النصرة “تتمدد” في حلب.. حواجز ومقرات جديدة و”الخطف” يرعب الناشطين

  • 2016/01/24
  • 4:34 ص

ليان الحلبي – عنب بلدي

أنشأت جبهة النصرة حواجز ومقرات جديدة داخل مدينة حلب، بشكل مفاجىء ودون أي توضيح، تزامنًا مع عمليات خطفٍ جعلت ناشطي المدينة وسكانها يتخوفون من تبعات هذا التحرك وأهدافه.

 وبدأت الجبهة تحركها الثلاثاء 19 كانون الثاني، وأنشأت ثلاثة حواجز جديدة، أكبرها على الطريق الوحيد الواصل بين حلب وريفها الشمالي (الكاستيلو)، وحاجزين آخرين على دوار الصناعة في حي باب النيرب، وأمام كازية الكنج في حي الكلاسة.

وأنشأت الجبهة مقرات جديدة، خلال الأيام القليلة الماضية، في بعض الأحياء كالمشهد، والمغاير، والصاخور، والفردوس، وكذلك بعض الأحياء الشرقية، بحسب ناشطين في المدينة.

ونقل ناشطون عن شهود عيان اتخاذ جبهة النصرة، مساء الاثنين الماضي، دكانينمغلقين بالقرب من جامع أبو هريرة في حي الفردوس مقرات جديدة لها، وعند اعتراض الأهالي على ذلك، هدّدتهم النصرة وسيطرت على الدكانين بالقوة.

ردود فعل

التحرك العسكري للنصرة أثار ريبة وقلقًا لدى فصائل حلب، كما أوضح الكاتب والباحث أحمد أبازيد، المقيم في المدينة، وقال في تغريدة، يوم الأربعاء، تثير هذه العملية، التي تلي مقال أبو فراس السوري، الذي أعلن تكفير وتخوين جميع الفصائل، ودعا لقمع المخالفين وقتالهم، توجسًا كبيرًا لدى فصائل حلب“.

وأضاف جميع فصائل الشمال السوري تتوجس من أن جبهة النصرة تنوي قتالها، الجبهة بحاجة لبناء ثقة لا تقويضهاإخواننا في جبهة النصرة، معركتنا ومعركتهم ضد النظام واحدة ولا فرق بين دماء الشهداء، ولكن يخدعكم من يقول إن الأمور بين الفصائل بخير“.

وخوف من الاختطاف

الناشط (أ، ك)، الذي رفض التصريح باسمه الكامل لأسباب أمنية، استنكر السماح للنصرة بافتتاح مقرات جديدة دون أن يكون لها أي نقاط رباط في تلك المناطق، وقال لعنب بلدي إنها تعيد انتشارها في عدة أحياء، منها الكلاسة والمغاير، والتي تعدّ الطريق التي اعتمدتها داعش سابقًا ومن خلفها النصرة في اختطاف الناشطين، وآخرهم أبو ماجد كرمان“.

وأضاف أن التخوف الأكبر هو أن يسمح هذا الامتداد بازدياد حوادث الاختطاف في المدينة، اختطفوا فراس صحاف، صاحب محل للإنترنت في حي الزبدية، قبل حوالي ثلاثة أسابيع دون أي سبب، ومن داخل محله، لذا نخشى أن ترتفع وتيرة هذه الحوادث الآن“.

توقيت الأذان سببٌ للاعتقال

حادثة اعتقال مؤذن جامع الدالاتي في حي الشعار، زكريا بستاني، الاثنين 18 كانون الثاني، لعدم التزامه بأداء الأذان على حسب توقيت جبهة النصرة، تضاف إلى هاجس الناشطين وتخوفهم، بحسب ناشطٍ إعلاميٍ في المنطقة، رفض كشف اسمه.

أطلق سراح البستاني في اليوم التالي، لتكون الحادثة فركة أذنللمؤذن، وفقًا للناشط، الذي أضاف أن كلًا من أبو إسلام، وأبو صالح، وأبو ماجد، اعتقلوا المؤذنَ واقتادوه إلى مقرهم في منطقة المواصلات“. ويعد هؤلاء مسؤولي شؤون الجوامع لدى جبهة النصرة، ووصفهم الناشط بـ أصحاب المشاكل في مساجد حلب“.

وعرف عن جبهة النصرة كغيرها من الفصائل، أنها تعتمد تقويمًا خاصًا بها، وتختلف فيه مواعيد الأذان.

وأضاف الناشط اعتدنا نحن سكان حلب، أن تختلف مواعيد الأذان من حي إلى آخر بحسب رؤية الشرعي لكل فصيل إسلامي يحكم منطقته، وكذلك الحال في قرى إدلب“.

تمدد في المساجد

عنب بلدي تواصلت مع الناشط الإعلامي محمد خالد، من مدينة حلب، وتحدث عن سيطرة النصرة على جوامع المدينة، عبر مكتب الأوقاف التابع لها، وقالسيطرت على نسبة كبيرة من الجوامع بعد أن عزلت الخطباء والأئمة القدماء، ووضعت خطباء من طرفها بعد إخضاعهم لدورات خاصة“.

وأوضح محمد أن لجبهة النصرة مكتب أوقاف خاصًا بها، أنشأته قبل أن يتقلص وجودها في المدينة، ويسيطر المكتب على المدارس الشرعية وكذلك المساجد، مشككًا بالقائمين عليه والمعيّنين عبره أي شخص لديه ميول دينية، لابد أن يخضع لدورة تدريبية خاصة لمدة شهرين، يصبح بعدها خطيبًا ويعين غالبًا في أحد جوامع المنطقة التي ينتمي إليها، ليكون عالمًا بأمور منطقته“.

مهمة هذا الخطيب أو المؤذن، نقل جميع أخبار الجيش الحر والمدنيين في المنطقة، كتقارير دورية إلى مكتب الأوقاف، وفقًا لمحمد، الذي أضاف كما تبثّ الجبهة من خلالهم أفكارها ومنهجها“.

وروى محمد حادثة اعتبرها تأييدًا لكلامه، حين حاول مجموعة شباب من لواء صقور الغاب، قبل نحو شهرين، تركيب برج (قبضات لاسلكية) على مئذنة جامع فجر الإسلام في حي طريق الباب، لكن الخطيب منعهم وطلب إذنًا من الأوقاف أو من النصرة، ثم اقتحمت الحي ثلاث سيارات من الملثمين تابعين للنصرة وطردت الشباب من الجامع“.

جبهة النصرةالمقاتلون هم أبناء حلب

تواصلت عنب بلدي مع المكتب الإعلامي لجبهة النصرة، للبحث في أسباب التحرك الأخير في المدينة، فردّ المتحدث باسم المكتب، أبو محمد السوري، أن من عاد إلى المدينة مؤخرًا من قادة وجنود للنصرة، هم أبناء حلب المدينة، غادروها قبل حوالي عام ونصف إلى إدلب وريفها، للمشاركة بمعارك التحرير هناك، وبعد انتهاء المهمة بنجاح، عادوا إلى مناطقهم وأحيائهم“.

وأكد المتحدث أن هؤلاء القادة والعناصر تعرفهم جميع الفصائل، وشاركوا في تحرير أحياء المدينة سابقًا، وليس لهم أي مطامع أو مكاسب في المدينة، على حد تعبيره.

وأضاف عادوا فوجدوا وضع حلب مأساويًا للغاية، فهي على وشك قطع الطريق عليها ومحاصرتها، إضافة إلى القصف بالبراميل، ورأوا أن نقاط الرباط هي ذاتها كما كانت عليه منذ عامين، إن لم تكن تراجعت للخلف، معتبرًا أن هذه الأسباب هي ما دفعت الجبهة لإرسال تعزيزات إلى المدينة لسد النقاط التي يرونها مهمة، للقيام بأعمال عسكرية بشكل أكبر ضد العدو“.

هذا الأمر نتج عنه شائعات وردود فعل عكسية من قبل بعض الفصائل والألوية، ومنها حركة أحرار الشام في حي السكري، بحسب السوري، الذي أوضح أرسلوا تهديدًا للنصرة بأن تخلي مقرها في السكري أو تخرج المقاتلين بالقوة خلال 24 ساعة، فكان من الطبيعي أن ننشر الحواجز لحماية المقر وشبابه البالغ عددهم حوالي عشرة، وأردف الأمر انتهى بشكل ودي“.

واختتم المتحدث حديثه بالقول الآن ندخل مرحلة جديدة بتشكيل حواجز مشتركة بين جميع فصائل حلب“.

وأما عن اعتقال المؤذن زكريا البستاني، فتحفظ المتحدث باسم المكتب الإعلامي على الرد، معتبرًا أن الحادثة تحتاج إلى معاينة الواقع والتحقيق وأخذ أقوال الطرفين، أي أنها مسألة قضائية بحتة أكثر من كونها رأي، على حد قوله.

يتزامن هذا التحرك للنصرة، مع تقدم النظام في ريف حلب الجنوبي، وتحركات تنظيم الدولةووحدات الحماية الكردية وجيش الثوار في المناطق الشمالية، ما يثير قلقًا أكبر من تبعات هذا التحرك وتوقيته.

وفيما يرى البعض أن هناك أيادي خفية تسعى لـ شيطنةجبهة النصرة، وإظهار جانب الغلو والتطرففي أعمالها، مقابل طمسما قدمته من إنجازات عسكرية على الأرض، يتهمها آخرون بحرف مسار الثورة ضد النظام السوري، والسعي لإقامة إمارةلها في سوريا.

مقالات متعلقة

سياسة

المزيد من سياسة