“صانع الصفقات” بافل طالباني يلتقي عبدي في سوريا.. ماذا يريد؟
اجتمع رئيس “الاتحاد الوطني الكردستاني”، بافل طالباني، مع قائد “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، مظلوم عبدي، في مدينة الحسكة شمال شرقي سوريا للحديث عن العلاقات بين الجانبين.
طالباني الذي يوصف بـ”صانع الصفقات” لدى أربيل، نشر عبر “فيس بوك”، أن الجانبين بحثا “الأوضاع السياسية في روج آفا وإقليم كردستان، والتطورات السياسية المتعلقة بالقضية الكردية، وأكدا حل المشكلات سلميًا”.
وكالة “نورث برس” (مقرها شمال شرقي سوريا) نشرت، الثلاثاء 20 من كانون الأول، أن عبدي اجتمع مع وفد من التحالف الدولي، وبافل طالباني، في مقر إقامة قائد “قسد” بالحسكة.
شبكة “رووداو” الكردية، ومقرها أربيل، نقلت عن السكرتير الصحفي لبافل طالباني، أحمد نجم، أن رئيس “الاتحاد الوطني” أكد لقائد “قسد” دعمه لـ”روج آفا”.
بينما لم تصدر إلى العلن أي معلومات حول الأسباب المباشرة للزيارة، وفيما إذا كانت تتعلق بالحوار الكردي- الكردي المعلّق منذ حوالي عام.
زيارة “غريبة”
الباحث الأكاديمي والمحلل السياسي العراقي كاظم ياور، قال لعنب بلدي، إن زيارة طالباني إلى مناطق “الإدارة الذاتية” لا يمكن الإشارة إليها على أنها زيارة عادية، خصوصًا أنه يشار إليه في العديد من الملفات والمناسبات بقربه من إيران، وأن فصائل المعارضة الكردية المسلحة التي ينتمي إليها كانت تتلقى دعمًا إيرانيًا في بداية عملها قبل عام 2003.
وامتدت هذه العلاقة بين طالباني وإيران إلى ما بعد عام 2003، وتجلّت في ملفات عديدة، منها أن سياسات “الاتحاد الوطني” كانت منسجمة مع السياسات الإيرانية على الصعيد الداخلي العراقي.
الباحث السياسي يرى أن زيارة طالباني إلى شمال شرقي سوريا “أمر غريب”، خصوصًا أن للحكومة العراقية علاقة جيدة مع النظام السوري، ولم يسبق أن اعترفت بـ”الإدارة الذاتية” بشقيها العسكري والسياسي.
وأضاف أن الزيارة خطرة لجهة احتمال أن تتسبب بتوتر العلاقات مع الجارة تركيا، وهو ما لا يمكن اعتباره أمرًا طبيعيًا، خصوصًا أن طالباني ظهر مرتديًا الزي العسكري إلى جانب مسؤولين أمريكيين في المنطقة نفسها، وإلى جانبه قائد “قسد”، مظلوم عبدي.
من بافل طالباني؟
يشغل طالباني منصب رئيس جهاز الاستخبارات الوطني الكردستاني، ويوصف بـ”صانع الصفقات”، إذ يقدم نفسه بدور الوسيط بين الأكراد بشتى توجهاتهم، والحكومة الاتحادية العراقية.
لكن قبل أن يكون وسيطًا أو رجل استخبارات، يُعرف بافل طالباني بكونه الابن الأكبر لجلال طالباني، رئيس الجمهورية العراقية بين عامي 2005 و2014.
عمل طالباني الابن في بداية حياته السياسية بوظائف استخبارية، جمعته خلالها علاقات طيبة مع إيران، لذا يتهمه أنصار رئيس كردستان العراق السابق، مسعود برزاني، بالخيانة أو العمالة، بحسب تصريحات سياسيين من أربيل.
اتهامات طالباني بالخيانة تعود إلى الحدث نفسه الذي أكسبه لقب “صانع الصفقات”، عندما توترت الجبهات بين “الحشد الشعبي العراقي” المدعوم إيرانيًا، وقوات الجيش العراقي من جهة، وقوات “بيشمركة” التابعة لأربيل من جهة أخرى خلال “أزمة كركوك”.
وتدخل حينها طالباني كوسيط بين القوات العراقية والقوات التي تمددت إلى أربيل، لتنتهي بانسحاب القوات العراقية وتسليم المنطقة للجيش العراقي.
وكتبت مجلة “فورين آفرز” المتخصصة في السياسة الخارجية الأمريكية حول “أزمة كركوك”، أن المنطقة لطالما كانت محط نزاع بالنسبة لجميع الأطراف في المنطقة.
