كشف فيلم وثائقي لمحطة البث العام الدنماركية (DR)، إرسال الحكومة الدنماركية رسائل تهديد للاجئين سوريين أطفال، لإقناعهم بمغادرة الدنمارك طواعية بدلًا من تعرضهم لخطر الترحيل أو الاحتجاز لأجل غير مسمى.
ويعرض الفيلم الذي بُثّ مؤخرًا، بعنوان “هارب من الدنمارك”، قصصًا لأطفال سوريين بعضهم تعلم اللغة الدنماركية خلال فترة مكوثهم في البلاد، يتعرضون “لحملة الحكومة ضد اللجوء”، على اعتبار أن آباءهم يخضعون لإجراءات اللجوء، إذ استهدفت رسائل الحكومة الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عامًا.
ونقل الفيلم قصة لطفلة سورية (12 عامًا) تعيش وتدرس في الدنمارك منذ ثماني سنوات، تلقّت رسالة من دائرة الهجرة الدنماركية مفادها، “إن لم تغادري طواعية، فمن الممكن إعادتك قسرًا إلى سوريا”.
وعلى الرغم من تمديد تصاريح إقامة الطفلة وعائلتها لعامين بعد الرسالة، فإن وضعهم في ظل هذه الرسائل والتهديدات أبعد ما يكون عن كونه “مستقرًا أو مثاليًا”، وفق الفيلم.
وأعرب المرصد “الأورومتوسطي لحقوق الإنسان” عن قلقه البالغ إزاء إرسال الحكومة الدنماركية في إطار حملتها ضد اللجوء رسائل تهديد للاجئين سوريين أطفال، تقنعهم بمغادرة الدنمارك طواعية، في بيان صادر الأربعاء 7 من كانون الأول.
وأشار المرصد إلى أن الدنمارك الدولة الأوروبية الأولى التي قررت طرد اللاجئين السوريين، إذ صنفت مدينة دمشق “منطقة آمنة” على عكس الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ما تسبب بتجريد آلاف اللاجئين السوريين من تصاريح الإقامة وحق العمل منذ عام 2019، غير أن عمليات الإعادة لم تبدأ بعد.
وأوضح المرصد أن الحكومة الدنماركية لا تستطيع إجبار اللاجئين على العودة إلى سوريا، لأنها لا تتعاون مع النظام السوري، ولا يوجد بين البلدين اتفاقية، ولكنها تضع اللاجئين فيما يُعرف بـ”مراكز المغادرة” إلى أجل غير مسمى حتى يغادروا طواعية.
وقالت الباحثة في شؤون اللجوء والهجرة لدى المرصد “الأورومتوسطي” ميكيلا بولييزي، “تظهر الدنمارك مرة أخرى أنها ليست بلدًا يرحب باللاجئين أو طالبي اللجوء، وأنها لا تزال تقترب من هدف صفر طالبي لجوء، عبر محاصرة اللاجئين بمآزق قانونية أو في مراكز الاحتجاز”.
وأضافت أن 48% من تصاريح الإقامة الممنوحة للأجانب في الدنمارك عام 2021 كانت لأسباب تتعلق بالعمل، بينما مثّل طالبو اللجوء نسبة 1% فقط من مجموع الحاصلين على تصاريح الإقامة.
لم تعد آمنة
تسببت الحكومة الدنماركية بموقف قانوني معقّد للاجئين السوريين، إذ أجبر التهديد المستمر بالاحتجاز، وعدم الرغبة في العودة بسبب استمرار النزاع والخوف من ممارسات النظام، مئات السوريين على مغادرة الدنمارك في السنوات الأخيرة بحثًا عن الحماية في دول أوروبية أخرى مثل هولندا والسويد وألمانيا وبلجيكا بشكل رئيس.
وفي حين طُلب من معظم السوريين في الدول الأوروبية الثالثة العودة إلى الدنمارك بموجب اتفاقية “دبلن”، وضعت بعض المحاكم، مثل المحاكم الألمانية، تحويلات اللاجئين بموجب الاتفاقية قيد الانتظار لأنها لم تعد تصنّف الدنمارك مكانًا آمنًا للاجئين.
ودعا المرصد الحكومة الدنماركية إلى الامتثال للقانون الدولي والأوروبي، ولا سيما احترام وضمان الحق في طلب اللجوء ومبدأ “عدم الإعادة القسرية”، بما في ذلك حظر الإعادة القسرية غير المباشرة المتمثلة في خلق الدولة ظروفًا لا تترك للأفراد أي بديل حقيقي سوى العودة إلى بلدانهم الأصلية.
وفي أيلول الماضي، وقعت حكومتا الدنمارك ورواندا بيانًا مشتركًا لإنشاء آلية لنقل طالبي اللجوء من الدنمارك إلى رواندا، بحجة أن نظام اللجوء الدنماركي الحالي “معطل” ويحتاج إلى “حلول جديدة”.
وبررت الحكومة إرسال طالبي اللجوء الواصلين إلى الدنمارك إلى رواندا، بأنهم مهاجرون لديهم “موارد مالية كافية” لاستخدام مهربي البشر، وليسوا كفئة اللاجئين الأكثر ضعفًا، الذين يقيمون في مناطق النزاع والمناطق المجاورة.
–