مهجرو إدلب عالقون في دوامة الحلول المؤقتة للسكن

  • 2022/12/29
  • 5:26 م
مهجرين في إدلب يغطون مكان إقامتهم بالشوادر بسبب الشتاء في تشرين الأول 2022 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

مهجرين في إدلب يغطون مكان إقامتهم بالشوادر بسبب الشتاء في تشرين الأول 2022 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

يعاني معظم المهجرين في مدينة إدلب شمالي غربي سوريا، من إيجاد سكن مناسب لهم، رغم مرور عدة سنوات لم تمكنهم من الاستقرار بعد في المنطقة، إذ لا يزالون عالقين في دوامة الحلول المؤقتة للسكن، والتي قد لا تكون مناسبة للسكن في أوقات محددة خلال السنة كفصل الشتاء مثلًا.

غياب الاستقرار المادي، أو عدم توفر العمل، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف إيجارات المنازل المستمر، وسط وضع معيشي مترد، دفع البعض منهم للبحث عن حلول كل بحسب إمكانيته المادية.

وفاء القاسم (48 عامًا)، المقيمة في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، اشتكت عدم صلاحية بيتها للسكن خلال فصل الشتاء حيث تشتد الأمطار والرياح الباردة، بسبب تهدم جزئي تعرض له نتيجة قصفه بغارة جوية عام 2015.

سعت وفاء القاسم، بحسب ما قالت لعنب بلدي، إلى ترميم جزء من المنزل حسب إمكانياتها المادية، إلا أن الترميمات البسيطة التي قامت بها لا تمنع الأمطار وهواء الشتاء البارد من دخول المنزل، مضيفة أنها تلجأ كل شتاء لتغطية الفتحات والجدران المهدمة بشادر أو قطع من النايلون والقماش، التي ترد البرد والمطر جزئيًا فقط.

قدمت السيدة الخمسينية عدة طلبات للمنظمات الإنسانية العاملة في إدلب، بهدف ترميم منزلها، دون أن تلقى أي قبول لدى أي منها، وذلك لأن حالة البيت الفنية “لا تنطبق” على المعايير التي تعتمدها المنظمة لترميم المنازل.

مهجرين في إدلب يغطون مكان إقامتهم بالشوادر بسبب الشتاء في تشرين الأول 2022 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

أسقف التوتياء لانخفاض الأجرة

تعج مدينة إدلب، بأعداد كبيرة من المواطنين المهجرين من عدة محافظات سورية أخرى، أكبر من قدرة المدينة على الاستيعاب، ما أدى لارتفاع بدلات أجور المنازل، فضلًا عن معاناة المهجرين أساسًا من ظروف معيشية قاسية وعدم قدرتهم على دفع تلك المبالغ.

علي الشامي (31 عامًا)، مهجر يقيم في مدينة إدلب، يسكن منزلًا مؤلفًا من غرفة واحدة وحمام مسقوف بألواح من التوتياء، يتخلل جدران المنزل والدعامات الحديدية التي تحمل ألواح التوتياء فتحات تسمح لتيارات الهواء البارد بالعبور عبر الغرفة، بحسب ما وصف لعنب بلدي.

تمنع ألواح التوتياء دخول الأمطار إلى المنزل، إلا أن أصوات سقوط الأمطار على الألواح “مزعج للغاية”، وفق ما أوضح الشاب، الأمر الذي يمنع أطفاله الصغار من النوم ليلًا أحيانًا، بالإضافة إلى برودة الغرفة الشديدة في الشتاء ما يجعل المنزل “غير صالح” للسكن الآدمي، بحسب تعبيره.

يعمل علي عامل يومية في أحد أفران مدينة إدلب، ويتقاضى أجرًا زهيدًا يقدر تقريبًا بـ 3.5 دولار أمريكي يوميًا، الأجر الذي لا يمكنه من استئجار منزل مناسب للسكن، إذ تتراوح أجور المنازل في مدينة إدلب بين 75 إلى 100 دولار شهريًا، بينما يدفع 30 دولار شهريًا أجرة منزله الحالي.

أسواق دون رقابة

وسط تعداد سكاني كبير، وازدياد الطلب على المنازل يقابله انخفاض في العرض، وفوضى في أسواق العقارات في إدلب، تمكن ملاك العقارات في المدينة من التحكم بأسعار العقارات وبدلات الإيجارات، دون رقابة فعلية تضبطهم.

