الحسكة – مجد السالم
ارتفعت أسعار وسائل وأدوات التدفئة في محافظة الحسكة خلال فصل الشتاء الحالي، وزادت معها الأعباء المادية على كاهل الأسر الفقيرة والمحتاجة، ما دفع العديد منها لشراء وسائل التدفئة المستعملة، علّها تقيهم البرد.
أحد سكان القامشلي، رياض الحسين (45 عامًا) قال لعنب بلدي، إنه بعد “جولة” على أغلب المحال التي تبيع وسائل التدفئة، “فوجئ” بالأسعار لموسم الشتاء الحالي.
ويضع أغلب أصحاب المحال “قصاصات ورقية” على المدافئ، متضمنة السعر بالدولار الأمريكي، وفق رياض، حيث تراوحت الأسعار بين 30 و50 دولارًا (بين 180 ألفًا و301 ألف ليرة سورية بحسب سعر صرف الدولار)، في حين تبيع الأقلية بالليرة السورية.
ويعمل رياض موظفًا حكوميًا، براتب لا يتعدى 15 دولارًا بحسب سعر الصرف الحالي، واستبدال مدفأته “القديمة المتهالكة” يكلّفه راتب شهرين متتالين، لذلك قرر أن يقوم بصيانة وإصلاح القديمة، والتخلي عن فكرة شراء مدفأة جديدة.
العامل بأجر يومي سليم الصفوك (31 عامًا) من ناحية القحطانية، توجه إلى سوق الأدوات المستعملة بالقامشلي، بحثًا عن مدفأة مستعملة بسعر يناسب مدخوله الذي لا يتعدى 12 ألف ليرة سورية يوميًا، وقد لا يجد عملًا جميع أيام الأسبوع.
بمبلغ 50 ألف ليرة سورية، استطاع سليم الحصول على مدفأة بحالة “فنية جيدة تلبي الغرض”، حسب تعبيره لعنب بلدي، مضيفًا أنه ليس الوحيد الذي يلجأ إلى سوق الأدوات المستعملة، فالعديد من زملائه وجيرانه وجدوا الحل في “المستعمل”، وتوفير نحو 100 ألف من “سعر الجديد”.
ولم تسلم ملحقات المدفأة من “البواري” وغيرها أيضًا من ارتفاع الأسعار، بحسب سليم، ورصدت عنب بلدي أسعار “البواري” التي بلغت عشرة آلاف ليرة، في حين كان سعرها الشتاء الماضي نحو 3500 ليرة.
الليرة والضرائب سبب الارتفاع
برر أصحاب المحال الزيادة في أسعار المدافئ بالتدهور المستمر بقيمة الليرة السورية أمام الدولار، فهي “لا تثبت ودائمًا في ارتفاع”، على حد قول منير عموكي (49 عامًا) صاحب أحد المحال، مضيفًا أنهم “مجبرون” على التسعير بالدولار لتجنب “الخسارة”.
وتزيد الضرائب التي تفرضها “الإدارة الذاتية”، وإتاوات حواجز النظام على البضاعة القادمة، وأغلبها من مناطق النظام في حلب ودمشق، أو من إقليم شمال العراق عبر معبر “سيمالكا”، من سعر المدافئ، وفق منير.
وعن أسعار وأنواع وسائل وأدوات التدفئة المتوفرة في السوق، قال منير لعنب بلدي، إن هناك وسائل تدفئة تعتمد على المازوت، والغاز، والكهرباء، وإن الأخيرة أغلبها يأتي من تركيا عبر معبر “سيمالكا”، لكنها غالية الثمن أيضًا بمتوسط سعر 200 ألف ليرة، حسب الحجم والجودة وجهة التصنيع.
وأوضح منير أن الإقبال على وسائل التدفئة بالكهرباء ضعيف نتيجة شح التيار الكهربائي القادم من خطوط شركة الكهرباء، فيما أغلب العائلات تشترك بثلاثة “أمبيرات” فقط عبر خطوط المولدات الكهربائية، وهي لا تكفي لتشغيل المدافئ الكهربائية.
أما بالنسبة لمدافئ الغاز، فيوجد أيضًا شح في مادة الغاز، وترتفع أسعارها في “السوق السوداء”، إذ بلغ سعر أسطوانة الغاز المنزلي 75 ألف ليرة، في حين يبقى الإقبال على مدافئ المازوت جيدًا “إلى حد ما”، لكنه أقل من العام الماضي، نتيجة “تضاعف الأسعار عن السابق”، على حد قول منير.
الريف يلجأ إلى مدافئ الحطب
في الريف، حيث تكون فرص العمل ومستوى الدخل أقل، لجأت العديد من العوائل إلى مدافئ الحطب، بحسب ما رصدته عنب بلدي.
عامر خليل (42 عامًا)، وهو يسكن ريف القحطانية الجنوبي، قال لعنب بلدي، إنه لجأ إلى مدافئ الحطب كبديل “عملي ورخيص” عن مدافئ المازوت مرتفعة السعر، فهي “تُصنع محليًا” من جهة، وكذلك مادة اشتعالها، وهي الحطب، يمكن الحصول عليها أحيانًا بشكل “مجاني”، أو بسعر “رمزي”.
كما يستخدم عامر أغصان نبات القطن الجافة كوقود بعد جني المحصول، على حد قوله.
ومؤخرًا، رفعت “الإدارة الذاتية” أسعار عدد من المواد الأساسية خاصة المحروقات، دون قرار رسمي، في خطوة وصفها البعض بأنها “لتجنب الغضب والاستياء الشعبي”، إذ كان أحدث هذه القرارات رفع سعر أسطوانة الغاز المنزلي من 2500 ليرة إلى سبعة آلاف ليرة سورية، مطلع تشرين الثاني الماضي.