“فيلق الشام” ينتقد “تحرير الشام” ويفتح ملفات سابقة
أعاد مسؤول المكتب الشرعي لفصيل “فيلق الشام”، الشيخ عمر حذيفة، الحديث عن “هيئة تحرير الشام”، مذكّرًا بعدة انتهاكات.
وانتقد حذيفة “تحرير الشام” صاحبة النفوذ العسكري في إدلب بعدة قضايا، وطالبها بإحالة بعض القرارات إلى محاكمها الشرعية، والالتزام بها.
وفُتحت اليوم موجة انتقادات طالت “تحرير الشام” لأحداث ومواقف واشتباكات جرت منذ سنوات، اتخذ حينها “فيلق الشام” موقفًا محايدًا، وطالته عدة اتهامات بـ”التواطؤ” مع “تحرير الشام”، وتسهيل الدخول لها لشن عملياتها على فصائل مختلفة قوبلت بنفي “الفيلق” مرارًا.
انتقادات ومطالب
أحدث المستجدات كانت مطالبة حذيفة بإحالة قرار إخلاء مقر ومكتب “الهيئة الشرعية” لـ”الفيلق” في مدينة إدلب، بعد أن اقتحمته “هيئة تحرير الشام” وأخرجت أعضاءه منه، إلى محاكمها الشرعية، واصفًا إياه بقرار “تشليح”.
وقال حذيفة عبر “تلجرام“، “طالما ما زالت (هيئة تحرير الشام) ترفع شعار الحكم بما أنزل الله، تفضلوا أحيلوا قرار تشليح المكتب الشرعي إلى المحكمة، والتزموا بما تخرج به محكمتكم من قرار”.
وذكر اليوم، الاثنين 5 من كانون الأول، أن “فيلق الشام” ملتزم بقرار محاكم “هيئة تحرير الشام”، لكنها لن تلتزم به.
ولم يصدر عن “تحرير الشام” أي تعليق على الانتقادات والمطالب التي ذكرها مسؤول المكتب الشرعي لـ”الفيلق”.
ما قصة المكتب الشرعي؟
في 13 من تشرين الثاني الماضي، طوّقت عشرات السيارات والعناصر المبنى وأغلقت المنطقة بالكامل، رغم أن جميع من في المقر لا يتجاوزون عشرة أشخاص ما بين شرعيين مناوبين وطلاب جامعات “ألجأهم الفقر للإقامة”، وفق حذيفة.
ولفت إلى أن إدارة منطقة إدلب وجّهت كتابًا منذ حوالي أربعة أشهر إلى “فيلق الشام”، تطالب فيه بإخلاء المقر خلال مهلة شهر من تاريخه.
وأضاف أن المبنى هو من “أسهُم غنائم فيلق الشام” يوم تم توزيع الغنائم على مكوّنات “جيش الفتح” في أعقاب السيطرة على مدينة إدلب، وأنه مبنى متهالك آيل للسقوط رممه “الفيلق” وجهّزه، وكانت الذريعة، وفق حذيفة، أن حكومة “الإنقاذ”، المظلة السياسية لـ”تحرير الشام”، تحتاج إلى جميع المباني الحكومية لاستخدامها في إدارة المحافظة.
ونوّه حذيفة إلى أن هناك الكثير من المباني الضخمة والحديثة مشغولة من قبل “تحرير الشام” في إدلب، وهي أصلح للحكومة من هذا المبنى المتهالك، الذي هو من بقايا الاحتلال الفرنسي، ولا يمكن تفسير “الإصرار الغريب” على تحصيل هذا المبنى بالذات من قبل “تحرير الشام” إلا لكونه يتبع للهيئة الشرعية لـ”الفيلق”، وفق حذيفة.
وبعد اقتحام المكتب، حمّل حذيفة “تحرير الشام” مسؤولية كل من يدخل إليه أو يعبث فيه أو ينتزع شيئًا من مكتبته أو أغراضه، سواء من “هيئة تحرير الشام” أو أحد فروعها.
“بغي وزيف”
وعبر منشور منفصل، في 1 من كانون الأول الحالي، ذكّر حذيفه بـ”بغي” “تحرير الشام” على عدة فصائل سابقًا، والتضييق على “المرابطين” على جبهات إدلب وحلب الجنوبي، واعتقالها أكثر من 300 شخص حينها، وتفريغ 23 نقطة رباط بليلة واحدة.
وتساءل حذيفة: “هل من يقوم بذلك حريص على جبهات وثغور وأمن المنطقة والحفاظ على (بيضة المسلمين) كما يدّعي؟”، مضيفًا أن “تحرير الشام” كسرت “هذه البيضة كلّها” بعدما قتلت وشرّدت المئات من “المجاهدين”.
وذكر حذيفة أن الواقع كفيل بإثبات كل شيء، و”سينكشف الزيف والعوار والخداع والخيانة كما انكشفت خيانة أبي القعقاع الأغاسي”، حسب قوله.
الشيخ محمود قول أغاسي، المشهور بـ”أبو القعقاع السوري”، اغتيل في 2007، ويعتبر ظاهرة جهادية ربما توصف بـ”النادرة” في سوريا، في ظل سيطرة حزب “البعث” على مقاليد الحكم، إذ اتخذه النظام وسيلة ليجعل من نشاطه “نقطة تجمع” يعرف من خلالها أصحاب الفكر الجهادي في سوريا للإيقاع بهم.
“حياد”.. اتهامات بـ”التواطؤ”
في حزيران الماضي، فتحت الاشتباكات والاقتتال بين مكوّنات في “الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، في مناطق ريف حلب، الباب واسعًا أمام اتهامات طالت “فيلق الشام”، بالتواطؤ وتسهيل دخول “هيئة تحرير الشام” إلى مناطق حلب بحجة “وقف الاقتتال”.
