عنب بلدي – خالد الجرعتلي
يشهد حي الشيخ مقصود بمدينة حلب، منذ منتصف تشرين الثاني الماضي، “تقنينًا” للكهرباء امتد لأكثر من نصف اليوم، جراء فقدان المحروقات.
وعادة ما يتزوّد الحي بالوقود من مناطق النظام، إلا أن الصهاريج التي تنقل الوقود لم يلحظ السكان وجودها على حواجز مداخل “الشيخ مقصود” حسب المعتاد.
انقطاع المازوت تسبب بانقطاع شبه تام للكهرباء، واعتماد سكان المنطقة على نظام “الأمبيرات” (مولدات خاصة).
وكالة “هاوار” ومقرها شمال شرقي سوريا قالت، في 27 من تشرين الثاني الماضي، إن حيي الشيخ مقصود والأشرفية يشهدان “ليلًا مظلمًا” مع انقطاع تام للتيار الكهربائي، بسبب “الحصار” المفروض من قبل قوات النظام على المنطقة.
حصار يترافق مع القصف التركي
لا يعتبر حصار حي الشيخ مقصود في حلب الأول من نوعه، إذ لطالما أغلقت قوات النظام حواجزها في محيط المنطقة، التي تعتبر امتدادًا لمناطق نفوذ “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد)، إلى جانب أحياء صغيرة داخل مدينة حلب.
الفارق هذه المرة أن الحصار تزامن مع حملة قصف شنها الجيش التركي ضد “قسد” في مواقع مختلفة شمالي سوريا، لكن حي الشيخ مقصود ليس من ضمنها.
اقرأ أيضًا: “حصار الحسكة” خيار “قسد” لمواجهة “حصار حلب”
تواصلت عنب بلدي مع مصادر محلية عديدة داخل حي الشيخ مقصود كان من بينهم خالد (21 عامًا)، تحفظ على اسمه الكامل لأسباب أمنية، إذ قال لعنب بلدي، إن انقطاع الكهرباء سببه الحصار ومنع المحروقات من الدخول إلى الحي، خصوصًا أن للنظام سوابق في هذا الأمر، كما أن التصعيد التركي لا يشمل حي الشيخ مقصود.
وفي نيسان الماضي، فرضت قوات النظام السوري حصارًا على حي الشيخ مقصود، أدى إلى انقطاع المواد الأساسية عن المنطقة من بينها مادة الخبز.
بالمقابل، فرضت “قسد” حصارًا على مناطق نفوذ النظام السوري في المربعات الأمنية بمدينة الحسكة، التي تتوسط مناطق نفوذ “قسد” في المحافظة.
هل من تضييق على حركة السكان؟
خالد المقيم في حي الشيخ مقصود قال لعنب بلدي، إن حركة الدخول والخروج من الحي لم تتغير بالنسبة للمدنيين، ولم تتغير معاملتهم باستثناء التفتيش الدقيق في بعض الأحيان.
بينما استمرت الحواجز نفسها بفرض الإتاوات على البضائع الداخلة أو الخارجة من الحي، ما أدى إلى ارتفاع الأسعار فيه.
بينما اعتزم أصحاب المولدات المسؤولة عن تزويد المنازل بالكهرباء، تقليل معدل التزويد اليومي إلى أقل من النصف في ظل شح المحروقات اللازمة لتشغيلها، بحسب خالد.
“نيفين”، اسم مستعار لأسباب أمنية، وهي شابة كردية، قالت لعنب بلدي، إن الكهرباء تتوفر في بعض الأوقات بالنهار فقط.
وتابعت الشابة التي تقيم في حي الشيخ مقصود، أن انقطاع المحروقات شمل أيضًا مخصصات التدفئة، إذ لم تُوزع هذه المخصصات حتى الآن، رغم البرد الشديد مع دخول فصل الشتاء.
وبحسب ما يتداوله السكان في المنطقة، قالت “نيفين”، إن “تقنين” الكهرباء في المنطقة جاء للحيلولة دون انقطاع عمل فرن الخبز في حي الشيخ مقصود، حتى لا تتكرر حالة النقص التي شهدها الحي مطلع العام الحالي.
لا صهاريج خارج الحي
“نيفين” قالت لعنب بلدي، إنها تتردد إلى مناطق نفوذ النظام السوري في مدينة حلب بشكل شبه يومي، لكن لا صهاريج أو سيارات متوقفة على الحواجز.
وعادة تتشكل طوابير من السيارات عندما تُغلق الحواجز الطرق أمام الحركة التجارية في المنطقة، وهو ما حدث خلال المرات السابقة.
بينما تعتبر حركة الحواجز اعتيادية، مع حالة التفتيش الأمني المشدد على الحواجز بين الحين والآخر، بحثًا عن هواتف محمولة “غير مجمركة” أو عملات أجنبية قد يحملها السكان بحوزتهم.
ماذا تقول “قسد”؟
عنب بلدي توصلت مع أحد العاملين في قطاع النفط التابع لـ”قسد” بمحافظة الحسكة، للوقوف على آلية وصول النفط إلى مناطق نفوذها في حي الشيخ مقصود.
المصدر قال لعنب بلدي، إن “قسد” والنظام السوري يعتمدان آلية المقايضة على إيصال النفط إلى المربعات الأمنية التي يسيطر عليها النظام في الحسكة والقامشلي، وإلى حيي الشيخ مقصود والأشرفية في حلب.
وتُدخل “قسد” بشكل شهري حوالي 35 طنًا من النفط الخام إلى مناطق نفوذ النظام في الحسكة والقامشلي دون مقابل مادي، بينما يُدخل النظام الكمية نفسها إلى حيي الشيخ مقصود والأشرفية بشكل مجاني أيضًا.
المصدر أرجع أسباب عدم وجود أرتال من الصهاريج خارج حي الشيخ مقصود، إلى أن النظام لم يرسلها إلى المنطقة أصلًا، وبالتالي لم تصل إلى الحواجز.
في المقابل، قطعت “قسد” تزويدها للمربعات الأمنية في الحسكة بالنفط الخام.
وفي مطلع العام الحالي، تظاهر عدد من المدنيين وموظفي “الإدارة الذاتية” في حلب، بسبب حصار فرضته “الفرقة الرابعة” على مناطقهم.
ومنعت حواجز “الفرقة” حينها دخول السيارات المحمّلة بمادة الطحين إلى أفران الحي، تزامنًا مع أزمة معيشية تعانيها المنطقة.
وتعد تلك المنطقة الوحيدة التي تخضع لسيطرة “قسد” في مدينة حلب، بعد حملات عسكرية عدة شنتها تركيا باتجاه مناطق نفوذ “الإدارة الذاتية” شمالي المحافظة، أفضت إلى حسر نفوذها إلى أحياء صغيرة من مدينة حلب، وعدد من قرى ريف حلب الشمالي.