دخلت سيارات أمنية بينها سيارة إسعاف خضراء اللون إلى مدينة جاسم، وسحبت جثثًا لعناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” الذين قُتلوا في العملية الأمنية الأخيرة شمالي درعا.
وتداول ناشطون صورة لسيارة إسعاف خضراء اللون قالوا إنها في مقبرة جاسم خلال انتشال الجثث.
بينما تحدثت شبكات محلية عن أن قوات “اللواء الثامن” هي من سحبت الجثث بناء على هذه السيارة التي تشبه سيارات “اللواء”.
“شبكة درعا 24” المحلية قالت في تقرير، في 13 من كانون الأول الحالي، إن “اللواء الثامن” سلم جثة أمير التنظيم “أبو عبد الرحمن العراقي” للقوات الأمريكية عبر الأردن.
ماذا قال “اللواء الثامن”
عنب بلدي تواصلت مع قياديين في “اللواء الثامن” ممن نفوا مشاركة فصيلهم بأي عملية سحب جثث في محافظة درعا بشكل عام.
أحد قياديي الصف الأول في “اللواء” قال لعنب بلدي، إنه لا علم لقيادة “اللواء الثامن” بمن سحب الجثث، وإذا ما كانت الجثث سُحبت فعلًا.
وأشار إلى أن المعلومة الوحيدة الأكيدة لديه، هو أن “اللواء” لم يشارك بأي عملية نقل جثث في درعا.
واعتبر أن إمكانية سحب أو نقل الجثث كانت متاحة لمجموعات “اللواء الثامن” خلال المعارك التي دارت في جاسم، ولو أرادوا نقلها لفعلوا ذلك حينها.
وشاركت مجموعات من “اللواء الثامن” في العملية الأمنية ضد خلايا التنظيم في مدينة جاسم، منتصف تشرين الأول الماضي، دعمًا لمجموعات محلية من فصائل المعارضة سابقًا.
قيادي ثانٍ من “اللواء الثامن” قال أيضًا لعنب بلدي، إن رواية نقل الجثث عبر الأردن لا تزال “غير منطقية”، إذ تتمركز قوات النظام على الشريط الحدودي الفاصل بين سوريا والأردن.
وأشار إلى أن القوات الروسية في الجنوب السوري تملك السيارات نفسها التي يملكها “اللواء الثامن”.
ولم يستبعد أن تكون روسيا هي من نقلت الجثث من المنطقة.
أين جثث مقاتلي التنظيم
قياديون ميدانيون في الفصائل المحلية ممن شاركوا بالعمليات العسكرية ضد خلايا التنظيم في مدينة جاسم، تحدثوا لعنب بلدي عن جثث عناصر وقياديي التنظيم الذين قُتلوا خلال الحملة الأمنية الأخيرة بشرط عدم ذكر أسمائهم لمخاوف أمنية.
وبحسب القياديين، فإن الجثث دفنت في أكثر من موقع، لكنهم لم يؤكدوا إذا ما كانت جثة “العراقي” من بين هذه الجثث.
المعلومات المتقاطعة من القياديين المحليين، أشارت إلى أن العمليات أسفرت عن مقتل 45 عنصرًا من التنظيم من بينهم 15 قياديًا.
ودُفنت الجثث في أكثر من موقع، في حيث تحدث أحد القياديين عن أن النظام سحب جثة “أبو عبد الرحمن العراقي” إضافة إلى جثث أخرى دُفنت معه في مدينة جاسم.
ما أهمية جثة “العراقي”
في 30 من تشرين الثاني الماضي، أعلنت القيادة المركزية الأمريكية عن مقتل زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية” الملقب بـ”أبو الحسن القرشي” على يد “الجيش الحر” في درعا.
وكانت هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها أمريكا وصف “الجيش الحر” على فصائل المعارضة منذ أكثر من خمس سنوات.
القياديون الذين تواصلت معهم عنب بلدي خلال فترات زمنية متفاوتة، أكدوا أن المقصود بتصريح القيادة الأمريكية هو “أبو عبد الرحمن العراقي” الذي قُتل في 17 من تشرين الأول الماضي، خلال الحملة الأمنية على يد مقاتلين محليين مدعومين من “اللواء الثامن”.
وأوضحوا أن “العراقي” هو نفسه “أبو الحسن القرشي”.
ومن مكان حادثة التفجير، أذاع مقاتلو المنطقة بيانًا قالوا فيه إنهم تمكنوا من قتل “العراقي” بعد مواجهات استمرت لساعات.
الإعلان الأمريكي أحرج روسيا والنظام
الصحفي أحمد مسالمة وهو من أبناء محافظة درعا، قال لعنب بلدي، إن النظام السوري، وروسيا، “شعرا بالخجل” بعد إعلان القيادة الأمريكية وتنظيم “الدولة” عن مقتل “القرشي” في درعا.
وأرجع ذلك إلى أن الطرفين يحاولان التقرب من المجتمع الدولي عبر “ذريعة” قتال تنظيم “الدولة”.
وأضاف أن إعلان القيادة الأمريكية “الجيش الحر” مسؤولًا عن قتل أمير التنظيم، دفع بالنظام وروسيا للسعي وراء جثة “العراقي”.
وحاولت وسائل إعلام النظام السوري تصوير البيان الأمريكي على أنه اعتراف بأن “الجيش السوري” هو من قتل أمير التنظيم، ومن بينها صحيفة “الوطن” (مقرها دمشق)، لكنها حذفت منشوراتها حول الأمر.
وقال الصحفي مسالمة، إن الجثث هي أشلاء متناثرة يصعب على النظام تحديد أي منها جثة “القرشي”.
مسالمة قال أيضًا، إن النظام كان يسهّل حركة التنظيم في الجنوب السوري، ويستخدم وجوده “شماعة” لفرض السطوة الأمنية، ولكن الأمور خرجت عن سيطرته مع اكتشاف وجود زعيم التنظيم في المنطقة.
اقرأ أيضًا: خلايا التنظيم.. “مسمار جحا” النظام السوري في درعا
روسيا والنظام حاولا تصدير نفسيهما
في 17 من تشرين الأول الماضي، قالت وكالات إخبارية روسية ودولية، إن مقاتلين سوريين وروسيين تمكّنوا من قتل 20 عنصرًا من تنظيم “الدولة الإسلامية” كانوا يتحصنون شمالي محافظة درعا جنوبي سوريا.
ونقلت وكالة “رويترز” للأنباء عن ضابط روسي لم تسمِّه، في 17 من تشرين الأول الماضي، أن القوات الروسية والسورية قتلت 20 عنصرًا إسلاميًا متشددًا خلال عملية أمنية جنوبي سوريا.
الوكالة أضافت أن العملية الأمنية طالت مجموعة متشددة متهمة بتنفيذ تفجير استهدف حافلة مبيت عسكرية تابعة لـ”الفرقة الرابعة” بقوات النظام، في منطقة الصبورة بريف دمشق، وخلّف نحو 20 قتيلًا.
بينما نقلت وكالة “تاس” الحكومية الروسية عن اللواء الروسي أوليغ إيغوروف قوله، إن القوات الروسية والسورية نفذت “عملية خاصة” جنوبي سوريا، قتلت خلالها 20 مسلحًا من تنظيم “الدولة” بمن فيهم “منظمو الهجوم الإرهابي على حافلة للقوات السورية”.
من “أبو عبد الرحمن العراقي”
يعتبر “العراقي” الملقب بـ”سيف بغداد” هو المسؤول الإداري عن التنظيم في الجنوب السوري، في حين قال قياديون محليون لعنب بلدي عقب الإعلان الأمريكي، إن احتمالية أن يكون هو زعيم التنظيم واردة جدًا كونه قُتل في اليوم الذي حدده الأمريكيون خلال العمليات الأمنية.
وكان يشار لـ”العراقي” على أنه القيادي الثاني في التنظيم بعد “أبو سالم العراقي“، الذي قُتل منتصف آب الماضي على يد مجموعات محلية في بلدة عدوان غربي درعا.
قيادي سابق في فصائل المعارضة، تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية، قال لعنب بلدي، إن “أبو عبد الرحمن” كان يعتبر من أخطر قادة التنظيم في الجنوب، وأحد أكثرهم قدرة على إدارة التنظيم في المنطقة.
ويخفي قادة التنظيم أسماءهم الحقيقية، مستخدمين ألقابًا وأسماء وهمية، كما يتجولون ببطاقات شخصية مزوّرة خلال تنقلهم بين مناطق نفوذ النظام جنوبي سوريا.
ومع اشتداد العمليات العسكرية ضد خلايا التنظيم، قالت وكالات إخبارية روسية ودولية، إن مقاتلين سوريين وروسيين تمكّنوا من قتل 20 عنصرًا من تنظيم “الدولة” كانوا يتحصنون شمالي محافظة درعا جنوبي سوريا.
بينما نفى قياديون من المنطقة لعنب بلدي أن يكون النظام شارك في هذه العمليات، باستثناء مشاركة “اللواء الثامن”، المشكّل على أنقاض فصيل معارض في درعا والتابع لـ”الأمن العسكري”.
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في درعا حليم محمد.
–