عنب بلدي – ديان جنباز
لا تزال قضية كلية الإعلام بجامعة “حلب في المناطق المحررة” بمدينة اعزاز في ريف حلب الشمالي تشهد بعض التجاذبات وتراشق الاتهامات بين أطرافها من طلاب وإدارة الجامعة، وسط مطالب للطلاب تنتظر الاستجابة.
ظهرت القضية للعلن منذ شهرين، بعد أن نشر طلاب في الكلية صورًا لرسائل في محادثة “واتساب”، قالوا إنها تهديدات وصلتهم من مجهولين، إثر خلافات مع عميد الكلية السابق، أحمد الطويل، متهمين الجامعة بتجاهل مطالبهم المتمثلة بتعيين الدكتور علاء تباب عميدًا، محمّلين إياها مسؤولية الرسائل.
ووقّع الطلاب على بيان لرئاسة الجامعة تضمّن عدة مطالب، بينها إقالة العميد أحمد الطويل، مبررين ذلك بـ”فساد وسلوكيات سلبية، وإهانته المتكررة للطلاب”، وفق قولهم، في حين يرفض طلاب قبول الدكتور تباب كعميد بعد “تجييشه ضد الجامعة”، حسب تعبير بعضهم.
ما القصة؟
بدأت القضية بحراك من الطلاب إثر “فساد إداري وتعليمي وأخلاقي” من قبل عميد كلية الإعلام والاتصال السابق، أحمد الطويل، وفق بيان نشره “طلاب كلية الإعلام المفوضون”.
واعتصم الطلاب في ساحة الكلية، مطالبين بوضع حد لتصرفات وسلوكيات العميد الطويل، وقدّموا بيانهم مكتوبًا وشفهيًا، متضمنًا عدة شكاوى متعلقة بالعميد وبعض الشخصيات، خلال مقابلتهم لجنة ومستشارين وعمداء كليات جامعة “حلب” ورئيس الجامعة.
وحمل البيان مطلبًا رئيسًا هو إقالة العميد أحمد الطويل، وتعيين الدكتور علاء رجب تباب (المقيم خارج الشمال السوري) عميدًا لها.
وعدت إدارة الجامعة بالاستجابة للمطالب، لكن مع بداية الفصل الدراسي استبعد برنامج الدوام الدكتور علاء تباب (كان يعطي دروسًا “أونلاين”)، وأبقى الدكتور الطويل عميدًا للكلية، الأمر الذي أعاد الاحتجاجات إلى نقطة البداية.
تهديدات للطلاب
احتج الطلاب على ما اعتبروه “التفاف الجامعة ومراوغتها”، لتخرج القضية عن نطاق الحرم الجامعي، وتصل إلى الإعلام، بعد تلقي بعض طلاب كلية الإعلام رسائل حملت تهديدات وصلت إلى حد التهديد بالقتل، حسب قولهم.
كرم داروخ، أحد طلاب كلية الإعلام، قال لعنب بلدي، إن العديد من الرسائل وصلته من أرقام غريبة وغير معروفة، وإنه بعد وصول الرسالة إليه يُحظر من الرد، وتصله رسائل من أرقام أخرى، حاملة تهديدًا صريحًا بالقتل ومطالب بالابتعاد عن قضية الاحتجاجات.
وأوضح كرم أن الرسائل وصلت بشكل مباشر لطلاب مشرفين وممثلين للدفعات الموجودة بالجامعة وهو أحدهم، واحتوى بعضها على ملفات “pdf”، أو رسائل مباشرة، كما وصلته مكالمة من رقم خاص أيضًا.
وحمّل كرم إدارة الجامعة مسؤولية تعرضه لأي خطر بعد رسائل التهديد، لأن بعضها حملت معلومات لا تعلمها سوى الجامعة والقائمين عليها، حسب قوله.
ووصلت الرسائل إلى كل من الطلاب نبيهة الطه، وعبد الله الدغيم، وهبة الله بركات.
ما رد الجامعة؟
بعد ارتفاع وتيرة الاحتجاجات، أجرت الجامعة بعض التغييرات ضمن الكادر التدريسي، منها تعيين الدكتور أحمد الطويل مدرّسًا لبعض المواد في قسم التاريخ بكلية الآداب.
النائب الإداري في الجامعة، الدكتور محمد رامز كورج، قال لعنب بلدي، إن القضية استقرت على تكليف الدكتور خالد قلعجي عميدًا لكلية الإعلام والعلوم السياسية، وتكليف الدكتور أحمد أسامة نجار نائبًا للعميد.
ونفى كورج وجود أي علاقة للجامعة بالرسائل التي حملت تهديدات للطلاب، دون إضافة توضيحات حول القضية ككل ومطالب الطلاب المستمرة.
ورغم التغييرات، لا تزال مطالب الطلاب ممن قابلتهم عنب بلدي حاضرة، معتبرين أن الجامعة تتعنّت وتتذرع بأسباب غير مقنعة لتحول بينهم وبين مطالبهم، إذ أُنهي عقد الدكتور علاء تباب، وأُقيل العميد أحمد الطويل، ومُنح تكليفًا في قسم آخر بالجامعة للعام الدراسي 2022- 2023، ولم يُنفّذ أي طلب من طلبات البيان.
“مطلب غير جماعي”
مطالب تعيين الدكتور تباب عميدًا للكلية قوبلت بانتقادات عديدة من طلاب قابلتهم عنب بلدي، وسألتهم عن الرغبة في تعيينه.
الطالب وممثل الهيئة الطلابية في معهد الإعلام، عمرو الدالي، أوضح أن الآراء لا تقتصر على طلاب دفعة أو دفعتين، إذ يوجد في فرع الإعلام خمس دفعات بين معهد وكلية، والجميع يحق له الاختيار والرأي، لا من يوافق رأيه رأي الدكتور تباب فقط.
وقال الدالي لعنب بلدي، إن الطلاب يُجمعون أنهم خسروا “قامة علمية” مثل الدكتور تباب، لكن ليس الجميع يطالب به كعميد، مشيرًا إلى أن جميع الطلاب يطالبون بعميد “مختص” لكن ليس عن طريق الطعن بالعميد السابق، أو المطالبة بشخص بعينه.
الدالي وهو أحد الحاضرين لاجتماع الطلاب مع رئاسة الجامعة حول المطالبة بتعيين تباب عميدًا، قال إن من طالب بتباب غيّر محور الحديث الذي دخل الطلاب من أجله، وليس الجميع على اتفاق بالمطالبة به، فبدأ بعض الطلاب بالطعن بعميدهم السابق، مطالبين بتعيين تباب عميدًا لهم، وأوضحت رئاسة الجامعة عدم وجود أي مشكلة بينها وبين تباب.
ولفت الدالي إلى أن الدكتور علاء، “ومع الأسف، أصبح يحارب من أجل منصب لا من أجل طلاب كما يدّعي ويقول”، ودليل ذلك أنه عندما يناقشه أحد الطلاب في أمر يخالف رأيه يقوم بحظره و”تدجينه” دون مناقشة، حسب تعبير الدالي.
وذكر الطالب أنه عندما يتهم الدكتور تباب الجامعة بالفساد هو لا يحارب عمادة الإعلام وطلاب الإعلام فقط، بل يحارب الجامعة بجميع اختصاصاتها.
من جهته، الطالب محمود نجار (طالب معهد إعلام سنة ثانية في جامعة “حلب الحرة”)، وبعد الإشادة بدور الدكتور تباب، ذكر أن إجماع بعض الطلبة على اختياره عميدًا لا يعني إجماعًا كليًا، وهناك العديد من الطلبة لا يفضّلونه كعميد للكلية.
وأوضح محمود أن الدكتور علاء نال المديح لأنه كان “صوتًا للطلاب الذين تعرضوا لسوء تقدير وقلة إنصاف من بعض المدرّسين”، لكنه يُنتقد حاليًا لأنه يسهم بـ”التجييش” ضد الجامعة والمدرّسين، معتبرًا أن اتهام الجامعة بوجود “فساد منظم” أمر غير مقبول، ولم يلحظ الطلبة صحة الاتهامات بـ”الفساد” في عميد الكلية السابق الدكتور أحمد الطويل.