ووقعت اشتباكات بين فصيل “أحرار الشام- القاطع الشرقي” (الفرقة 32) و”الفيلق الثالث” (الجبهة الشامية)، دون أن تمنعها الفصائل المرابطة على نقاط ريف حلب، ما وضع الفصائل في دائرة الاتهام بالتواطؤ، ولا سيما فصيل “فيلق الشام” الذي تنتشر مواقعه شمالي حلب.
وقال “فيلق الشام”، إنه أبلغ “الجيش الوطني” ومكوّناته (الفيالق الثلاثة) بالحشود العسكرية، وطلب منهم إرسال قوات وتعزيزات للمنطقة، وقوبلت طلباته باكتفاء الفصائل بالبقاء في مناطق سيطرتها وترك “فيلق الشام” وحيدًا في منطقة مساحتها 30 كيلومترًا تفصل بين منطقتي إدلب وعفرين، وذلك بعد اقتتال لأيام انسحبت “تحرير الشام” على إثره إلى مناطق إدلب.
وتعود المواقف الحيادية لـ”فيلق الشام” إلى 2017، بعد سلسلة اقتتال داخلي قادتها “هيئة تحرير الشام” (“النصرة”، و”جبهة فتح الشام” سابقًا) مع العديد من الفصائل العسكرية، منها المواجهات العسكرية ضد حركة “نور الدين الزنكي” في ريف حلب الغربي.
وقال الشرعي في “الزنكي” حسام أطرش، في 11 من تشرين الثاني 2017، إن “الفيلق” سلّم حواجزه في الريف الغربي لـ”تحرير الشام”، وقدّم سياراته لتتنقل فيها وتنفذ عمليات الاختراق و”الانغماس” داخل جبهات “الزنكي”، الأمر الذي نفاه “الفيلق” مطالبًا الأطرش بإثباتات لما تحدث به.
اقرأ أيضًا: “فيلق الشام”.. دور شائك يخلط الأوراق العسكرية شمالي سوريا
“تحرير الشام” وسياسة الإقصاء
ظهرت “تحرير الشام” لأول مرة في سوريا نهاية 2012، تحت مسمى “جبهة النصرة لأهل الشام”، وهي فصيل تميّز بخروجه من رحم “القاعدة”، أبرز الفصائل “الجهادية” على الساحة العالمية، وأعلنت لاحقًا انفصالها عن أي تنظيم، واعتبرت نفسها قوة سورية محلية.
وتسيطر “تحرير الشام” عسكريًا وأمنيًا على محافظة إدلب وجزء من ريف حلب الغربي وريف اللاذقية وسهل الغاب، شمال غربي حماة، وعملت على بسط سيطرتها، من خلال حلّ بعض الفصائل وإزاحتها، ومصادرة أسلحتها، أو إجبارها على التماشي مع سياستها، ثم اتجهت لتفكيك الجماعات “الجهادية” التي يطغى المقاتلون الأجانب على تشكيلاتها العسكرية.
ولا تزال مصنّفة على لوائح “الإرهاب”، وتضع روسيا الفصيل ذريعة للتقدم في شمال غربي سوريا، ولا يزال “أبو محمد الجولاني”، وهو القائد العام لـ”تحرير الشام”، مُدرجًا ضمن المطلوبين لأمريكا، وبمكافأة تصل إلى عشرة ملايين دولار أمريكي لمن يدلي بمعلومات عنه.
“فيلق الشام”
شُكّل فصيل “فيلق الشام” في 10 من آذار 2014، من 19 فصيلًا وجماعة إسلامية معارضة في سوريا، وعملت هذه المجموعات على مساحات واسعة من الأراضي السورية ابتداء من محافظة حلب شمالًا وصولًا إلى العاصمة دمشق.
في 24 من آذار 2015، شُكّل “جيش الفتح” الذي أخرج مدينة إدلب من قبضة النظام السوري خلال أربعة أيام في 28 من آذار العام نفسه، وكان فصيل “فيلق الشام” جزءًا من هذا التشكيل، وتسلّم ياسر عبد الرحيم القيادة الميدانية لـ”فيلق الشام”.
وتقاسمت الفصائل العديد من المباني والمنشآت الحكومية في المدينة تحت اسم “غنائم”، وتولت إدارتها، وحتى بعض المنازل والتجمعات السكنية.
ويعتبر من أبرز الفصائل المقربة من تركيا، وفي تشرين الأول 2015، اعتبر معهد “دراسة الحروب” أن “فيلق الشام” واحد من “سماسرة السلطة” في سوريا، ويتلقى دعمه خارجيًا من تركيا أولًا ثم قطر، يليها “الإخوان المسلمون”.
وصنّفته الدراسة على أنه فصيل “سياسي إسلامي” يقاتل النظام السوري، بالإضافة إلى قتاله ضد تنظيم “الدولة الإسلامية” و”جبهة النصرة”.
يتبع “فيلق الشام” حاليًا لـ”الجبهة الوطنية للتحرير” التابعة لـ”الجيش الوطني السوري” المدعوم من تركيا، والمنضوية في غرفة عمليات “الفتح المبين” مع “تحرير الشام”، وتملك نقاطًا عسكرية في العديد من مناطق إدلب وحلب.
ويعتبر “فيلق الشام” أحد أكثر الفصائل العسكرية قربًا من تركيا، وكان يرافق الأرتال التركية والدوريات في إدلب، والدوريات المشتركة الروسية- التركية على الطريق الدولي حلب- اللاذقية (M4)، التي جاءت كأحد أبرز بنود اتفاق “موسكو”، الموقّع في 5 من آذار 2020، بين الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، ونظيره الروسي، فلاديمير بوتين.
–
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :