أحداث 2022

  • 2022/12/25
  • 2:29 م
الكاتب السوري إبراهيم العلوش

الكاتب السوري إبراهيم العلوش

إبراهيم العلوش

انتهى العام 2022 بتجدد المظاهرات في السويداء وانضمام مناطق درعا إليها، ومن أبرز أهدافها المطالبة بتطبيق القرار الأممي “2254” والإفراج عن المعتقلين، ورحيل نظام الأسد، الذي قاد سوريا إلى هذا المصير الفاجع من الجوع والاحتلال الأجنبي.

مقتل زعيم تنظيم “داعش” على يد “الجيش الحر” بدرعا في كانون الأول الحالي، كان علامة مهمة في هذا العام، ورسالة إلى العالم بأن السوريين هم من يستطيع القضاء على التنظيمات الإرهابية، وأن النظام متواطئ في دعم وجود هذه التنظيمات، ويستغلها حسب مصلحته السياسية والعسكرية كما حدث في السويداء عام 2018، وفي الرقة قبلها عندما كانت الطائرات تقصف منازل المدنيين وتتجاهل مواقع “داعش” التي كانت تتبادل معها البضائع والمعلومات، وقد أوكل النظام إلى “داعش” حينها إدارة الرقة، ووصل التنسيق إلى جداول الغياب اليومية لموظفي الدوائر الرسمية.

تنظيم “داعش” اعترف بمقتل زعيمه وجاء بزعيم جديد يحمل اسمًا مشابهًا لاسم الزعيم السابق، وكأنه جزء من أسماء مشفرة، وتحمل ألقابًا قرشية ودينية مصطنعة لتبرير وجود التنظيم الذي تحوّل إلى مجرد عصابات متفرقة تتاجر بالدين كما يتاجر النظام بمحاربة الإرهاب.

ومن الأحداث المهمة في العام الحالي، تنامي تجارة “الكبتاجون” التي يرعاها النظام و”حزب الله” والميليشيات الإيرانية في محاولة لتقويض الدول المحيطة بسوريا، والتي ترفض التطبيع مع نظام الأسد، بالإضافة إلى تعويض الخسائر المادية من الحصار على إيران التي صارت عاجزة عن مد يد العون بالكم الهائل من المرتزقة الذين كانت تمولهم قبل الحصارات الغربية على دولة الملالي.

الجوع هو العنوان الأبرز في سوريا خلال العام الحالي، بالإضافة إلى فشل النظام، الذي يدّعي النصر، بإدارة البلاد بعد أن تشارك مع الروس والإيرانيين بإدارة ما تبقى من سوريا بين يديه، بالإضافة إلى الانقطاع شبه الدائم للكهرباء بمعدل 20 ساعة كل يوم، وانقطاع مياه الشرب وتوقف وسائل النقل الداخلي والخارجي في المدن، ما أصاب البلاد بشلل، وصارت الشوارع خالية إلا من صور بشار الأسد.

روسيا بدأت تتاجر بموضوع المساعدات الدولية للسوريين، وتحاول دبلوماسيتها انتزاع كل المساعدات الدولية للشعب السوري لوضعها بيد النظام، بما فيها المساعدات التي تستهدف سكان المخيمات الذين نجوا من الموت بصواريخ النظام وإيران وروسيا، وقد اقترب موعد انتهاء صلاحية القرار الدولي الذي يجيز المساعدات المستقلة للمخيمات في الشمال السوري، فالدول التي تقدم المساعدات لا تثق بتسليم النظام الذي تسبب بمأساة سكان المخيمات بأن يكون هو من يوزع عليهم المساعدات.

وفي نيسان الماضي، كشفت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” عن وجود 1056 اسم معتقل تم تسجيلهم كمتوفين، وقبل نهاية العام الحالي، كشفت المنظمات الإنسانية أيضًا عن وجود حوالي 550 وفاة مسجلة بالسجلات المدنية لمعتقلين قام النظام بتصفيتهم وسجل وفاتهم في السجلات دون إخبار أهاليهم، ولم يسلّم جثثهم، في محاولة منه، وبالتشاور مع إيران وروسيا، للالتفاف على ملف المعتقلين وإبقائه ورقة مساومة بيده، خاصة أن الأعداد التقريبية للمعتقلين عند النظام تقدّر بـ132 ألفًا أفرج عن 500 منهم في مطلع العام الحالي بعد إصدار مرسوم عفو عام “زائف” تسبب بتجمع أهالي المعتقلين بعشرات الآلاف تحت جسر “الرئيس” بدمشق، وبالقرب من المعتقلات التي تنتشر في كل البلاد.

وفي 21 من كانون الأول الحالي، أصدر رئيس النظام مرسومًا جديدًا للعفو العام استثنى منه السياسيين، واكتفى بالعفو عن الجرائم الجنائية والفرار، بسبب حاجته إلى أفراد يقاتلون مع الميليشيات الإيرانية، بعد أن توارى الشباب السوريون الذين يرفضون الالتحاق بالتجنيد الإجباري، وخاصة في الساحل السوري الذي أمدّ نظام الأسد بعشرات آلاف المجندين.

انعكست الحرب الروسية في أوكرانيا على الوجود الروسي في سوريا، وبدأت تتوارد أخبار عن انسحاب وحدات روسية من سوريا، والتحاقها بالجبهة المفتوحة هناك، التي تعيد مأساة السوريين على الشعب الأوكراني، وقد تم تعيين قائد القوات الروسية في سوريا، سوروفيكين، قائدًا للجبهة الأوكرانية بعد أن أتّم تدريبه في قصف الأسواق والمدارس السورية، ودرّب جيشه على أكثر من 300 سلاح كما أكد وزير الدفاع، شويغو، وبوتين نفسه.

وانعكست الحرب الروسية على إيران أيضًا، إذ تورطت بطائرات “شاهد 136” في تدمير شبكات الكهرباء الأوكرانية، ما اعتبرته أوكرانيا عملًا إيرانيًا عدائيًا، واعتبرت الدول الأوروبية وأمريكا أن إيران ضالعة في محاربة المدنيين بأوكرانيا عبر إدارتها للطائرات المسيّرة من قاعدة عسكرية في القرم التي احتلتها روسيا من أوكرانيا عام 2014.

وتأثرت إيران أيضًا بالأحداث الداخلية، بعد أن قتلت “الشرطة الأخلاقية” الشابة الكردية مهسا أميني في طهران، بحجة عدم وضع الحجاب بشكل صحيح، ما تسبب باندلاع احتجاجات عمّت إيران في أيلول الماضي ولا تزال مستمرة إلى اليوم، وأدى ذلك إلى سحب إيران جزءًا من قواتها لقمع الانتفاضة الشعبية ضد حكم الملالي المتشددين.

خمدت أخبار الاستعدادات التركية لاجتياح الشمال السوري بعد ضغوط ووعود دولية بالحد من نفوذ حزب “العمال” الكردي، الذي يقود “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) التي تعمل بإمرة القوات الأمريكية، وتسيطر على موارد البترول في الجزيرة السورية، زاعمة أنها تصرفها على إدارة المعتقلات التي تحرسها، والتي تضم عشرات الألوف من أهالي مقاتلي “داعش” وأطفالهم. وكانت الأخبار تتوارد خلال الشهرين السابقين عن قرب دخول القوات التركية إلى الشمال السوري لاحتلال منبج وغيرها مما تسيطر عليه قوات “قسد” وضمها إلى القوات المؤيدة للجيش التركي.

وحده مونديال قطر 2022 وإنجازات المغرب في هذا المونديال بوصوله إلى المرتبة الرابعة عالميًا، زرعت الفرح في قلوب السوريين والعرب، وصارت كلمة عربي أو مسلم ليست رديفة للإرهاب أو التخلف أو الفشل الذي تكرسه الدول العربية. هذا المونديال كان رسالة أمل لكل سوري بأن من يعمل ويصبر يستطيع الانتصار، مهما كانت الصعوبات، ومهما كان الخصم مدججًا بالتهديدات!

مقالات متعلقة

مقالات الرأي

المزيد من مقالات الرأي