عمليات قتل جماعي ورمي بالرصاص وذبح بالسكاكين وإحراق مدنيين داخل أقبية أبنية لجؤوا إليها خلال القصف، توثيق غير كافٍ لوصف المجزرة التي ارتكبتها قوات النظام وميليشيات عراقية في مدينة النبك بريف دمشق في 2013.
يوافق اليوم، الاثنين 5 من كانون الأول، مرور تسع سنوات على اقتحام قوات النظام السوري والميليشيات العراقية، وعلى رأسها “لواء ذو الفقار” و”لواء أبو الفضل العباس” و”حزب الله” اللبناني، مدينة النبك، مرتكبة فيها مجزرة أسفرت عن مقتل 362 مدنيًا بينهم 102 طفل و92 سيدة.
ما الذي حدث؟
بدأت هذه القوات، منتصف تشرين الثاني 2013، حملة عسكرية للسيطرة على مدن وبلدات القلمون بريف دمشق المطلة على طريق دمشق- حمص.
وسيطرت قوات النظام على مدينتي دير عطية وقارة بسهولة بعد معارك متفرقة مع مجموعات من المعارضة، إلا أنها لم تستطع السيطرة على مدينة النبك بنفس الوتيرة.
وفي 20 من تشرين الثاني 2013، تحولت العمليات العسكرية لقوات النظام وميليشياته إلى النبك، واستمرت 13 يومًا، شملت قصفًا مدفعيًا وصاروخيًا وغارات بالطيران الحربي على المدينة ومحيطها، قبل اقتحام المدينة وارتكاب مجازر فيها استمرت لأيام.
ووثّقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 362 مدنيًا، بينهم 102 طفل و92 سيدة، واستمرت عمليات البحث عن الجثث حتى 27 من كانون الأول 2013، ولم تسلم ممتلكات المدنيين من عمليات نهب، بحسب ما تحدث به ناجون من المجزرة لـ”الشبكة السورية“.
وذكرت “الشبكة السورية” أن ما حدث هو “جريمة حرب كاملة الأركان”، وحدثت بتوجيهات عليا وهي سياسة دولة، ونُفّذ بعضها على نحو طائفي.
يوثّقون إجرامهم
وجرى توثيق هذه المجزرة بعدسات الجناة أنفسهم التابعين لهذه القوات والميليشيات، ومع بدء الهجوم، نشرت صفحات في مواقع التواصل الاجتماعي لشخصيات موالية للنظام وللميليشيات الأجنبية، صور الجناة وهم يطلقون النار على المدنيين أو يعذبونهم.
وتناقلت تسجيلات مصوّرة حديث بعضهم خلال مشاركتهم في أعمال القتل بمدينة النبك، ورسم الشعارات الطائفية على جدران المدينة.
ولا تخفى صورة قائد ميليشيا “ذو الفقار”، “أبو شهد الجبوري”، وهو عراقي الجنسية، عن أذهان أهل المدينة والسوريين، وهو يقتاد مسنًّا مُكبّلًا بحبل وهو ينزف، يدعى منير عبد الحي، قبل أن تظهر صورة أخرى لـ”الجبوري” واقفًا فوق جثمان الرجل بعد قتله.
ونشرت هذه الصفحات صورًا لأطفال يقاتلون ضمن هذه الميليشيات، وعناصر أفارقة وآسيويين.
وقُتل “أبو شهد الجبوري” في شباط 2014، بعد اشتباكات مع عناصر “الجيش الحر” بمدينة درعا جنوبي سوريا.
قوات النظام تؤمّن التغطية
وأمّن رئيس فرع “الأمن العسكري” في النبك، مازن الكنج، الذي كان حينها برتية عقيد، التغطية الأمنية والعسكرية للميليشيات العراقية و”حزب الله” خلال المجزرة، كما قاد حينها مجزرة حي التفاح في دير عطية، بحسب ما جاء في كتاب “القائمة السوداء” (صفحة 283)، الذي أصدرته منظمة “مع العدالة” المعنية بملاحقة مجرمي الحرب في سوريا.
وكانت “الفرقة الثالثة” بالقلمون من أبرز قوات النظام المشاركة في العملية العسكرية، بقيادة اللواء سليم بركات ونائبه اللواء عدنان إسماعيل، وكان في قيادة العمليات العسكرية بالمنطقة حينها اللواء موفق محمد أسعد، الذي كان مستشارًا في وزارة الدفاع.
واعتُبرت النبك حينها طريقًا استراتيجيًا وخط إمداد لفصائل القلمون الغربي، التي كانت تشارك في معركة السيطرة على مستودعات “مهين” بريف حمص الشرقي.
وكانت فصائل معارضة أطلقت معركة للسيطرة على مستودعات “مهين” في تشرين الأول 2013، أبرزها “جيش الإسلام” (قطاع القلمون)، و”تجمع القلمون الشرقي” (كتائب أحمد العبدو لاحقًا)، و”جبهة النصرة” قطاع القلمون (“هيئة تحرير الشام” حاليًا بعد اندماجها مع فصائل أخرى)، و”مغاوير القصير”، و”حركة أحرار الشام”، إضافة إلى كتائب مستقلة من القلمون.
ومنع شن النظام معركة على النبك وصول معظم أسلحة فصائل القلمون الغربي التي استولت عليها من مستودعات “مهين”، كما قطع طريق دمشق- حمص، وسبّب حينها نقص محروقات في دمشق وريفها، وتحويل طريق السيارات الفرقلس- التنف- أبو الشامات.
وجاءت سيطرة النظام على النبك بعد انسحاب فصائل المعارضة فجأة من المدينة، في 9 من كانون الأول 2013، إذ كان من المتوقع حينها أن تصمد بشكل أكبر نتيجة وجود مقاتلين منضوين ضمن مجموعات كـ”كتائب النور” وكتائب ومجموعات أخرى، ويمتلكون عددًا كبيرًا من الأسلحة.
–