أحد أصحاب المكاتب العقارية في مدينة إدلب، أحمد حمدان، أوضح لعنب بلدي أن أحد أسباب ارتفاع بدلات الإيجار في مدينة إدلب غياب رقابة على المالك الذي يحدد بإرادته المنفرة بدل إيجار منزله دون قيود أو ضوابط.

ولفت أحمد إلى أن أسعار الإيجارات في مدينة إدلب تتراوح بين 50 إلى 200 دولار شهريًا حسب جودة المنزل ومساحته وموقعه، مشيرًا إلى أن هذه الأسعار مرتفعة جدًا ولا تتناسب مع الظروف المعيشية ومتوسط الأجور في المدينة.

مهجرين في إدلب يغطون مكان إقامتهم بالشوادر بسبب الشتاء في تشرين الأول 2022 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

حلول محدودة

دفعت أزمة السكن المتجددة في المدينة، المقيمين فيها للبحث عن حلول بديلة، كالسكن في بيوت أفضل جودة في القرى المحيطة بإدلب، أو العمل على مشاريع سكنية جماعية.

وتتراوح أسعار بدلات الإيجار في القرى المحيطة بالمدينة بين 30 إلى 100 دولار شهريًا كحد أقصى، وتعد البيوت التي تؤجر بالحد الأدنى في القرى مقبولة للسكن أكثر من بيوت المدينة، بحسب ما قال عبد المجيد الدروبي (44 عامًا)، مهجر من حمص لعنب بلدي.

بينما سعى مهجرون آخرون لإيجاد حل غير الانتقال للسكن خارج مدينة إدلب من خلال شراء قطعة أرض متاخمة للمدينة والبحث عن منظمة إنسانية لتشييد مشروع سكنى على تلك الأرض لأسرهم وعائلاتهم.

مازن حلاق (54 عامًا)، من أهالي ريف دمشق، قال لعنب بلدي، إن معظم أهالي ريف دمشق ممن تهجروا لمدينة إدلب عام 2017، يعانون من ذلك الوقت من مشكلة تأمين أجور المنازل، مضيفًا أنه نتيجة للظروف المعيشية الصعبة قرر بعضهم العودة إلى مناطق النظام، بينما انتقل آخرون إلى مناطق ريف حلب، أما الذين استطاعوا تأمين فرص عمل في مدينة إدلب فلا يمكنهم الانتقال إلى أماكن أخرى بسبب صعوبة تأمين فرص عمل في حال انتقالهم.

وانتهى المطاف بتلك الأسر العمل على مشروع سكني يخرجهم من مأزق تأمين أجور السكن، إذ اجتمعت 90 أسرة من المهجرين، واشتركت بشراء قطعة أرض مساحتها مقبولة نوعًا ما كما تم وضع مخططا تنظيميًا للأرض يضم أبينة طابقية تتسع لتلك العائلات إضافة لمسجد وحديقة، وتم عرض المخطط على الجهات المسؤولة التي قدمت للعائلات وعودًا بالمساعدة في تقديم الخدمات لذلك المشروع، حسب ما قاله مازن لعنب بلدي.

وتابع مازن، أن اللجنة التي تم الاتفاق عليها لمتابعة المشروع من قبل الأهالي، شرعت بالبحث عن جمعيات ومنظمات تساعد في تشييد الأبنية، إلا أن اللجنة فشلت في تأمين داعمين للمشرع لعدة أسباب منها أن المنظمات التي تنفذ مشروعات سكنية لا تشييد أبنية طابقية وإنما بيوت بسيطة من دون أسقف كالمخيمات المنتشرة في إدلب.

وبحسب مازن، لا تتسع الأرض التي اشتراها الأهالي لتشييد 90 منزلًا، كما أن البيوت التي تشييدها المنظمات تعتبر صغيرة جدًا، إذ لا تزيد مساحة المنزل عن 45 مترًا مربعًا وهذه المساحة الصغيرة لا تتسع للأسر المجتمعة، موضحًا أنه رغم مرور سنتين على شراء الأرض، لم تستطع أي جهة تنفيذ المشروع، فضلًا عن عدم توفر الإمكانيات المادية لدى الأهالي للبدء ببناء منازلهم بأنفسهم.

مهجرين في إدلب يغطون مكان إقامتهم بالشوادر بسبب الشتاء في تشرين الأول 2022 (عنب بلدي/ أنس الخولي)

مقالات متعلقة

خدمات محلية

المزيد من خدمات محلية