ما القادم بين أنقرة ودمشق في 2023.. الصحافة العربية تجيب
شكّل اللقاء الوزاري بين وزير الدفاع التركي ونظيره السوري بوساطة روسية، نقطة تحول في العلاقات بين تركيا والنظام السوري، إذ يعد هذا اللقاء الأول من نوعه منذ بدء الثورة السورية في 2011، طارحًا التكهنات حول مستقبل العلاقة في 2023.
وفي مقال للسفير التركي السابق في دمشق، عمر أنهون، نشرته صحيفة “الشرق الأوسط”، الجمعة 30 من كانون الأول، قال إنه في عام 2022 انتقل الصراع السوري إلى “مرحلة جديدة” بالنسبة للعلاقات بين دمشق وأنقرة، واصفًا الاجتماع الثلاثي الوزاري بأنه “لم يكن نهاية عملية صعبة للغاية، وإنما بداية لها”، وجاء نتيجة مشكلات كثيرة تراكمت على مدى السنوات الـ11 الماضية.
وكان الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، كشف في النصف الأول من العام الحالي، أن جهاز الاستخبارات التركية والنظام السوري قد دخلا في محادثات، ومنذ ذلك الحين، أصبحت الأمور أكثر تسارعًا.
ومنتصف الشهر الحالي، طرح أردوغان فكرة عقد قمة ثلاثية بينه وبين رئيس النظام السوري، بشار الأسد، والرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، مشيرًا إلى أنه ينبغي أن تسبق هذه القمة اجتماعات لوزراء الدفاع والشؤون الخارجية.
ويرى أنهون أن تركيا انخرطت ونجحت إلى حد كبير، في الآونة الأخيرة، بمسار التطبيع مع عدد من بلدان المنطقة التي كانت علاقاتها معها سيئة، والآن تحولت إلى سوريا من أجل التطبيع.
وأوضح السفير السابق أن قضيتي “وحدات حماية الشعب” (YPG) وعودة اللاجئين السوريين، لها تداعيات مباشرة على تركيا، وتزداد أهمية مع اقتراب الانتخابات التركية المقبلة.
ومع انتقاد العديد من الأتراك، ومن ضمنهم أنصار الحكومة، لأردوغان بسبب سياساته في سوريا، اختارت الحكومة التركية تحولًا سياسيًا “جديًا للغاية”، من مقاربة عنوانها “ليس مع الأسد”، إلى مقاربة “ليس من دون الأسد”، وفق وصف أنهون.
كما أن الرفض الأمريكي والروسي للعملية العسكرية البرية التركية في شمالي سوريا، باختلاف الأسباب، جعل تركيا على استعداد للتوصل إلى حل من خلال المحادثات عوضًا عن القتال، بحسب المقال.
واعتبر الكاتب أن الخاسرين في عملية التطبيع برعاية روسيا هم الولايات المتحدة، وإيران، و”YPG” التي تعتبرها تركيا منظمة إرهابية، في حين تدعم الولايات المتحدة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، التي تعتبرها تركيا امتدادًا للمنظمة الإرهابية.
وتوقع أنهون أن تشارك “YPG” أيضًا، في مرحلة ما، برفقة الأمريكيين ضمن الإطار العام للمحادثات والمفاوضات مع النظام وتركيا، كما ستحرص تركيا على الاتفاق حول “خريطة طريق” لعودة السوريين إلى سوريا، مع اعتراف الكاتب بأن هذه الخطوة ستكون “معقدة للغاية”.
اعتقادات خاطئة للأسد
تناولت صحيفة “العرب” ضمن مقال للكاتب بهاء العوام، ملف تقارب أنقرة ودمشق من زاوية رؤية النظام السوري، التي تستند إلى تعطيل كل الحلول إلى حين حدوث تغيرات دولية تعيد واقع الحال إلى سوريا كما كان قبل عام 2011، دون حاجة إلى تغيير أو إصلاح رغم كل ما حدث في البلاد، وفق الصحيفة، التي وصفتها بـ”الحسابات الخاطئة”.
وعلّق الكاتب على خبر نقلته وكالة “رويترز” مؤخرًا عن مصادر سورية، بأن الأسد يماطل في عقد لقاء مع نظيره التركي بوساطة روسية، لأنه لا يريد أن يمنح أردوغان “نصرًا انتخابيًا مجانيًا”، متسائلًا من يحتاج إلى “انتصارات” تعينه على مساعدة نفسه وشعبه في الداخل والخارج، أردوغان أم الأسد؟
وجاء في المقال، “الاعتقاد الخاطئ الذي يتوهمه الأسد بالنصر على خصومه عندما يبدون مرونة تجاهه، ثم تجاهل الرسائل التي تصله منهم بشكل مباشر أو غير مباشر، معتقدًا أن التجاهل سيدفعهم إلى التنازل تلو الآخر من أجل إرضائه، ولكن الحقيقة هي أن الظروف تتغير، والحاجة إلى الانفتاح عليه اليوم قد تنتهي غدًا، ليعودوا إلى معاداته”.
صحيفة “القدس العربي” تناولت في مقال، نُشر الجمعة، تعاطي الإعلام المحلي الموالي مع تطورات العلاقة بين أنقرة ودمشق، مشيرة إلى وجود تمهيد لحصول الاجتماع الأخير، لكن في المقابل، ذكرت أن “آلة” الإعلام الرسمية السورية غير قادرة على “شطب إرث العداء الشديد” لأنقرة، مستندة إلى نشرها خبرًا في ذات يوم لقاء موسكو، جاءت فيه عبارة “قوات الاحتلال التركي”.
ووصفت الصحيفة لقاء وزراء دفاع روسيا وتركيا وسوريا، ضمن هذا السياق، بلقاء “طرفين قويين، عسكريًا وسياسيًا، مع طرف في حالة انعدام وزن سياسي، وضعف في القدرات العسكرية”.
وعلى الرغم من أن أنقرة وموسكو هما الطرفان المبادران في هذا الاتجاه، فإن الفائدة السياسية التي ستحصل من اللقاء التالي، إذا حصل، بين بوتين وأردوغان والأسد، ستكون “مجزية” لرئيس النظام السوري.
سياسة روسية لإبدال الهجوم التركي
لفتت صحيفة “الأخبار” اللبنانية، الجمعة، إلى أن اللقاء الوزاري الثلاثي يتزامن مع الجدل الدائر حاليًا في مجلس الأمن حول قضية المساعدات الإنسانية “عبر الحدود”، إذ ترغب أنقرة في ضمان استمرار تدفّق المساعدات خلال الأشهر المقبلة لمنع حدوث اضطرابات في الشمال السوري.
بينما تصر دمشق وموسكو على أن تقدم الدول الغربية دعمًا ملموسًا لمشاريع “التعافي المبكر”، وخصوصًا لمنظومتَي المياه والطاقة الكهربائية، وفق الصحيفة.
وأضافت الصحيفة أن الاجتماع الأخير جاء بعد تعثّر الخطة التركية لشن هجوم بري جديد في الشمال السوري، بعد رفض روسي- أمريكي، ليبقى الحل الوحيد بالنسبة إلى أنقرة الانفتاح على دمشق “وفق الخطة الروسية”، خصوصًا أن الولايات المتحدة لا تملك سوى تجديد طرح مشروعها لربط المناطق الخارجة عن سيطرة النظام (شمال شرقي وغربي سوريا)، الخطوة التي تعتبرها تركيا تجذّر “الإدارة الذاتية” بدلًا من إنهائها.
وخلص تحليل إخباري للصحفي إبراهيم حميدي في صحيفة “الشرق الأوسط”، إلى أن “الضغط الروسي” بقيادة بوتين لاستعجال عقد لقاء ثلاثي يجمعه مع أردوغان والأسد، هو بمثابة تقديم هدية لـ”صديقه اللدود” للفوز في انتخابات الرئاسة منتصف العام المقبل، وذلك بعد تنامي التعاون الروسي- التركي في أوكرانيا واقتراب موعد الانتخابات وتعمق الأزمة الاقتصادية السورية.
ويحاول الجانب الروسي، وفق تحليل حميدي، ردم الفجوة بين الجانبين في اللقاءات العسكرية والأمنية والسياسية المقبلة، من بينها كتابة جديدة لاتفاقية “أضنة” 1998 بين أنقرة ودمشق، بحيث يدمج النص الجديد بين اتفاقيتي “أضنة” و”سوتشي”، إذ تضمنت الأخيرة تسيير دوريات روسية- تركية، وانسحاب “YPG” بعمق 30 كيلومترًا، ونشر قوات النظام على حدود تركيا.
سياسيًا، يقترح الجانب الروسي بيانًا مشتركًا يتضمّن بندًا رئيسًا، هو “التزام وحدة أراضي سوريا وسيادتها، ورفض الأجندات الانفصالية، وعودة اللاجئين”، بحسب حميدي.
واستبعد التحليل حدوث لقاء بين أردوغان والأسد، والتحالف معه ضد “قسد”، قبل حصول خطوات فعلية لأحد طلبات النظام المتمثلة بانسحاب الجنود الأتراك من سوريا، ووقف الدعم العسكري والسياسي للمعارضة.
وفي السنة المقبلة، ستؤثر خطوات التطبيع التركي- السوري على خطوات التطبيع العربي نحو دمشق، بينما ستؤثر الحدود التي تسمح بها أمريكا، والعقوبات المفروضة في “الكونجرس” الأمريكي على مسار التطبيع، وفق التحليل المنشور في “الشرق الأوسط”.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :