قالت وكالة “رويترز” اليوم، الاثنين 19 من كانون الأول، إن سوريا زادت بشكل كبير واردات القمح من شبه جزيرة القرم الأوكرانية في البحر الأسود، التي ضمتها روسيا بشكل غير رسمي في 2014.
باستخدام أسطول من السفن الصغيرة الخاضعة للعقوبات الأمريكية، زاد القمح الذي أُرسل إلى سوريا بمقدار 17 ضعفًا منذ بداية الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 من شباط الماضي.
وفقًا لبيانات الشحن التي لم يُبلّغ عنها سابقًا، تجاوزت كمية القمح المشحون 500 ألف طن، لتشكّل ثلث إجمالي واردات سوريا من الحبوب تقريبًا.
وتعتمد كل من روسيا وسوريا في ظل العقوبات التي تزيد من تعقيد التجارة باستخدام النقل البحري والتأمين البحري السائد، على سفن خاصة لنقل الحبوب، بما فيها ثلاث سفن سورية خاضعة للعقوبات الأمريكية، بحسب الوكالة.
من جهتها، قالت أوكرانيا إن جزءًا على الأقل من الحبوب التي مرت عبر ميناء “سيفاستوبول” في شبه جزيرة القرم، نُقل من الأراضي الأوكرانية بعد الغزو.
بدورها، تتفق روسيا على أنها صدّرت بعض الحبوب من منطقة زاباروجيا المحتلة جنوبي البلاد عبر شبه الجزيرة، لكنها تنفي ادعاءات أوكرانيا بأنها سرقته.
في أيار الماضي، وصف المتحدث باسم “الكرملين”، ديمتري بيسكوف، مزاعم سرقة روسيا للحبوب خلال ما سماها العملية العسكرية الخاصة بـ”الزائفة”.
ورغم النكسات العسكرية التي شهدتها القوات الروسية في ساحة القتال مؤخرًا، لا تزال تسيطر على مساحة من الأراضي الزراعية في منطقتي خيرسون وزاباروجيا.
من جانبها، تقدّر السفارة الأوكرانية في بيروت، التي تتعقب الشحنات القادمة إلى سوريا، أن 500 ألف طن من الحبوب الأوكرانية “المنهوبة”، بحسب وصفها، وصلت إلى سوريا من عدة موانٍ منذ الغزو.
وقالت السفارة، إن هذه الحسابات وادعاءات السلطات الأوكرانية بسرقة الحبوب تستند إلى معلومات من أصحاب الحقول والصوامع في الأراضي المحتلة، وبيانات الأقمار الصناعية لتحركات الشاحنات إلى المواني وتتبع السفن.
في حزيران الماضي، أقر الحاكم المعيّن من قبل موسكو للجزء الذي تحتله روسيا من منطقة زاباروجيا، يفغيني باليتسكي، باستخدام مواني القرم لتصدير الحبوب من زاباروجيا، لكنه ادعى أن المزارعين سيحصلون على مقابل لذلك.
وقالت إدارة باليتسكي، في آب الماضي، إن 1.4 مليون طن من القمح حُصدت من حقول شبه جزيرة القرم، فيما شككت أوكرانيا بهذه الأرقام بادعاء أن حقول القرم لا تنتج هذه الكمية.
منذ سيطرة روسيا على القرم في 2014، كانت سوريا تستورد الحبوب من روسيا عن طريق موانيها.
وبحسب منصة “رفينيتيف” لتزويد بيانات الأسواق المالية عالميًا، استوردت سوريا حوالي 501 ألف طن حتى نهاية تشرين الثاني الماضي، بارتفاع من 28 ألف طن في 2021 بأكمله.
وفي تشرين الأول الماضي، تسلّمت سوريا أكبر شحنة شهرية تجاوزت 78 ألف طن، وفقًا للبيانات التي جُمعت من تقارير فحص المواني المقدمة من مشغليها.
تعتمد سوريا بشكل متزايد على أسطول من سفن الشحن الخاصة بها أو السفن التي ترفع العلم الروسي لجلب الغذاء عبر الصفقات بين الحكومات التي تتجنب عملية المناقصة والتأجير المعتادة لنقل السلع عن طريق البحر.
وأظهر تحليل من منصة البيانات البحرية والسلع (Shipfix)، أن عدد طلبات الشحن (الطلبات العالمية للسفن المتاحة لنقل الحبوب) إلى سوريا انخفض بمقدار الثلثين مقارنة بـ2021، إلى 54 طلبًا حتى 30 من تشرين الثاني الماضي.
تنتقل شحنات القمح عادة إلى مواني اللاذقية وطرطوس في سوريا على متن ثلاث سفن سورية، وفقًا للسفارة الأوكرانية في بيروت، ودبلوماسيين أوكرانيين آخرين، وتحليل من “Shipfix”.
لا تستهدف العقوبات الغربية المفروضة على سوريا وروسيا الغذاء رسميًا، لكنها تؤدي عمليًا إلى تعقيد هذه التجارة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أنها تجعل من الصعب على بعض شركات تجارة الحبوب التعامل معها.
خلال زيارة إلى شبه جزيرة القرم في كانون الثاني الماضي، قال وزير الاقتصاد في حكومة النظام السوري، محمد سامر الخليل، إن بلاده بحاجة إلى 1.5 مليون طن من واردات القمح، مع توفير روسيا الأغلبية.
وتُظهر بيانات “رفينيتيف” أن جميع الواردات باستثناء جزء صغير كانت من روسيا والأراضي التي تسيطر عليها، على عكس السنوات السابقة، عندما عززت سوريا الإمدادات بمشتريات من دول أخرى بما في ذلك رومانيا.
وفقًا لمصدر تجاري مطلع على مشتريات الحبوب السورية، فإن ما لا يقل عن مليون طن من واردات الحبوب من روسيا خلال عامي 2021 و2022، مُوّل من خلال خط ائتمان قدمته موسكو إلى دمشق، بالمقابل، لم تكشف روسيا عن إمدادات الحبوب لسوريا منذ عدة سنوات.
–