرضت له أرضه التي تضم 300 شجرة زيتون، لافتًا إلى أن عمليات القطع “لا تستثني” أي مزارع، وأن المزارعين يخافون من الحديث، لأن “التُهم بالعمالة مع أحزاب إرهابية” جاهزة.

وذكر “جوان” أنه أخبر حاجزًا عسكريًا على طريق قرب أرضه عن عملية قطع الأشجار واحتطابها، فكان جوابهم بأنه “لا علاقة لهم بشجره، وطالبوه بدفع مبلغ لحراسة الأرض والقبض على اللصوص”.

المزارع أكرم أبو رمزي (تجاوز 80 عامًا)، من قرية جويق بريف عفرين، حاله كحال “جوان”، فقد تعرّض للضرب من قبل شخصين ملثمين يرتديان زيًا عسكريًا، كانا يقطعان شجر الزيتون في أرضه، بعد أن فوجئ بوجودهما.

وذكر المزارع الثمانيني لعنب بلدي، أن أكثر من 17 شجرة زيتون قُطعت من أرضه بشكل كامل.

وتجري عمليات الاحتطاب رغم وجود قرارات بمنعها ومحاسبة ومصادرة أي سيارة محمّلة بالأشجار، وتوقيف الجهة المسؤولة ومحاسبتها، ومع كل حالة تظهر للعلن، يطالب ناشطون بالحد من هذه العمليات، ومحاسبة المجموعات التي تشرف عليها، مع نشر صور عديدة تقارن بين المساحات الخضراء في السنوات السابقة وما أصبحت عليه بعد عمليات القطع.

ولا تعتبر الإتاوات جديدة على مزارعي المنطقة، إذ فرضتها فصائل “الجيش الوطني” منذ سيطرت، مدعومة بالجيش التركي في عملية “غصن الزيتون”، على مدينة عفرين ومحيطها، بعد معارك خاضتها ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، انتهت في 18 من آذار عام 2018.

ووثّقت منظمات حقوقية وإنسانية قضايا الإتاوات منذ سيطرة “الجيش الوطني” على عفرين، كما حذرت عديد من الجهات المحلية وحتى المؤسسات العسكرية من عمليات قطع الأشجار الحرجية في المنطقة وريفها، تحت طائلة المحاسبة ومصادرة أي سيارة محمّلة بالأشجار، وتوقيف الجهة المسؤولة ومحاسبتها، لكن قرارات المنع لم تكن رادعة، وقوبلت بنفي الفصائل ارتكابها لهذه التجاوزات.


شارك في إعداد هذا التقرير مراسل عنب بلدي في عفرين أمير خربوطلي

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية