لم يعد “أبو قصي”، صاحب “بقالية” لبيع المواد الغذائية في محافظة إدلب شمالي غربي سوريا، ينتظر تخفيض الغرامة التي فُرضت عليه بقيمة 1200 ليرة تركية، بعدما قوبل طلب الاسترحام الذي قدمه بالرفض من قبل المحكمة.
وقال “أبو قصي” (تحفظ على ذكر اسمه الصريح) لعنب بلدي، إنه تلقى مخالفة تموينية من قبل “المديرية العامة للتجارة والتموين” التي ضبطت لديه مخالفة تتعلق بعدم وجود شهادة منشأ لبعض المواد الغذائية الموجودة في محله، تتراوح قيمتها بين 300 و400 ليرة تركية، إلا أن غيابه عن جلسة الحكم أدى إلى صدور حكم غيابي بحقه بالغرامة بـ1200 ليرة تركية.
واعتبر “أبو قصي” أن موظفي “التموين” لديهم صلاحيات واسعة، ولا يسمح بالاعتراض على تصرفاتهم، كما لا يستمعون إلى مطالب الباعة، بحسب تعبيره.
“أبو جلال الحمصي” (35 عامًا)، (تحفظ على ذكر اسمه الصريح) يعمل في “بقالية” لبيع المواد الغذائية بإدلب، قال لعنب بلدي، إنه يتفهم السعي لحماية المستهلك وإرساء الرقابة التموينية، ولو كان بائعًا في مجال فهو مستهلك في مجال آخر، ويشعر بالطمأنينة لدى وجود رقابة على المنتجات المعروضة في السوق.
“لكننا كباعة نطالب بالموضوعية والشفافية”، أضاف “أبو جلال”، فـ”الطلبات والمواصفات التي فرضتها علينا (المديرية العامة للتجارة والتموين) في هذه الأيام مبالغ بها، ولا تتناسب مع ظروف الحرب وغلاء الأسعار وضعف الطلب وضيق المعيشة”.
وطالب “أبو جلال” بجلسة بين “المديرية العامة للتجارة والتموين” وممثلين عن الباعة، للاستماع إلى طلباتهم، والنقاش لإيجاد حلول منطقية تضمن الحماية الكافية للمستهلك، وفي المقابل يمكن تحقيقها من قبل الباعة، بحسب تعبيره.
شهادة المنشأ “غير منطقية”
تنتج العديد من المنتجات الغذائية المحلية المعروضة في السوق كـ”المكدوس” والجبن والسمن العربي وغيرها، من قبل عائلات تؤمّن قوت يومها من خلال هذا العمل، إلا أن فرض “التموين” على الباعة الاحتفاظ بشهادة المنشأ للسلع المعروضة، جعلهم يمتنعون من التعامل مع هذه العائلات.
بائع المواد الغذائية “أبو جلال الحمصي” قال لعنب بلدي، إنه تلقى مخالفة لعرضه سلعًا دون شهادة منشأ كان قد اشتراها من إحدى العائلات التي تعمل بصناعة المواد الغذائية في المنزل.
وأضاف “أبو جلال” أنه لا يمكن الحصول على شهادة لهذه المواد من تلك الأسر، لأنها سلع بسيطة لا تنتجها العائلات بكميات كبيرة بشكل منتظم كما يفعل التجار، لذلك لا يمتلكون تراخيص.
وبحسب البائع، اتجه معظم الباعة اليوم لرفض تلك المواد والتعامل مع معامل الكونسروة والألبان على الرغم من قلة جودة منتجاتها مقارنة بالمنتجات المصنعة في المنزل.
سمية خالد (51 عامًا) تصنع بعض المواد الغذائية في منزلها وتبيعها لبعض “البقاليات” في إدلب، قالت لعنب بلدي، إنها تنتج كميات قليلة من المواد المصنعة في المنزل والجاهزة للبيع، كالسمن العربي والجبن ودبس الفليفلة ودبس البندورة، إلا أن معظم الباعة أصبحوا يرفضون شراء هذه المنتجات منها مؤخرًا.
تعتمد السيدة حاليًا على بيع منتجاتها لمعارفها من العائلات، أو تعرضها عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مضيفة أنه في حال ظل وضع الباعة هكذا ستضطر لبيع منتجاتها لمعامل الكونسروة، أو طرحها في سوق “الهال”.
بدوره، رد المدير العام لـ”التجارة والتموين” في حكومة “الإنقاذ السورية” العاملة في إدلب، محمد السليمان، على شكاوى الباعة وصانعي المنتجات المنزلية، وتأثرهم سلبًا بقرارات المديرية.
وقال السليمان في حديث إلى عنب بلدي، إن وزارة الاقتصاد والموارد تشجع الإنتاج المحلي، وتتخذ هذه الإجراءات بهدف تنظيم المهن وإحصائها من أجل معرفة مكان الإنتاج ومتابعة المنتج من مكان الإنتاج في حال حدوث أي خلل.
التراخيص مشكلة أيضًا
أغلب الباعة اليوم ليسوا من ملاك المحال التجارية التي يتخذونها مقار لتجارتهم، لذلك فإن انتهاء عقد الإيجار مع صاحب العقار يؤدي إلى تغيير المحل التجاري وبالتالي زوال الترخيص.
محمد جمعة (44 عامًا)، قال لعنب بلدي، إن عملية الترخيص تتطلب العديد من الإجراءات الروتينية والمرهقة والمكلفة ماديًا، ففتح محل تجاري للمواد الغذائية يتطلب ترخيصًا من مديرية الصحة وترخيصًا من التموين، ما يجعل البائع تحت رحمة صاحب العقار في نهاية عقد الإيجار الذي يخيره بين رفع الإيجار أو إخلاء العقار وبالتالي زوال الترخيص.
واعتبر جمعة أنه لا بد من وضع ضوابط للإيجارات في مدينة إدلب حتى لا يقوم صاحب العقار بإجبار المستأجر على رفع الأجرة.
لـ”حماية المستهلك”
المدير العام لـ”المديرية العامة للتجارة والتموين”، محمد السليمان، قال لعنب بلدي، إن وزارة الاقتصاد والموارد تعمل عبر المديرية على رفع كفاءة المراقبين التموينيين وإقامة دورات تدريبية.
وأضاف أن هناك قانونًا لحماية المستهلك منشورًا ومعلومًا لدى الباعة تعتمده فرق الرقابة التموينية خلال عملها، ويتم تنظيم ضبوط لحماية المستهلك، وبشكل عام تقوم فرق الرقابة التموينية بالمرور على جميع الفعاليات وإعطاء التعليمات اللازمة حسب كل فعالية، والشروط الواجب الالتزام بها.
–