درعا – حليم محمد
أدى ارتفاع سعر المازوت في محافظة درعا إلى رفع أجور نقل المواد الغذائية ومواد البناء، وغيرها من المنتجات التي تتبادلها المحافظة مع غيرها من المحافظات، فيما فاقمت الإتاوات التي تفرضها حواجز النظام السوري على السيارات العابرة من تكلفة المواد على المستهلك.
ودفعت هذه العوامل التجار لرفع الأسعار، ما انعكس سلبًا على حياة المواطن مع تراجع قيمة الليرة السورية، إذ وصل سعر صرفها إلى 5880 ليرة سورية لكل دولار أمريكي، بحسب موقع “الليرة اليوم” المتخصص بالعملات.
المازوت عصب التجارة
وصل سعر ليتر المازوت “الحر” في درعا إلى تسعة آلاف ليرة، بعد أن كان سعره لا يتجاوز 6500 ليرة في تشرين الثاني الماضي.
وقال علاء (42 عامًا)، وهو بائع في متجر للمواد الغذائية، لعنب بلدي، إن الأسعار في درعا تشهد ارتفاعًا مستمرًا، وهذا الأمر مرتبط بأسعار المازوت، التي رفعت من أجور التصنيع والنقل.
وأضاف علاء، تحفظ على اسمه الكامل لأسباب أمنية، أن أسعار البضاعة غير ثابتة، فهي في ارتفاع مستمر كل ساعة، بحسب “نشرة أسعار المازوت”.
جابر (45 عامًا)، وهو مزارع في ريف درعا، قال لعنب بلدي، إن أجور نقل مواد المنتجات الزراعية ارتفعت، وهناك تخوّف من خسارة متوقعة بعد ارتفاع تكاليف الزراعة وأجور نقل المنتج من جهة، وغلاء أجور فلاحة الأرض وغيرها من المكننة الزراعية وسقاية المحصول من جهة أخرى.
وأوضح أن أجرة سيارة نقل الخضار إلى سوق “الهال” في دمشق، باتت تتراوح بين 700 ألف و800 ألف ليرة سورية.
بدوره، قال أنس (35 عامًا)، العامل في مقلع للحصى والرمل، إن أسعار مواد البناء ارتفعت مع ارتفاع سعر المازوت، ووصل سعر متر الحصى والرمل إلى 85 ألف ليرة، بعد أن كان 60 ألفًا خلال الشهر الماضي.
وأضاف أنس لعنب بلدي، أن أسعار الملابس والمواد الغذائية وغيرها ارتفعت هي الأخرى، واصفًا مادة المازوت بـ”نبض الحياة”، وأنها مرتبطة بجميع مناحي الاقتصاد في درعا.
بدورها، وصفت الطالبة الجامعية إيمان (25 عامًا) لعنب بلدي، معاناتها بالنسبة لأجور “السرافيس” وحافلات النقل (البولمان) المرتفعة، إذ وصلت أجرة الراكب من درعا إلى دمشق لنحو 15 ألف ليرة، مشيرة إلى أن سائقي الحافلات يبررون بأنه “لا مازوت مدعوم يكفي والحر غالٍ”.
وتشهد مناطق سيطرة النظام السوري أزمة محروقات رغم الوعود من قبل مسؤولي النظام بحلّها.
وبرر وزير النفط في حكومة النظام السوري، بسام طعمة، سوء واقع المحروقات باعتماد الحكومة على التوريدات، التي تحكمها ظروف دولية وبيئية بنسبة كبيرة، على حد قوله، موضحًا أن الأزمة مستمرة منذ نحو شهرين، رابطًا انفراج الأزمة بانتظام التوريدات.
ولا تملك الوزارة، بحسب طعمة، أي كفاية من المحروقات إلى حد يسمح لها بتكوين مخزون استراتيجي، بحيث تلبي فيه انقطاعات المادة الطويلة، لكون أكبر الناقلات التي تصل والتي تحوي مليون برميل من النفط أو مليونين مثلًا، تكفي لأيام فقط، ولا تسمح بتأمين مخزون منها.
الإتاوات عامل إضافي في رفع الأجور
لا تقتصر تكلفة نقل البضائع على أسعار المازوت، إذ تشكّل الإتاوات التي تفرضها حواجز النظام عامل ضغط إضافيًا يسهم في رفع أجور النقل.
ويدفع منذر (50 عامًا)، صاحب سيارة زراعية، للحواجز العسكرية مبالغ متفاوتة، قائلًا، “بعض الحواجز تفرض خمسة آلاف ليرة، وبعضها ألفي ليرة”.
وبرر منذر، الذي تحفظ على ذكر اسمه الكامل لأسباب أمنية، دفع المبلغ للحواجز بتجنب التوقف الطويل، وإفراغ البضاعة للتفتيش، وما يترتب عليه من عمل شاق قد يحتاج إلى عمال، أو يؤدي إلى تلف في المواد المحمّلة، لذلك يجد في دفع هذه المبالغ توفيرًا للجهد والوقت.
ويضم السائق المبالغ التي يدفعها للحواجز إلى تكلفة النقل، ما ينعكس على أسعار المواد بشكل عام.
وحول سبب وجود ظاهرة الإتاوات لدى عناصر الحاجز، برر مساعد منشق عن قوات النظام، طلب عدم الكشف عن اسمه لأسباب أمنية، بأن حواجز النظام تعيش حاليًا على مردود هذه الإتاوات غير القانونية، وأن راتب المجند لدى قوات النظام لم يعد يكفيه لدفع أجور المواصلات.
من جانب آخر، يؤدي تغاضي الحواجز عن تفتيش السيارات إلى مخاطر تهريب المخدرات أو السلاح أو العملات المزوّرة.