فور وصولهم إلى مدينة داعل في ريف درعا الأوسط، اشتبك عناصر من “المخابرات الجوية” مع مقاتلين محليين في المدينة، ما أسفر عن إصابات بين المدنيين إضافة إلى جرحى من “الجوية”.
وتداول ناشطون تسجيلات مصوّرة عبر “فيس بوك”، في 12 من كانون الأول الحالي، تظهر انسحاب دبابة تابعة لقوات النظام من بين الأحياء السكنية، وفي خلفيتها أصوات الرصاص الناتجة عن اشتباكات.
الصدام المسلح بين سكان داعل ومجموعات “المخابرات الجوية”، يعكس تاريخًا من القلق عاشه سكان المدينة خلال فترة تمركز “الجوية” فيها.
يرفض سكان المدينة والبلدات المحيطة بها انتشار حواجز عسكرية لـ”المخابرات الجوية”، نظرًا إلى ما كان يتعرض له السكان من مضايقات سابقًا من هذه الحواجز.
وفي 13 من كانون الأول الحالي، اجتمع وجهاء من مدينة داعل مع “اللجنة الأمنية” الممثلة للنظام في محافظة درعا، لبحث تثبيت نقاط فرع “المخابرات الجوية” القادمة إلى المدينة بعد انسحابها من ريف درعا الشرقي.
وطالب الوجهاء “اللجنة الأمنية” حينها بعدم تثبيت أي نقطة عسكرية داخل مدينة داعل، وحصر الوجود العسكري لـ”الجوية” على حاجزين فقط، الأول على مدخل المدينة الجنوبي (طريق عتمان)، والثاني في الجهة الشمالية على الطريق الواصل مع بلدة أبطع.
كما طالبوا بعدم التعرض للسكان المدنيين من قبل الحواجز، وخاصة المطلوبين للخدمة العسكرية منهم، وعدم مضايقة سيارات المدنيين.
“الجوية” من وإلى داعل
في حزيران 2018، وقبل سيطرة النظام على الريف الغربي لدرعا، دخلت داعل بـ”تسوية” منفردة، ما وضعها خارج اتفاقيات الريف الغربي مع قوات النظام التي رعتها روسيا.
وتوصل وجهاء داعل لاتفاق مع النظام حينها، يقضي بعدم إقامة حواجز عسكرية ونقاط تفتيش داخل المدن والبلدات، مقابل تسليم السلاح الثقيل من قبل فصائل المعارضة، وعودة المؤسسات الخدمية للعمل.
واستقبل وجهاء من داعل حينها مسؤولي النظام بـ100 خروف ذبحوها على شرف حضورهم، لكن ما لبث أن خرج مسؤولو النظام منها، حتى بدأ انتشار “المخابرات الجوية” في المنطقة.
الناشط همام فهيم المقيم في درعا قال لعنب بلدي، إن عددًا من الوجهاء وضعوا ذبائح تحت أقدام رئيس “الأمن العسكري” في درعا، العميد لؤي العلي، ترحيبًا بقدومه إلى مدينة داعل.
لكن العلي انقلب على قاطني المنطقة ووجهائها بعد أيام، وذلك بترك المدينة ساحة نفوذ لـ”الجوية”.
الناشط السياسي الذي ينحدر من مدينة داعل يسار عوير، فضّل إطلاق اسم “المصالحة المشؤومة” على اتفاقية “التسوية” في داعل.
وأضاف يسار لعنب بلدي، أن هذا الاتفاق خلّف مداهمات واعتقالات واغتيالات نفذها النظام متمثلًا برئيس “الأمن العسكري” في درعا، الذي نكث بكل وعوده التي أطلقها خلال اتفاق “التسوية”.
تغلغل “المخابرات الجوية” في شوارع داعل بعد “التسوية”، دفع بمعارضي النظام لمغادرة المدينة والاستقرار في مدينة طفس غربي درعا، حتى خروج “الجوية” من داعل، منتصف العام الماضي.
“الجوية” والفلتان الأمني
شهدت مدينة داعل منذ سيطرة النظام على الجنوب السوري حالة من الفلتان الأمني تمثّلت باغتيال عدد من شخصيات المعارضة بين الحين والآخر.
ويضاف إلى ذلك انتشار عمليات السطو والسلب والسرقة، إذ لم تمضِ أربعة أشهر على دخول قوات النظام للمدينة عندما اغتال مجهولون القيادي في مجموعة “الحمزة”، إحدى مجموعات “الجبهة الجنوبية”، مشهور كناكري.
ويعرف عن كناكري انضمامه إلى “التسويات” بوقت مبكر، ومساهمته في سيطرة النظام على مدينة داعل دون قتال.
وفي تشرين الأول 2020، اغتال مجهولون في مدينة داعل على مقربة من حاجز “المخابرات الجوية” الإعلامي وعضو “اللجنة المركزية” شادي السرحان.
وفي آب الماضي، اغتال مجهولون أحد وجهاء محافظة درعا، والقيادي السابق بفصائل المعارضة، الشيخ فادي العاسمي، في مدينة داعل، وهو من أوائل المعارضين للنظام في محافظة درعا، وانضم لفصائل المعارضة عام 2012، وعمل مع كتيبة “صقر قريش” التي كان يقودها الشيخ أنيس الجاموس.
وكانت قوات النظام اعتقلت العاسمي بعد سيطرتها على مدينة داعل، ثم أفرجت عنه في شباط 2019، واستقر بعدها في مدينة طفس حتى خروج “المخابرات الجوية” من داعل.
–