م. خليل آغا (مدرب إداري واستشاري)
دخلت حليمة إلى مكتبي وتبدو عليها علامات الهم وقالت: “أستاذ، كمدير للموارد البشرية أريد أن أشكو لك مشكلتي: إنني أشعر بالقلق، أعاني من الأرق ليلًا، لا أستطيع التركيز في عملي، بدأ تعاملي مع زملائي يسوء، أصبحت عصبية أغضب لأتفه سبب، فقدت السعادة في عملي، …”
لقد ذهبت إلى الطبيب وقلت له أريد أن تصف لي دواءً مهدئًا، ولكنني لا أريده أن يجعلني أشعر بالنعاس، لأنني أريد أن آخذه عندما أذهب إلى عملي. فقال لي الطبيب: لم يتم اختراع هكذا دواء بعد، مشكلتك نفسية وليست فيزيولوجية. لذلك قررت استشارتك، فما رأيك؟”.
أنا أعرف حليمة جيدًا، فهي مشرفة مثابرة على عملها يحبها من يعمل معها، وهي تحافظ دائمًا على الحالة النفسية لهم، فهي تحرص مثلًا كل ثلاثة أشهر على الأقل على إرسال رسالة شكر خاصة لكل موظف يتبع لها. فساءني ما وصلت إليه من حال.
فبدأت أنصحها بقولي:
المشكلة الرئيسية لديك سيدة حليمة هي أنك لا تنصرفين من العمل مطلقًا، فأنت على رأس عملك 24 ساعة، إما في المؤسسة أو خارجها، تفكرين بعملك، قد تظنين أن هذا جيد وهو من باب الإحساس بالمسؤولية، ولكنه حقيقة سينعكس سلبًا على أدائك، كما بدأت بالإحساس بذلك، وسيضر بك صحيًا وسيؤدي بالنتيجة إلى عدم استمرارك بالعمل على المدى البعيد.
أرجو منك سيدة حليمة أن تتوقفي عن التفكير بالعمل بمجرد انصرافك، لا تتابعي مجموعات الواتساب، والتلغرام الخاصة بالعمل خارج أوقات العمل، اطلبي من موظفيك صراحةً عدم التواصل معك خارج أوقات الدوام إلا في الحالات الطارئة فقط، خططي لعطلتك الأسبوعية بملئها بالنشاطات مع عائلتك، اختاري لنفسك هواية تمارسينها خارج العمل بحيث تستغرقك تمامًا.
سيدة حليمة أنا معجب بروح المسؤولية التي تتحلين بها تجاه العمل، ولكنني لا أريد أن أخسرك على المدى البعيد، رجاءً أعيدي التفكير وتعاملي مع وظيفتك على أنها عمل فقط، أعطيها حقها ضمن وقت العمل، وانصرفي من العمل حقيقةً نفسيًا وفكريًا عندما ينتهي وقت العمل.