صناعة ألبسة الأطفال.. سوريون يخشون عدم الاستقرار في تركيا

  • 2022/12/19
  • 11:16 ص
شركات سورية مشاركة في معرض اسطنبول لألبسة الأطفال - 10 من كانون الأول 2022 (عنب بلدي)

شركات سورية مشاركة في معرض اسطنبول لألبسة الأطفال - 10 من كانون الأول 2022 (عنب بلدي)

أثّر المناخ السياسي التركي السائد على السوريين في تركيا، اللاجئين منهم وفق قانون “الحماية المؤقتة”، أو الحاصلين على الجنسية التركية، فعلى الرغم من حصول معظم الصناعيين السوريين على الجنسية بسبب مساهماتهم في اقتصاد البلاد، يعاني العديد منهم عدم الاستقرار.

زارت عنب بلدي معرض اسطنبول الدولي لمنتجي ملابس الأطفال بنسخته الـ40، حيث استطلعت وضع أصحاب المعامل السورية المشاركين بالمعرض، ونظرتهم المستقبلية إلى وضع التجار السوريين في تركيا.

للتصدير فقط

منذ بدء الثورة السورية عام 2011، توافد اللاجئون السوريون إلى تركيا بمختلف الفئات، العمال وأصحاب المعامل الذين رأوا في تركيا سبيلًا ومستقرًا للحفاظ على تجارتهم.

وأسهم موقع تركيا ومركزها التجاري العالمي بانفتاح التجار السوريين على أسواق جديدة، ما جلب المنفعة المتبادلة لهم وللسوق التركية التي أصبحت من أقوى الاقتصادات العالمية بمرور السنين.

وعزز الصناعيون السوريون أصحاب معامل الألبسة من صادراتهم، التي وجدوا فيها السبيل الوحيد والأساسي لبيع بضائعهم، وسط سيطرة عدة شركات ألبسة تركية على السوق المحلية، وفق قولهم، عبر مشاركتهم بالمعارض التركية التي تستقطب جنسيات من عدة دول.

فهد مكي، صاحب مصنع ألبسة أطفال يشارك في معرض اسطنبول للمرة التاسعة على التوالي، قال لعنب بلدي، إن “أهمية المعرض تكمن في استقطاب جنسيات عديدة، وخلق أسواق وزبائن جدد، بفضل أهمية اسطنبول الصناعية والتجارية في العالم”.

وأوضح أن مصنعه توجه للسوق الخارجية بشكل شبه كامل، رغم صعوبات التصدير الحالية التي تتمثل بالتضخم وارتفاع تكلفة المنتجات، وتأثر المصنع بفقدان العمالة السورية التي تشكّل 90% من إجمالي العمال بعد موجة الهجرة و”تشديد” القوانين التي تخصهم.

بدوره، قال بشار جارودي، وهو من المشاركين السوريين بالمعرض وصاحب شركة ألبسة أطفال أنشئت في سوريا عام 1995، إن مشاركته في المعرض هي لكسب زبائن جدد من جهة، ولقاء الزبائن القدامى لعرض الموديلات الجديدة عليهم.

وأكد بشار أن بيع شركته للخارج فقط، بسبب حاجة السوق المحلية للمنتجات ذات التكلفة القليلة والتي تؤمّنها شركات تركية ضخمة مثل “LC Waikiki”، موضحًا أن زبائن شركته لا يقتصرون على العرب وإنما هم من عدة جنسيات.

شركات سورية مشاركة في معرض اسطنبول لألبسة الأطفال- 10 من كانون الأول 2022 (عنب بلدي)

ويسهم التصدير في إدخال العملة الأجنبية التي تدعم احتياطيات البنك المركزي.

ومطلع العام الحالي، قالت صحيفة “تركيا” التركية، إن استثمارات رجال الأعمال السوريين في تركيا تجاوزت عشرة مليارات دولار أمريكي.

وتحدثت الصحيفة عن استثمارات رجال الأعمال السوريين في تركيا، وعن تجاوز مساهمتهم في الصادرات ثلاثة مليارات دولار أمريكي.

وصرح رئيس جمعية رجال الأعمال والصناعيين العرب (أسياد)، عبد الغفور صالح عصفور، للصحيفة حينها، “في العام الماضي، دعمنا صادرات تركيا بأكثر من ثلاثة مليارات دولار، ونصدّر إلى 50 دولة”.

كما يوفر رجال الأعمال السوريون فرص عمل لـ450 ألفًا إلى 500 ألف شخص في تركيا، جزء كبير منهم من الأتراك.

وبحلول آذار 2021، بلغ عدد الشركات السورية في تركيا 20 ألف شركة صغيرة ومتوسطة الحجم، وحتى كانون الثاني الماضي، أسهمت المؤسسات المملوكة لسوريين بتشغيل 500 ألف عامل من ضمنهم أتراك، وفقًا لتقرير نشرته صحيفة “Takvim” التركية، في أيار الماضي.

إحدى الشركات السورية المشاركة في معرض اسطنبول لألبسة الأطفال- 10 من كانون الأول 2022 (عنب بلدي)

هل يغادر الصناعيون تركيا؟

تصاعد خطاب الكراهية من مسؤولين وسياسيين ضد اللاجئين في تركيا، منذ مطلع العام الحالي، على اعتبار وجود اللاجئين في تركيا “ورقة ضغط” في الانتخابات الرئاسية المقبلة.

كما دفع التضييق القانوني في منح الإقامة السياحية أو “الكملك” للسوريين الوافدين حديثًا، ونقل “الكملك” من ولاية إلى أخرى، بعض السوريين للتفكير برحلة جديدة بحثًا عن ظروف أكثر استقرارًا في بلد آخر، وهربًا من دوامة الأوراق الثبوتية والتصريحات العنصرية، بمن فيهم الصناعيون الذين يشكّل السوريون معظم عمالتهم.

وشكّلت مصر إحدى الوجهات المفضّلة للسوريين اللاجئين وأصحاب الشركات، بحسب ما رصدته عنب بلدي.

وقال صاحب شركة “الملاك” لصناعة ملابس الأطفال، إسماعيل، خلال مشاركته الرابعة بالمعرض، “تأثرنا بهجرة السوريين من ناحية العمال بأكثر من 70%، ولا نشعر بالاستقرار بسبب الوضع السياسي في تركيا، حيث درسنا التوجه إلى مصر أو دبي، في حال ازدادت الأحوال سوءًا”.

من جهته، أشار الصناعي بشار جارودي إلى عدم تأثر شركته بهجرة السوريين في الفترة الأخيرة، على الرغم من أن جميع عماله منهم، مبررًا ذلك بأن الأمور القانونية لجميع العمال لديه مكتملة، من حيث السكن والعمل.

ويرى جارودي أن وجود المعارضة التركية التي تثير موضوع إعادة السوريين باستمرار في الشارع التركي، لا يسمح باستقرار التاجر أو العامل السوري، آملًا أن تتغير الحال بعد الانتخابات الرئاسية التركية المقبلة.

وفي 18 من أيلول الماضي، ناقشت عنب بلدي في ملف مع خبراء وباحثين، التحول الذي شهده الاقتصاد التركي قبل اللجوء السوري وبعده، إلى جانب مدى واقعية المخاوف المتداولة حول الآثار المترتبة على غياب اليد العاملة السورية على الاقتصاد التركي.

واستبعد حينها الباحث الاقتصادي في مركز “عمران” محمد العبد الله، خروج فئة أصحاب رؤوس الأموال والخبرات الصناعية التي وطّنت استثماراتها في تركيا، ولقيت تسهيلات من الحكومة التركية.

وأرجع ذلك إلى التكلفة المترتبة على الانتقال إلى بلد آخر، بالإضافة إلى عدم رغبتها بخسارة شبكة العلاقات التي أسستها منذ 2012، إلى جانب حصول النسبة الكبرى من المستثمرين السوريين على الجنسية التركية، وفق الباحث.

ويستمر عدد السوريين المقيمين في تركيا بموجب “الحماية المؤقتة” بالانخفاض، بحسب أحدث إحصائية صادرة عن الرئاسة العامة لإدارة الهجرة التركية، في 12 من كانون الأول الحالي، ليصل إلى ثلاثة ملايين و561 ألفًا و883 شخصًا، في حين كان في 8 من أيلول الماضي ثلاثة ملايين و655 ألفًا و489 شخصًا.

إحدى الشركات السورية المشاركة في معرض اسطنبول لألبسة الأطفال- 10 من كانون الأول 2022 (عنب بلدي)

معرض اسطنبول لألبسة الأطفال

انطلق معرض اسطنبول الدولي الـ40 لمنتجات الأم والرضّع والأطفال (CBME) بين 7 و10 من كانون الأول الحالي، بمشاركة أكثر من 1100 علامة تجارية من 136 دولة، ضمن مساحة المعرض المقدّرة بـ42 ألف متر مربع.

وشهد المعرض بنسخته الحالية على مدار أيامه إقبالًا لأكثر من 16 ألف زائر بحسب الأرقام الرسمية، حيث عرض المشاركون منتجاتهم وأزياءهم الجديدة لموسم الخريف والصيف المقبل.

وشملت المنتجات المعروضة من الشركات ملابس الرضّع، والأطفال (1- 16 عامًا)، والبيجامات والجوارب، والأحذية، ومنتجات الأمومة وملابس الأم، ومنتجات العناية بالطفل والتغذية، والألعاب والدراجات، ومعدات سلامة ونقل الأطفال، بالإضافة إلى أثاث الأطفال.

وخلال ندوة أقامها المعرض، تنبأت الشركة الرائدة في تحليل توجهات الموضة “WGSN” البريطانية، حول موضة أزياء الأطفال الخريفية والشتوية المقبلة، بتوجه ألوانها إلى “الألوان الناعمة”، مثل لون الشاي الأخضر، وتدرجات اللون الأزرق غير الفاقع، ورسومات الطبيعة.

وعرضت الندوة أحدث الابتكارات في أزياء الأطفال، والألوان الرئيسة للموسم المقبل والرسومات والأنماط، وعادات الاستهلاك للمشترين، وصعود التجارة الإلكترونية.

وكانت مشاركة السوريين ملحوظة، حيث رصدت عنب بلدي أكثر من 50 شركة سورية، معظمها تشارك للمرة الثالثة بالمعرض، ما خلق جوًا تنافسيًا بين السوريين المشاركين، و”إثبات وجودهم في سوق المنسوجات”، وفق وصف أحد السوريين المشاركين.

إحدى الشركات المشاركة في معرض اسطنبول لألبسة الأطفال- 10 من كانون الأول 2022 (عنب بلدي)

مقالات متعلقة

في تركيا

المزيد من في تركيا