ولطالما شكّلت “أخطر المناطق الساخنة”، إذ تحتوي على قرابة تسعة مليارات برميل نفط، وتضم عددًا من المرافق والمنشآت الاستراتيجية، من بينها حقول النفط والمطار وقاعدة “كي وان” (K1) العسكرية المهمة.
وكانت المنطقة تخضع لإدارة مشتركة بين بغداد وحكومة إقليم كردستان، لكنها أصبحت تحت السيطرة الكردية الكاملة بعد أن انسحب الجيش العراقي من المحافظة عام 2014، عندما شن تنظيم “الدولة” هجومه على شمال العراق، ما ولّد أزمة بين الحكومة العراقية “الاتحادية” وأربيل، تجلّت بحشود عسكرية كانت على وشك الصدام.
وتمكنت وساطة بافل طالباني من إيجاد تسوية وانسحاب القوات الكردية من المنطقة لمصلحة القوات العراقية، وأخرى مدعومة من إيران.
طالباني نفى حينها أي وساطة له في قضية كركوك، خلال مقابلة له مع شبكة “BBC“، كما نفى أي تسوية مع إيران بخصوص ملف كركوك.
وتعتبر مدينة أربيل معقلًا لحزب “الاتحاد الديمقراطي” بقيادة مسعود برزاني، رئيس كردستان العراق، بينما تعتبر مدينة السليمانية معقلًا لـ”الاتحاد الوطني” بقيادة بافل طالباني نجل جلال طالباني.
ويشهد إقليم كردستان العراق خلافات حزبية عميقة بين “البرزانيين” و”الطالبانيين”، حتى إن الهوية الثقافية للمدينتين شهدت خلافًا تسرب إلى الشوارع واللغات المطروحة في المناهج التعليمية.
“قسد” وأربيل وإيران وتركيا.. علاقة شائكة
منذ تسعينيات القرن الماضي، يتخذ حزب “العمال الكردستاني” (PKK) من جبال قنديل الواقعة على المثلث الحدودي بين العراق وإيران وتركيا في كردستان العراق مقرًا له، ويشن باستمرار عمليات أمنية، ويفرض الإتاوات داخل مناطق كردستان العراق، بينما تتخذ تركيا من وجود “PKK” في المنطقة ذريعة لعمليات أمنية وعسكرية فيها.
ولجميع الأطراف المذكورة أفرع في سوريا، أو بشكل أكثر دقة، تملك جميع الأطراف المتنازعة في منطقة جبال قنديل جهات تدعمها شمال شرقي سوريا، بحسب الدراسة التي نشرها مركز “حرمون” منتصف شباط الماضي.
وأشارت الدراسة إلى أن حزب “الاتحاد الديمقراطي” (PYD) الذي يشكّل عمودًا أساسيًا من قوات “قسد”، والمتحالف مع “PKK”، دائمًا يحاول استخدام “المجلس الوطني الكردي” المدعوم من أربيل للضغط على كردستان العراق.
كما بات يتخذ من الأراضي السورية منطلقًا لتنفيذ عمليات أمنية وعسكرية ضد القوات التركية، أو الفصائل الحليفة لها.
بل ووصل الأمر إلى حد إرسال مجموعة من “PYD” من الأراضي السورية، لمهاجمة مواقع داخل كردستان العراق، منتصف كانون الأول 2020، إذ هاجمت المجموعة مركزًا لقوات “البيشمركة” التابعة لأربيل في منطقة سحيلا بالقرب من الحدود السورية- العراقية.
تنصّل “PYD” من هذا الهجوم، معتبرًا أنه “سوء تنسيق” بين الطرفين لا أكثر.
قضايا خلافية بين “قسد” وأربيل
تعتبر قضية الحوار الكردي- الكردي أحد أبرز الخلافات بين أربيل التي تدعم “المجلس الوطني الكردي” وحزب “الاتحاد الديمقراطي” الذي يشكّل أحد أعمدة “قسد”.
وانطلق الحوار بمبادرة أطلقها قائد “قسد”، مظلوم عبدي، بعد العملية التركية “نبع السلام” شرق الفرات، في تشرين الأول 2019، وإعلان الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، قرار انسحاب بلاده من بعض قواعدها في سوريا.
قطبا الحوار الرئيسان هما حزب “الاتحاد الديمقراطي” الذي يشكّل نواة “الإدارة الذاتية” والمدعوم أمريكيًا، و”المجلس الوطني الكردي” المقرب من أنقرة وكردستان العراق، والمنضوي في هيئات المعارضة السورية، إلا أن خلافات عديدة نشأت بينهما، ووصلت إلى اعتقال أفراد من “الوطني الكردي”.
اقرأ أيضًا: الحوار الكردي- الكردي عالق بين اتهامات بالتعطيل ومطالب بـ”الاعتذار”
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :