أعلنت القيادة المركزية الأمريكية أن مقتل زعيم تنظيم “الدولة الإسلامية” جاء خلال معارك بين الأخير ومقاتلي “الجيش السوري الحر” جنوبي سوريا.
وجاء إعلان “القيادة المركزية” في بيان صحفي، مساء الأربعاء 30 من تشرين الثاني، عبر موقعها الرسمي، ذكرت فيه أن “أبو الحسن الهاشمي القرشي” زعيم التنظيم قُتل في منتصف الشهر الماضي.
وأشار البيان إلى أن تنظيم “الدولة” لا يزال يشكّل تهديدًا للمنطقة، في حين “تعمل القيادة المركزية مع شركائها في المنطقة على هزيمته”.
لماذا “الجيش السوري الحر”؟
توصيف البيان الرسمي الأمريكي للفصائل المحلية في الجنوب السوري بـ”الجيش السوري الحر” ورد للمرة الأولى منذ عام 2018، عندما سيطر النظام وروسيا على الجنوب السوري بالكامل.
من جانبه، قال الباحث مع المتعاقدين الحكوميين مزاحم السلوم، إن التوصيف الأمريكي للفصائل المحلية في درعا يأتي على قسمين، تقني وسياسي.
وفي إطار القسم التقني قال السلوم، إن احتمالية حدوث سوء فهم خلال نقل المعلومات وارد، وحدث في مرات سابقة، لكن لا يمكن الجزم حوله إلا في حال نشر توضيح أمريكي حول هذه التسمية.
أما في سياقه السياسي فاعتبر الباحث أن حلفًا جديدًا شُكّل حديثًا في سوريا، وهو تحالف روسي- إيراني من جهة، وآخر أمريكي- إسرائيلي من جهة أخرى، واقتضى هذا التحالف ترويج أمريكا لوجود حلفاء لها بالجنوب السوري للتمدد باتجاه المنطقة.
وتشكلت الصورة الواضحة لهذا التحالف، بحسب السلوم، مع الاحتجاجات الأردنية- الإسرائيلية على النشاط الإيراني في الجنوب السوري، وهو موجه لروسيا بالتحديد، كونها الضامن لاتفاق “التسوية” الذي سيطر بموجبه النظام على الجنوب السوري.
قيادي في “اللواء الثامن” المشارك في العمليات ضد تنظيم “الدولة” بالجنوب السوري، وافق على الحديث لعنب بلدي بشرط عدم ذكر اسمه، واعتبر أن المسمى الذي أطلقته أمريكا على فصائل الجنوب السوري هو “ذريعة لإنشاء غرفة (موك) جديدة”.
“موك” هي غرفة لتنسيق الدعم كان مقرها الأردن، ومهمتها تنظيم الدعم العسكري لفصائل المعارضة في الجنوب، وانتهى عملها في المنطقة مع سيطرة النظام عليها في تموز 2018.
شركاء جدد للتحالف؟
الباحث السياسي في مركز “جسور للدراسات” فراس فحام، ذهب في تحليله أبعد من ذلك، إذ يرى أن أمريكا تحاول التلويح بعلاقتها مع فصائل “الجيش الحر”.
وأضاف فحام أن أمريكا حاولت التأكيد من خلال مسمى “الجيش السوري الحر” أن لديها شركاء في محاربة تنظيم “الدولة” بعيدًا عن المكوّن الكردي في سوريا.
كما أن احتمالية إعادة التلويح بـ”الجيش الحر” من الولايات المتحدة يمكن أن تكون مؤشرًا على تمدد عمل التحالف باتجاه محافظة درعا.
“التلويح بإعادة دعم (الجيش الحر) للضغط على روسيا في سياق التوتر الأمريكي- الروسي المرتفع في مختلف الساحات الدولية”، أضاف فحام.
الحملة ضد التنظيم بدرعا
وفي منتصف تشرين الأول الماضي، شنّت فصائل محلية في درعا (فصائل المعارضة سابقًا) حملة أمنية وعسكرية ضد خلايا للتنظيم في مدن جاسم، واليادودة، ودرعا البلد، استمرت حتى منتصف تشرين الثاني الماضي.
اقرأ أيضًا: درعا.. كيف تمددت “إمارة الدولة الإسلامية” في جاسم
وفي خضم العمليات العسكرية التي شهدتها مدينة جاسم منتصف الشهر الماضي، قال قائد عسكري مشارك بالعمليات لعنب بلدي، إن التنظيم كان ينوي الإعلان عن “إمارة” تابعة له في المدينة، بحسب معلومات حصلت عليها فصائل المنطقة من وجهاء مقربين من خلايا التنظيم، وهو ما دفع لإطلاق عمل عسكري ضدها.
وأضاف القيادي (تحفظ على ذكر اسمه لأسباب أمنية)، أن قرار إطلاق الحملة الأمنية جاء بعد التشاور بين قادة المجموعات المحلية، تفاديًا لـ”صبغ المدينة بالسواد”.
النظام يحاول خطف الحدث
مع اللحظات الأولى لنشر القيادة المركزية الأمريكية بيانها، حذفت وسائل إعلام مقربة أو موالية للنظام السوري كلمة “الحر”، ونقلت البيان على أنه إنجار لـ”الجيش السوري”.
ومع انتشار البيان الأمريكي في مواقع التواصل الاجتماعي، أعادت وسائل إعلام النظام حذفه، ومنها جريدة “الوطن” (مقرها دمشق).
محاولات النظام تصوير الحرب ضد التنظيم في الجنوب السوري على أنها من إنجازات قواته المسلحة ليست جديدة، إذ سبق وتحدث عدة مرات عن أن قواته تقود المعارك في درعا، وهو ما نفاه مقاتلوه وقادة في الفصائل المحلية عدة مرات.
اقرأ أيضًا: النظام ومقاتلو درعا.. سباق لتبني مقتل “سيف بغداد”
–