ارتفاع أسعار يمنع عائلات في سوريا من شجرة الميلاد وزينتها
“أبسط وأرخص زينة للشجرة تعادل راتب زوجي”، بهذه الكلمات بررت ماريتا أسباب عودتها من السوق إلى منزلها في حي العوينة بمدينة اللاذقية دون شراء زينة لشجرة عيد الميلاد (الكريسماس).
ارتفاع أسعار الزينة أمر غير مقبول بالنسبة لماريتا (36 عامًا، تحفظت على ذكر اسمها الكامل)، إذ اعتبرتها مبالغًا فيها، كونها مصنوعة من البلاستيك ومن أبسط أدوات الطبيعة.
وأجرت السيدة حسبة بسيطة لتكتشف أنها بحاجة إلى حوالي 115 ألف ليرة سورية لتزيين شجرة الميلاد في منزلها، إذ يبلغ سعر ست كرات زينة 15 ألف ليرة سورية، الأمر الذي دفعها للعزوف عن الشراء كون راتب زوجها يبلغ 160 ألف ليرة سورية، وهو موظف في مؤسسة حكومية.
رغبة ماريتا بخلق جو من الأمل والسعادة في منزلها لم تتحقق، وقالت لعنب بلدي، إن سعر الزينة البالغ 115 ألف ليرة لم يتضمن سعر أشرطة إضاءة لأن واقع الكهرباء “سيئ جدًا”، ويصل التيار الكهربائي في أفضل أحواله من ساعة ونصف إلى ساعتين خلال اليوم، وينقطع فيما تبقى من الوقت.
حالة ماريتا مشابهة لحالة نور (29 عامًا، تزوجت منذ أشهر)، التي لم تستطع شراء شجرة ميلاد لأن أسعارها مرتفعة.
وذكرت نور لعنب بلدي أن سعر أصغر شجرة يبلغ 150 ألف ليرة سورية، ويصل إلى 400 ألف ليرة مع الزينة.
شراء الشجرة في الظروف الاقتصادية المتردية صار أمرًا ثانويًا، بحسب نور، رغم ما يحمله وجود الشجرة في المنزل من طقوس فرح وأمل وتعبير عن بدء سنة جديدة بتفاؤل وسعادة، عدا عن كونها عادة موروثة في كل منزل بمنطقتها في شارع “الأمريكان” وسط مدينة اللاذقية.
الأمر لا يقتصر على مدينة اللاذقية، إذ تشهد سوريا واقعًا اقتصاديًا مترديًا وأزمة اقتصادية خانقة ارتفعت حدتها منذ شهرين بسبب أزمة المحروقات في تلك المناطق، أثّرت على قطاعات عديدة وأحدثت شللًا فيها، وسط غياب الإجراءات الحقيقية لتخفيف وطأتها على المواطنين.
وانخفضت قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأمريكي مسجلة أرقامًا قياسية، وبحسب موقع “الليرة اليوم“، المتخصص بأسعار صرف العملات الأجنبية، وصل سعر مبيع الدولار إلى 6230 ليرة سورية، وسعر شرائه إلى 6300 ليرة.
وتشهد حركة شراء شجرة الميلاد والزينة ضعفًا شديدًا في أسواق مدينة طرطوس، بسبب ارتفاع أسعارها من جهة، ولضعف القدرة الشرائية للمواطن من جهة ثانية، وفق ما ذكرته صحيفة “الوطن” المحلية، في 15 من كانون الأول الحالي.
وباتت معظم العائلات تورث شجرة الميلاد لغلاء ثمنها حاليًا وقلة جودتها، ويجري شراء الزينة بالقطعة اليوم بينما سابقًا كانت بالكمية.
وقالت الصحيفة، إن الأسعار ارتفعت عن السنة الماضية بنسبة 20% فقط، وإن أسعار الأشجار تختلف بحسب الأحجام، فثمن الشجرة الصغيرة 35 ألف ليرة سورية، بينما يبلغ ثمن الشجرة الكبيرة بطول 210 سنتمترات 700 ألف ليرة سورية، وهناك أنواع أخرى بثمن 500 ألف ليرة، ويتراوح سعر زينة الشجرة بين ألفي ليرة للصغيرة و25 ألفًا للكبيرة.
وتعتبر شجرة الميلاد المزينة من الرموز الاحتفالية التي تعبر عن الفرحة والبهجة، والتي يبدأ العديد من الناس في تزيينها منذ بداية شهر كانون الأول من كل عام.
ويترافق عيد الميلاد، وهو ذكرى ميلاد السيد المسيح، مع تقاليد عدّة، أبرزها تزيين شجرة الميلاد والمغارة، وتوضع الشجرة في البيت بالفترة التي تسبق العيد.
وتوجد روايات عديدة تتحدث عن شجرة عيد الميلاد ورمزيتها، وتعبر في الكثير من الثقافات عن الأمل والبهجة والفرح، وفي عام 1982، وُضعت أول شجرة عيد ميلاد في ساحة القديس بطرس الواقعة أمام كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان بالعاصمة الإيطالية روما.
ولا يقتصر وضع الشجرة على المسيحيين في سوريا، إذ تضع العديد من العائلات شجرة الميلاد باختلاف تبعيتها الدينية والمذهبية، مع تعدد مكونات النسيج الاجتماعي في سوريا.
اقرأ أيضًا: لا حيلة لموظفي اللاذقية أمام غلاء الأسعار وغياب الحوالات
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :