تجرّ “رانيا” (24 عامًا) عربة كبيرة تعلّق عليها كيسًا فارغًا، بعد إيصال أطفالها إلى المدرسة، لتبدأ بالتجول بين حاويات القمامة في ريف دمشق بحثًا عن النفايات القابلة لإعادة التدوير.
اضطرت “رانيا” (اسم مستعار لأسباب أمنية) إلى العمل بجمع النفايات، بعد تعرّض زوجها للاعتقال لتصير المعيلة الوحيدة لأربع فتيات، دون أي مصدر دخل أو مهارة تستطيع من خلالها كسب المال لتأمين الاحتياجات الأساسية لعائلتها، وفق ما قالته لعنب بلدي.
استغلال ودخل محدود
“بعد خسارتنا لمنزلنا جراء القصف، انتقلت وبناتي إلى غرفة غير صالحة للسكن وافق صاحبها على أن يقبض إيجارها بالتقسيط”، قالت “رانيا”.
استطاعت الشابة العشرينية تأمين الإيجار خلال الفترة الماضية من خلال جمع النفايات القابلة لإعادة التدوير، لكن ارتفاع الأسعار وتعرّضها للاستغلال جعلاها عاجزة عن تسديد الإيجار.
دفع ذلك صاحب الغرفة لطردها، وهي اليوم مجبرة على البقاء في منزل قريبة لها بشكل مؤقت.
“إذا لم يعجبك السعر فعليك إيجاد شخص آخر يشتري منك”، هذا ما قاله “أبو عمر” الذي يشتري ما تجمعه “رانيا”، مستغلًا احتياجها الكبير للمال للتلاعب بسعر المواد حسب رغبته.
بينما يستطيع عبد السلام (28 عامًا) أن يؤمّن دخلًا أفضل من جمع النفايات القابلة لإعادة التدوير، بسبب امتلاكه دراجة نارية تتيح له جمع كميات أكبر، وفق ما قاله لعنب بلدي.
ورغم خوف الشاب من الأضرار الصحية لعمله بجمع النفايات في ريف درعا، يرى أنه أفضل من أعمال المياومة، إذ لن تغطي أجورها الاحتياجات الأساسية لأسرته المكوّنة من خمسة أشخاص، بينما يوفر عمله الحالي ما تحتاج إليه أسرته بالحد الأدنى.
وأضاف أن تحديد أسعار النفايات القابلة لإعادة التدوير والدخل الذي يمكن أن يجنيه العاملون في القطاع، يعتمد على استغلال التجار.
المجتمع “لا يرحم”
رغم إصرار “رانيا” على العمل ملثمة خوفًا من أن تكشف هويتها، تلاحقها نظرة المجتمع التي جعلتها تفكر مرارًا بترك عملها خوفًا على سمعة بناتها، بحسب قولها.
“المجتمع لا يرحم، لم يبادر أحد بمساعدتي رغم حاجتي الكبيرة لذلك، لكن الانتقادات تلاحقني بسبب عملي”، تابعت “رانيا”.
بينما يعمل عبد السلام دون أن يخفي هويته، ولا يخجل من إخبار أقاربه وأصدقائه بعمله.
ويعتبر الشاب أن عمله “مصدر رزق” يجنبه طلب العون وانتظار المساعدات من المنظمات، والعمل مقابل أجر “ظالم”.
من جهتها، روّجت محافظة دمشق خلال شهري تشرين الثاني الماضي وكانون الأول الحالي لجهودها بالحد من ظاهرة نبش حاويات النفايات في المدينة.
وتوعدت المحافظة بمصادرة أدوات العاملين بهذه المهنة، واتخاذ الإجراءات القانونية بحقهم.
ولاقى القرار انتقادات من قبل بعض الصفحات المحلية ورواد مواقع التواصل الاجتماعي، باعتبار الأشخاص الذين ينبشون في الحاويات مجبرين على البحث عن قوت يومهم.
جاء ذلك بعد أن نشر موقع محلي تقريرًا تحدث عن اتهامات من قبل أحد أعضاء محافظة دمشق بوجود متزعم أو ملك لـ”النبيشة” يعمل في مديرية النظافة.
وفي 10 من آذار الماضي، قال مدير البيئة في ريف دمشق، المثنى غانم، لموقع “أثر برس” المحلي، إن الفقر ليس له علاقة بالموضوع، معتبرًا أن الربح الذي يحققه العاملون بـ”فرز القمامة” هو ما يدفعهم للعمل.
وبحسب غانم، تبلغ غرامة العمل بهذه المهنة غير المرخصة 3000 ليرة سورية (نحو 0.47 دولار أمريكي).
–