“FIFA Uncovered”.. وثائقي يكشف فساد كرة القدم
“إذا سألت عما إذا كان بمقدور (فيفا) الابتعاد عن الفساد، فعليك أن تسأل عما إذا كان العالم يمكن أن يتخلص من الفساد”، بهذه الكلمات رسم غيدو توجوني المستشار السابق للرئيس السابق للاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، سيب بلاتر، صورة قاتمة لإمكانية تخلّص المنظمة الدولية من حالة الفساد.
قبل 11 يومًا من انطلاق كأس العالم نسخة عام 2022 في قطر، عرضت “نتفليكس” ضمن أربع حلقات وثائقي “FIFA Uncovered”، الذي يسرد قصة سقوط الاتحاد الدولي لكرة القدم، حين جرى إلقاء القبض في 2015 على 14 عضوًا من إجمالي 22 آخرين من اللجنة التنفيذية التي تحدد البلد المضيف لكأس العالم.
وعرض الوثائقي عبر حلقاته تاريخ المنظمة، وصراعات السلطة، والرشى التي تلقاها بعض أعضائها من أجل استضافة نسخ كأس العالم، مع التركيز على قضايا الفساد وحقوق الإنسان التي رافقت استضافة نسخة العام الحالي، مستضيفًا عدة شخصيات رئيسة في المنظمة مثل بلاتر، ومسؤولين عن ملف استضافة قطر.
ولم تكن المنظمة الدولية منذ بداياتها، في 1904، بذات الحالة من البذخ والشهرة والفساد الذي عانته، بل كانت مكوّنة من عدة أشخاص نظموا بطولات كأس العالم غير ذائعة الصيت حينها، لكن في عهد الرئيس البرازيلي، جواو هافيلانج، الذي أدار المنظمة من 1974 حتى 1998، تغيرت الأحوال.
وتعهد هافيلانج بالتوسع العالمي للعبة، لكنه احتاج إلى الأموال للتنفيذ، ما دعاه لتوقيع صفقات رعاية، بداية مع شركة “كوكا كولا”.
سلسلة الفساد بدأت
مع ازدياد شهرة البطولة، رأى فيها الحكام الدكتاتوريون وسيلة لتلميع صورتهم عالميًا، بداية مع حاكم الأرجنتين العسكري في بطولة 1978 التي دعمها هافيلانج، وليس نهاية بنسخة 2018 في روسيا، حيث كانت قوات الرئيس، فلاديمير بوتين، تقصف السوريين من جهة، ورئيس “فيفا” الحالي، جياني إنفانيتو، يحتفي به من جهة أخرى.
وبحلول أوائل الثمانينيات، أنشأ رئيس شركة “أديداس”، هورست داسلر، شركة لإدارة حقوق رعاية بطولات “فيفا”، وبينما لم ترَ المنظمة أو الدول الأعضاء نصيبها العادل من الأموال الضخمة المتزايدة، تأكد حصول هافيلانج على “مكافآت خارجية” لاستمرار الشركة ذاتها بالحصول على حقوق الرعاية، لتبدأ سلسلة الفساد في المؤسسة الدولية التي رأى رجال الأعمال عن طريق هيكليتها وسيلة لكسب المصالح الذاتية.
كان سيب بلاتر القادم من خلفية رجال الأعمال، آنذاك، بمنصب الأمين العام، الذي يعد الرجل الثاني في المنظمة بعد الرئيس.
وتؤثر الدول الصغيرة أو غير المهتمة بكرة القدم ذات التأثير بالنسبة للدول المعروفة بشعبية كرة القدم، مثل البرازيل والأرجنتين، عند اختيار رئيس “فيفا” أو مكان استضافة كأس العالم، وهو ما يستغله بعض رؤساء الاتحادات لمصالحهم الشخصية، مثل رئيس اتحاد “الكونكاكاف” السابق، جاك وارنر، الذي أشرف على 41 صوتًا أغلبها لجزر صغيرة، بينما يضم اتحاد أمريكا الجنوبية عشرة أصوات فقط.
ويظهر الوثائقي شهادات وتحقيقات لظروف بنّية اللون تحتوي على أموال تُعطى لرؤساء الاتحادات قبل حصول تصويت مهم، على شكل دعم لمشاريع تنموية دون أن يكون لها وجود على أرض الواقع.
وركّز الوثائقي في إحدى حلقاته على كيفية الحصول المفاجئ لقطر على حق استضافة كأس العالم، حيث عرض إحدى القضايا التي كانت بطلتها إحدى أعضاء فريق استضافة الملف، والتي استقالت بعد فترة وجيزة من فوز الملف القطري، إذ ادعت دفع رئيس الملف لرؤساء ثلاثة اتحادات إفريقية مبلغ 1.5 مليون دولار كهبة لكل اتحاد، طمعًا بكسب أصواتهم، وهو ما نفته قطر.
وبالنسبة لدول أخرى، مثل البرازيل وتايلند وفرنسا وروسيا، فقد حظيت قطر بأصوات ممثليها عبر تحركات مسؤوليها على المستوى الرئاسي من زيارات وصفقات تجارية مع تلك الدول، بحسب الوثائقي.
غير قابلين للمساءلة
يوحي الوثائقي في بعض الأحيان بأن مسؤولي “فيفا” يتمتعون بنفوذ كبير وغير خاضعين للمساءلة، على الرغم من وجود لجنة أخلاقية داخل المنظمة لكشف ومحاسبة الفاسدين، وبناء على إحدى دعاوى الفساد التي أدت إلى إيقاف جاك وارنر، ورئيس الاتحاد الآسيوي السابق، محمد بن همام، في 2011، بدأت تحقيقات الوكالة الفيدرالية الأمريكية (FBI)، التي كشفت حجم الفساد في “فيفا”.
وأجبرت “FBI” أحد أعضاء اللجنة التنفيذية لـ”فيفا” على التعاون الكامل معها عن طريق الضغط بالدعاوى المالية المترتبة عليه، وفي نهاية التحقيقات، ألقت القبض على 14 عضوًا رئيسًا من المنظمة الدولية، قبل عدة أشهر من انتخابات رئاسة “فيفا”.
ولم تمنع “زوبعة الفساد” التي هزت المنظمة بلاتر، الذي لم توجه إليه تهم فساد، من إعادة ترشيح نفسه للرئاسة، والمفاجأة كانت في إعادة انتخابه، لكن بعد عدة أشهر ودون مقدمات قدم استقالته.
وبعد فترة قصيرة من الاستقالة، أُثيرت حول بلاتر ورئيس الاتحاد الأوروبي حينها، ميشيل بلاتيني، الذي كان مرشحًا لخلافته، قضية رشوة قدمها بلاتر للأخير حتى لا يترشح ضده بانتخابات الرئاسة، بحسب الاتهامات، وهو ما حرمهما من ممارسة أي نشاط يتعلق بكرة القدم لعشرة أعوام، بحسب قرار اللجنة الأخلاقية لـ”فيفا”.
ويكشف “FIFA Uncovered” كيف زُرع الفساد في “فيفا” منذ سنوات ونما على مدى عقود، ويوضح للمشاهدين أن كل شخص داخل المنظومة لديه “أجندة أو صورة” يجب الحفاظ عليها، كما يُظهر القوة التي وصلت إليها كرة القدم، بحيث باتت تؤثر على السياسة والدول بطريقة لا تستطيع أي رياضة أخرى التأثير فيها.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :