قاطرجي يقتحم سوق المحروقات.. احتكار أكبر وتملص من الدعم

  • 2022/12/07
  • 2:48 م
محطة وقود قيد التجهيز في دمشق تابعة لشركة "B.S" في 7 من كانون الأول 2022 (الباحث السوري كرم شعار)

محطة وقود قيد التجهيز في دمشق تابعة لشركة "B.S" في 7 من كانون الأول 2022 (الباحث السوري كرم شعار)

في 5 من كانون الأول الحالي، أصدرت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك في حكومة النظام قرارًا يقضي بالسماح لشركة “B.S” ببيع المحروقات للفعاليات الاقتصادية من مادتي المازوت والبنزين، بسعر 5400 ليرة سورية لليتر الواحد من مادة المازوت، و4900 ليرة لليتر الواحد من مادة البنزين.

ورغم أن نسخة القرار الصادرة عن الوزارة لم تتضمن اسم الشركة، مكتفية بتوجيه القرار لما أسمته “الشركات الموردة للمشتقات النفطية”، فإن العديد من وسائل الإعلام المحلية نقلت قرار الوزارة بنسخة ذكرت اسم الشركة صريحًا.

ما شركة “B.S”

شركة “بي إس للخدمات النفطية”، هي شركة مقرها في لبنان، تابعة لـ”مجموعة قاطرجي الدولية”، يديرها الأشقاء الثلاثة محمد براء وحسام ومحمد آغا قاطرجي.

وبحسب موقع “من هم” المتخصص بالسير الذاتية للأشخاص ورجال الأعمال والشركات، تعمل الشركة في مجال الخدمات النفطية، ومن أعمالها تأمين حاجة الصناعيين من المازوت والفيول بالسعر “الحر” المحدد من قبل حكومة النظام السوري.

كما تعمل الشركة على استيراد النفط الخام وتكريره في مصفاتي “بانياس” و”حمص”، مقابل أجور مالية تُدفع للحكومة، ومُنحت مقابل ذلك الحق ببيع المشتقات النفطية الناجمة عن التكرير في السوق المحلية أو تصديرها.

وفي حزيران 2019، وضعت وزارة الخزانة الأمريكية شركة “B.S” على لائحة العقوبات، بالإضافة إلى شركات وكيانات أخرى، بسبب تسهيل وصول شحنات النفط الإيراني إلى النظام السوري.

وبحسب بيان الوزارة حينها، تعد شركة “B.S” واحدة من أكبر مستوردي النفط الخام إلى سوريا، إذ استوردت مئات الآلاف من الأطنان في عام 2018، باستخدام مجموعات متنوعة من ناقلات النفط وشاحنات الصهاريج.

وسبق للوزارة أن وضعت على لائحة عقوباتها أيضًا شركة “قاطرجي”، للعبها دور الوسيط بين النظام السوري وتنظيم “الدولة الإسلامية” (الذي كان يسيطر سابقًا على الآبار قبل الاستيلاء عليها من قبل “قسد”) عبر تسهيلها نقل شحنات نفطية بين الطرفين، بالإضافة إلى تزويد النظام بالفيول وشحنات أسلحة وتقديم الدعم المالي.

محطات “قيد التجهيز”

عقب قرار الوزارة، نشرت الشركة في بيان لها عبر صفحتها الرسمية في “فيس بوك” أسماء ست محطات وقود في ست محافظات مختلفة، قالت إنها “قيد التجهيز” لبيع المحروقات ضمنها قريبًا، دون أن تحدد الفئات التي ستباع لها المحروقات، منوهة إلى أنها مستمرة أيضًا ببيع المحروقات للفعاليات الاقتصادية.

ورغم عدم وجود حديث رسمي عن السماح لشركة “B.S” ببيع المحروقات للمواطنين عبر هذه المحطات، تداولت صفحات محلية أنباء تفيد بتحويل محطتي “الجد” و”القصور” بدمشق لإدارة “B.S” على أن تعمم التجربة لاحقًا على المحافظات الأخرى.

محطة وقود قيد التجهيز في دمشق تابعة لشركة “B.S” (الباحث السوري كرم شعار)

الباحث السوري بمجال الإدارة المحلية والاقتصاد السياسي في مركز “عمران للدراسات الاستراتيجية” أيمن الدسوقي، قال في حديث إلى عنب بلدي، إنه منذ عدة سنوات سُمح للقطاع الخاص المرتبط بشبكات النظام الاقتصادية باستيراد المشتقات النفطية، مثل شركة “B.S” التي تعد من أبرز موردي المشتقات النفطية للفعاليات الاقتصادية والتجارية.

وتأتي أهمية الشركة دونًا عن غيرها، بحسب ما يرى الدسوقي، لكونها مملوكة لقاطرجي، أبرز أمراء الحرب الصاعدين، وكونها أحد أهم موردي المشتقات النفطية من داخل وخارج سوريا، إلى جانب استخدامها أداة للتحكم بالفعاليات الاقتصادية والتجارية، بما تتيحه لها من مشتقات نفطية.

وحول رفع الحكومة أسعار المحروقات التي تبيعها هذه الشركة فقط، قال الدسوقي، إن ذلك قد يكون للتقليل من خسائرها، وضمان قدرتها على البقاء في السوق، وسط انخفاض قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية من جهة، وارتفاع أسعار المشتقات النفطية من جهة أخرى.

وبعد ساعات من قرار رفع الأسعار، قال العديد من الصناعيين والتجار، إنهم حصلوا على كميات جديدة من المحروقات بموجب الأسعار الجديدة، وذلك بعد أيام على عدم توفرها.

ويرى الباحث أيمن الدسوقي أن تفسير تمهل قاطرجي بتزويد الفعاليات الاقتصادية بالمشتقات النفطية لحين رفع أسعارها ربما يأتي لسببين، أولهما الضغط على الفعاليات الاقتصادية والتجارية لتقبل السعر الجديد للمشتقات النفطية، الذي يعتبر أرخص من سعر السوق السوداء، وثانيهما الانتظار لحين إفراغ الناقلات النفطية في المواني السورية، وحصوله على كميات منها بسعر معدّل، ما دفع إلى طرحها بالسوق بالسعر الجديد.

احتكار أكبر وتملص من الدعم

المحلل الاقتصادي والسياسي في شؤون الشرق الأوسط، الأكاديمي محمد صالح الفتيح، قال في تغريدة له عبر “تويتر”، إن افتتاح هذه المحطات إن حدث، من شأنه عمليًا إلغاء الوسطاء الصغار الذين يركبون الدراجات النارية ويتنقلون بين الأحياء وأحيانًا بين المدن، ويبيعون المحروقات لمن يرغب بـ”الليتر” أو بـ”التنكة”.

وأضاف الفتيح أنه إذا كان بعض الصناعيين مستعدين لدفع 20 ألف ليرة سورية ثمنًا لليتر الواحد من المحروقات، فالأولى أن يُلغى الوسطاء الكبار والصغار، وأن تُدفع هذه الأرقام بالتالي لمحتكر هذه التجارة، وسط تكرار كثيرين لمقولة “ارفعوا الأسعار، ولكن وفروا المادة”، أو “حررونا من السوق السوداء”.

واعتبر الفتيح أن هذا الأمر يشبه ما يجري في لبنان، حيث يحتكر ستة مستوردين تجارة المحروقات منذ عقود، مشيرًا إلى أنه ليس بالتطور المبشّر، إذ يعني علميًا إدراك “الأقلية المحظية” أن الضرع السوري ينضب، ما سيزيد من التنافس، وبدلًا من أن تحتكر “الأقلية المحظية” 20 أو 30% من الاقتصاد، ستحاول احتكار 70 أو 80% منه، وفق رأيه.

من جهته، قال الباحث في الاقتصاد السياسي أيمن الدسوقي لعنب بلدي، إنه عبر افتتاح هذه المحطات وبيع المحروقات للمواطنين بسعر “حر”، فإن نفوذ قاطرجي قد يتعزز أكثر في سوق المشتقات النفطية، الأمر الذي يتسق مع سياسة حكومة النظام في الانسحاب التدريجي من ملف دعم المشتقات النفطية.

مقالات متعلقة

أخبار وتقارير اقتصادية

المزيد من أخبار وتقارير اقتصادية