عروة قنواتي
ليلة من ليالي كرة القدم المونديالية المتقلبة بين واقعية كرة القدم واللامستحيل في المستطيل الأخضر. كرواتيا تقصي السامبا البرازيلية بعد 120 دقيقة وركلات ترجيح، والأرجنتين تنجو من فخ الطواحين الهولندية بعد 120 دقيقة وركلات ترجيح. كلمة السر في كرواتيا والأرجنتين كانت لحارسَي المرمى، فكل العطاء المقدم داخل الأشواط الأصلية والإضافية “كوم”، وركلات الترجيح ورهبتها والثبات فيها “كوم تاني”.. ما علينا.
ليلة تهددت فيها قارة أمريكا الجنوبية مجددًا بعدم الوصول إلى النهائي والصراع على اللقب، خابت فيها آمال البرازيليين من الحسم السريع لنيمار وزملائه، وتفاجأت عيونهم وقلوبهم بأداء كرواتي جيد وندّية غير طبيعية في أرض الملعب، وكلما كان الوقت يمضي كانت الفاتورة تصبح أغلى وأقسى، لربما كان هدف نيمار في نهاية الشوط الإضافي الأول مطمئنًا، ولكن الإصرار الكرواتي الذي ذهب في مونديال 98 إلى نصف النهائي، وانتزع يومها المركز الثالث، والذي مشى بخطوات واثقة في 2018 باتجاه المباراة النهائية مع الاكتفاء بالمركز الثاني، عاد ليوقع على خيبة برازيلية جديدة ترمي بأحلام هذا الجيل حتى المونديال المقبل، بعد مجد متوقف منذ مونديال كوريا واليابان 2002.
البرازيل إذًا تفشل في الوصول إلى مربع الكبار للمونديال الثاني على التوالي، وتلحق بألمانيا وإسبانيا والأوروغواي أصحاب الألقاب السابقة إلى خارج المونديال، بعد أن كان راقصو السامبا المرشح رقم 1 أو 2 لحيازة اللقب في قطر 2022.
وهنا بات ظهور الممثل الأخير لأمريكا الجنوبية ضروريًا، الأرجنتين التي إذا ما استثنينا هزيمتها أمام الأخضر السعودي في بداية المشوار، نستطيع القول إنها الأكثر واقعية في أرض الملعب بين منتخبات قارة أمريكا الجنوبية، ولديها العوامل المساعدة على تلافي أي مشكلة موجودة بوجود ليونيل ميسي ودكة البدلاء والحالة البدنية المميزة للاعبي المنتخب، وأيًا كان شكل المنتخب الهولندي على الطرف المقابل، فإن المباراة ستكون صعبة، وهذا ما عمل عليه سكالوني مع اللاعبين خلال المواجهة التي تحولت في بعض فتراتها إلى ساحة حرب وتشابك بالأيدي وإصابات وأوراق ملونة، فرض من خلالها التانجو إيقاعه، وسجل هدفين مطبقًا على رقبة خصمه في كل مكان، وترك ثلث الساعة الأخير ليرتب أوراقه أكثر، فجاء الرد الهولندي بهدفين كان الصاعق بينهما الهدف الثاني في الثانية الأخيرة من المباراة بوقتها الأصلي.
ولأن ظروف كرة القدم لا تقدم الخدمات باستمرار، ولا تعطي فرص التأهل بشكل وفير، فقد توقفت طواحين هولندا عن العمل في ركلات الترجيح أمام براعة الحارس مارتينيز وهدوء ليونيل ميسي وزملائه في أثناء التنفيذ.
وبينما ذهبت هولندا التي لا تملك رأس حربة مميزًا كما في الأجيال السابقة، أضاعت الأرجنتين العديد من الفرص في 90 دقيقة وفي الشوطين الإضافيين أيضًا، وهنا تقدمت الأرجنتين بأحلام ليونيل ميسي ومن معه نحو مربع الكبار، ومن بعده إلى النهائي إن تجاوزت الدنمارك.
مبارك لعشاق ميسي والتانجو و”هاردلك” لعشاق السامبا والطواحين الهولندية.